كنت قد عكفت على إعداد لقاء يجمع الشبان والمهتمين بالقراءة في لقاء دوري شهري تحت عنوان (قراءة في كتاب)، أشرفت عليه وزارة الثقافة الفلسطينية مشكورة وحرصت على إنجاحه بكافة السبل المتاحة.

هذا اللقاء وغيره من اللقاءات تعمل على إثراء العقل بالوعي والفكر والثقافة حيث يتم تبادل الخبرات وتناول الجديد خلال كل لقاء، وعلى هامشه يتم تناقل الكتب وتبادلها، كما يحدث غالباً الخوض في مناقشة أي إصدار جديد والاحتفاء بصاحبه إن كان يقطن في غزة . وأحياناً ننتقل في ذلك اللقاء الجميل إلى قراءة بعض النصوص والمقتطفات الهامة التي يراها الحضور ذات أهمية ولها تأثير إثرائي إيجابي.

مثل هذا النشاط لا يجب أن يتوقف، بل يجب أن ينتقل من جانب اللقاء الثقافي والفكري إلى العملي والبحثي. بمعنى أن يكون هناك لقاء لقراءة كتاب علمي (فيزيائي/ كيميائي..إلخ) ومناقشته، وكذلك لقاء فلسفي وتاريخي وديني وسياسي، حتى يكون هناك حواضن حقيقية ومستمرة للجميع في سبيل إذكاء العقول ورقيها.

وربما سوء الحال الذي تعيشه المنطقة العربية دفع بتجاوز موضوع اللقاءات الثقافية، إلا أن المرجو اليوم ألا يندثر. وهو دور المؤسسات المحلية والعربية جميعها حتى تنهض الأمة.

ولعل أكثر ما يؤلم النفس أن أمة اقرأ التي كانت منارة للعلم والفكر ذابت في ملذاتها وتاهت بين شهواتها حتى أصبحت في ذيل الأمم. وكم احزنني أن أقرأ على سبيل التهكم بأن الغرب يفكر أن يصنع أمراً مهماً على كوكب المريخ في حين أن العربي جل اهتمامه (ا فتح هذا الرابط لتشاهد الفنانة س عارية على شاطئ البحر). ونحن لا نلقي باللوم في هذا على الغرب لأن نظرية المؤامرة ليست سوى تبرير العاجز والمقيد بتبعيته لولي النعمة. إن من يتحمل المسؤولية الحقيقية هي الأنظمة الحاكمة والمؤسسات الدينية وعبيد الأنظمة من المطلبين والمتزلفين. حتى صار بنا الحال إلى ما وصلنا إليه اليوم.

إننا بحاجة ماسة وحقيقية اليوم لإثراء العقول. بحاجة لندوات ولقاءات، ولو كان لدينا شيء من الهمة لجعلنا من شهر رمضان منارة للتثقف. فهذا شهر القرآن، وشهر التعبيد وهو أيضاً شهر التفكر والتعلم والتطور لأنه شهر القرآن الذي نزل إلى هذه البسيطة لينظم حياة أفرادها، لا ليظلمهم ولا ليقهرهم كما يعتقد البعض مما يراه من سلوكيات مشوهة يقوم بعض كثير من السذج الذين اتبعوا أهواءهم السادية. وإننا بحاجة لجعل كل الشهور بوابات للتفكر والتبصر والمتابعة دون وضع تابوهات من صنع أنفسنا كمن حرموا على أنفسهم أشياء ما أمر الله بتحريمها.

(قراءة في كتاب) مشروع جميل بحاجة لتعزيز، فهل المؤسسات اليوم قادرة على الشروع بتنفيذه.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد