استشهاد الأسير ناصر أبو حميد
أعلنت هيئة شؤون الأسرى والمحررين، فجر اليوم الثلاثاء 20 ديسمبر 2022، رسميًا، استشهاد الأسير ناصر أبو حميد، بسبب جريمة الإهمال الطبي المتعمد من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي.
وكانت الهيئة قد أعلنت قبل ساعات انتهاء زيارة الاسير ناصر أبو حميد من قِبلْ والدته وأشقائه في مستشفى أساف هيروفيه الاسرائيلي، والتي حملت أخبار محزنة وموجعة، وصلت الى وداعه من قبل ذويه قبل مغادرتهم المستشفى، لخشيتهم من أن يكون لقاؤهم الأخير بابنهم قبل استشهاده.
وأوضحت الهيئة أن الزيارة التي تمت بتدخل شخصي من قبل أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ورئيس هيئة الشؤون المدنية الوزير حسين الشيخ ، والتي أشرفت اللجنة الدولية للصليب الأحمر على ترتيباتها اللوجستية، كانت وفقاً لخطورة حالة ناصر غير المسبوقة.
وبحسب مكتب إعلام الأسرى، فإنه وباستشهاد الأسير ناصر أبو حميد يرتفع عدد شهداء الحركة الأسيرة في سجون الاحتلال إلى 232 شهيدا.
في حين قالت وزارة الأسرى والمحررين ب غزة : "نؤكد في هذا المصاب الجلل أن الاحتلال مازال يتعمد ارتكاب الجريمة، ويمتهن القيم الإنسانية، ويتجاوز بكل وحشية الأعراف البشرية والقوانين الدولية من خلال استمرار ممارسة السياسة المُميتة المتمثلة بالإهمال الطبي المتعمد والقتل الممنهج على الأسرى المرضى".
من هو الأسير ناصر أبو حميد:
اسمه ناصر محمد يوسف أبو حميد، ولد عام 1972، لأسره لاجئة من قرية السوافير الشمالية في غزة، وقد انتمى إلى حركة "فتح"، وكان أحد كوادرها في الانتفاضة الأولى، وكان للجماهير في المظاهرات هتاف باسمه شخصياً، واعتقل في الانتفاضة الأولى، وافرج عنه عام 1994 بعد توقيع اتفاق القاهرة.
ولأن النضال لدى ناصر "طبيعة" وليس "عارضاً" فقد استعاد نشاطه في مؤسسات فتح التنظيمية، وأصبح من قادة كتائب شهداء الأقصى في الضفة الغربية أثناء الانتفاضة الثانية "انتفاضة الأقصى"، وبعد اعتقاله أصبح من قادة الحركة الأسيرة، ومثَّل المعتقلين في مواجهة إدارة مصلحة السجون.
وقد وجه أبو حميد رسالة باسم الأسرى أثناء إضرابهم الشهير عام 2017، بعد 34 يوما من إضرابهم، جاء فيها: "لا زلنا نطرق أبواب الزنازين من "شطة" إلى "عسقلان"، ومن "نفحه" إلى "النقب"، ومن "الجلمة" إلى "أيلون"، ومن عزل "مجدو" إلى "هداريم" و"السبع" و"نيتسان"، جيش باسل من خيرة أبناء هذا الشعب، نصرخ مكبّرين ومهلّلين ومتحدّين للسّجان وبطشه وإجرامه الوحشي".
وأضاف: "34 يوماً وما زلنا نتنفّس الحرّية والكبرياء، نسير إلى الموت مبتسمين، ونتربّع على بطانية سوداء هي كل ما تركوه لنا حول كأس ماء وقليل من الملح، نغنّي للوطن ولربيع الانتصار القادم، عن أجسادنا لا تسألوا فلقد خانتنا وتهاوت منذ أيام، أما عن أرواحنا وإرادتنا نطمئنكم فهي بخير، صامدون كما الصّخر في عيبال والجليل، أقسمنا اليمين على أن نواصل حتى النّصر أو الشهادة، وعاهدنا أرواح الشهداء ألا تكون هذه المعركة إلا شمعة انتصار نضيئها بأرواحنا وأجسادنا على درب الحرية والاستقلال."
اعتقل أبو حميد أول مرة عندما كان في الثالثة عشرة، بعد أن أصيب أصابه بالغة عام 1990، وحاول الاحتلال اغتياله أكثر من مرة بعد أن تحول إلى مطارد، في الثاني والعشرين من نيسان 2002، اعتقل برفقة أخيه نصر في مخيم قلنديا ورافق اعتقاله الاعتداء عليه وإصابته إصابات بالغة، وتعرض لتحقيقٍ قاسٍ، وحكم عليه بالسجن سبع مؤبدات وثلاثين عامًا.
عدا عن ذلك، فهو شقيق الشهيد عبد المنعم أبو حميد، وشقيق الأسير نصر المحكوم بخمسة مؤبدات، وشريف المحكوم بأربعة مؤبدات، ومحمد المحكوم بمؤبدين وثلاثين عاما، وإسلام المحكوم بمؤبد وثماني سنوات.
هدم الاحتلال منزل عائلة أبو حميد خمس مرات، ومنع أمه من زيارته لسنوات، وقد أُطلِقَ على والدته لقب "خنساء فلسطين" و"سنديانة فلسطين"، وقد توفي والده وهو داخل السجن، ولم يتمكن من المشاركة في تشييع جثمانه، وقضى في سجون الاحتلال أكثر من 30 عامًا.
ناصر أبو حميد من المناضلين الذين آمنوا بأن الأرض تنادي أبناءها، فاستجابوا لندائها دون أن يفكروا ولو للحظة بما سيخسرونه من أعمارهم.