لطالما قارن الفلسطينيون من سكان  غزة  معاناتهم على معبر رفح مع مصر في السفروحرية الحركة والتنقل، والقيود والشروط المصرية للسماح لهم بالسفر، بالمعاملة التييتلقاها فلسطينيو الضفة الغربية الذين يسافرون عبر معبر “الكرامة” مع المملكة الأردنية. والانطباع السائد هو أن شروط السفر لسكان الضفة الغربية أسهل.

لكن بعد تفاقم أزمة مطار رامون الإسرائيلي في صحراء النقب، ومحاولة إسرائيل منحالفلسطينيين من الضفة الغربية إمكانية السفر إلى الخارج عبره، تغير الأمر. 

مطار رامون الذي  يعتبر قاصراً من الناحية الاقتصادية، لم يستخدمه إلا عدد قليل منالمسافرين اليهود، والاعتقاد أن بإمكان الفلسطينيين من الضفة الغربية إنقاذه من الفشل،أمر غير واقعي.

يأتي ذلك في ظل سلسلة خطوات تندرج تحت ما يسمى “النوايا الحسنة” الإسرائيليةفي سياق إعادة “بناء الثقة” مع الفلسطينيين، والتسهيلات  الاقتصادية التي تقدمها لهم،أو ما يسمى بـ”السلام الاقتصادي” الذي تندرج في إطاره نظرية تقليص الصراع، علىحساب حقوق الفلسطينيين السياسية وغياب فرص الأفق السياسي.

من جهة ثانية، تقول وسائل إعلام إسرائيلية، إن استخدام الفلسطينيين المطار هو جزء مناتفاق شبه سياسي سيتنازل بموجبه الفلسطينيون عن مساعيهم لمحاكمة إسرائيل فيالمحكمة الجنائية الدولية.

لماذا رامون؟

أطلق على المطار اسم “رامون” تخليداً لذكرى إيلان رامون، وهو عالم الفضاء الإسرائيليالأول الذي صعد إلى الفضاء، والذي بعد سنوات طويلة من الخدمة في سلاح الجوالإسرائيلي انتقل إلى الولايات المتحدة عام 1997 للتدرب على السفر إلى الفضاء. بعدخمس سنوات من التدريب لدى وكالة “ناسا” الفضائية، انطلق المكوك “كولومبيا” لكنه لميعد، بل انفجر وقتل جميع من فيه.

ورامون هو أحد  قادة الهجوم على المفاعل النووي العراقي وتدميره في العام 1980.

المطار افتتح عام 2019، ويبعد نحو 340 كيلومتراً من مدينة  القدس . وخلال بناء مطاررامون، تنكرت إسرائيل للبروتوكولات العالمية المتعلقة ببناء المطارات، والتي تشرف عليهاالمنظمة العالمية للطيران المدني، وذلك لأنها لم تراع المسافات الواجب الحفاظ عليها بينالمطارات، وتجاهلت وجود مطار الملك حسين في مدينة العقبة، الذي يبعد كيلومترات قليلة،ما قد يتسبب بحوادث جوية واضطرابات في حركة الطائرات بسبب المزاحمة على الإقلاعمن والهبوط في مطارين محاذيين. ولم تظهر أي معارضة أردنية للقرار الاسرائيلي.

راهناً، أعلنت إسرائيل السماح لمجموعة من فلسطينيي الضفة الغربية بالسفر  عبر مطاررامون، في رحلة  إلى قبرص. مع أنها كانت لمرة واحدة وبترتيب خاص بحسب ما أعلنتاسرائيل في بيان عن تأجيل برنامج الرحلات لأسباب غير معروفة. 

وعلى اثر ذلك  وخلال  الأيام الماضية أثير  جدل ما زال مستمراً في الساحتين الفلسطينيةوالأردنية، وتفجر خلاف شديد بينهما، وتوجيه الاتهامات للفلسطينيين بالتطبيعوالخيانة. بخاصة في ظل الأضرار الاقتصادية  المتوقع أن تلحق بالشركات السياحيةالاردنية من تحول سفر الفلسطينيين عبر مطار رامون، كونه وسيلة ارخص واسرع، برغمالقيود والشروط الاسرائيلية على المسافرين الفلسطينيين، الذين يواجهون التضييق أيضاًفي المعابر والمطارات العربية.  

 

شارك في الهجوم على الفلسطينيين، صحافيون وكتاب ومسؤولون حكوميونوشخصيات محسوبة على الجانب الرسمي الأردني، مع مطالبات شعبية ومن أعضاءالبرلمان الفلسطيني بعدم السفر والتعامل مع مطار رامون. وأكد رئيس الوزراء الأردنيبشير الخصاونة في تصريح، التزام الأردن بتسهيل عبور الفلسطينيين، من خلال معبرالملك حسين إلى المملكة، وعبرها إلى دول العالم من خلال مطار الملكة علياء الدولي.

وإثر ذلك، بدأت الأمور تتضح، وعبر الفلسطينيون عن رفضهم المعاملة القاسية والمهينةالتي يواجهونها وطالبوا بتسهيل مرورهم من الأردن حتى لا يضطروا إلى استخدام مطاررامون، عبر نقاط عدة، منها إلغاء ضريبة الدخول للأردن (10 دنانير)، والضغط علىالسلطة وإسرائيل لتخفيض ضريبة الخروج 158 شيكلاً نحو 50 دولاراً أميركياً،وتخفيض سعر المواصلات من “الجسر” أي معبر الملك حسين، إلى جميع المناطق الاردنيةوخصوصاً إلى مطار الملكة علياء الدولي.

وطالبوا بإلغاء شباك 10 المخصص لإذلال المواطنين الفلسطينيين وتأخيرهم، خصوصاًأبناء قطاع غزة الذين يعيشون في الضفة، والذين يخضعون للتحقيق والمضايقة الأمنية،إضافة إلى السماح للأسرى المحررين بدخول الاردن، وعدم حظرهم من قبل المخابراتالأردنية.

والسؤال هو إذا كانت قوات الاحتلال تسمح للفلسطينيين بالسفر فكيف تمنعهم السلطاتالأردنية من  السفر الى الاردن او المرور منه للسفر عبر المطار؟

من المطالب ايضاً إلغاء فوري للمنصة وتعبئة الكرت الابيض، اذا يسمح للفلسطينيينبالتسجيل عبر منصة إلكترونية قبل السفر.

وهناك الكثير من المطالب التي لا تعتبر ترفاً لكنها ملحة لجعل السفر مقبولاً وآدميا.وربمايعتقد البعض انها غير مهمة في ظل القيود المفروضة على حرية الحركة والسفر من قبلسلطات الإحتلال الإسرائيلية، والمعاناة اليومية والشروط التي تضعها عند السفر للخارجوالعودة للضفة والاعتقالات والاستدعاء من قبل المخابرات الإسرائيلية، ومحاولات ابتزازالفلسطينيين.

قصص معاناة الفلسطينيين لا توصف سواء على معبر رفح أو معبر الكرامة في الضفةالغربية، ولا يوجد فلسطيني واحد لم يتعرض أثناء سفره للمضايقة والإهانة والمعاملةاللاإنسانية والانتظار الطويل بدون اي مبرر، إضافة الى سوء الإدارة وعدم نظافة المعبرينالمصري والأردني.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد