اللجنة الدولية للصليب الأحمر تصدر بيانا حول العدوان الأخير على غزة
أصدرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر اليوم الأربعاء بيانا حول العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة .
وفيما يلي نص البيان كما وصل "سوا":
إسرائيل والأراضي المحتلة: لا بد من حلول سياسية لإيقاف دوائر العنف
اللجنة الدولية – بيان
10 آب/أغسطس 2022
بيان من المدير الإقليمي لمنطقة الشرق الأدنى والأوسط باللجنة الدولية، السيد فابريزيو كاربوني:
جنيف (اللجنة الدولية) – مع كل جولة جديدة من العنف يشهدها قطاع غزة وإسرائيل تندلع أزمة أمل، إذ لا يلبث تجدد القتال أن ينكأ الجراح على الجانبين. ولا سبيل لإيقاف دوائر العنف التي تبدو عصية على الحل والأزمات الإنسانية التي ترافقها سوى باتخاذ خطوات سياسية، ولا بد من تسريع وتيرة هذه الخطوات.
ولا شك أن الأثر العميق الذي تُحدِثه هذه الأزمة في الصحة النفسية والسلامة النفسية-الاجتماعية للناس الذين عايشوا جولات القتال الأخيرة لهو أحد أقسى التبعات التي تخلفها كل جولة جديدة من هذا النزاع المسلح الممتد. ففي مناطق النزاع، يعاني واحد من كل خمسة أفراد من اضطرابات نفسية لا تفارقه حتى بعد انتهاء النزاع.
على مدى الأشهر الأربعة عشر الماضية ومنذ انتهاء التصعيد الذي اندلع في أيار/مايو 2021 واستمر عشرة أيام،
يلازم الناس على جانبي السياج الفاصل بين غزة وإسرائيل شعور بالترقب القلِق وانعدام اليقين، وحالهم كحال من يقبع في غرفة انتظار هائلة، لا يلبث أن يلتقط أنفاسه من أهوال تصعيد مضى حتى يستفيق على وقع تصعيد آخر.
كنت في غزة في مثل هذا الوقت العام الماضي. وفي أثناء زيارتي وقفتُ أتأمل كومة من الركام كانت يومًا ما المنزل الذي يؤوي جمال وأسرته، قبل أن يحدث التصعيد في أيار/مايو 2021. في لمح البصر، شُرِّدت الأسرة واستشرفَت مستقبلًا مخيفًا يكتنفه الغموض، لتنضم إلى قائمة طويلة من الضحايا الذين عصفت بحياتهم تبعات الاحتلال العسكري الأطول أمدًا في التاريخ الحديث.
على مدى السنوات، خيم اليأس والإحباط على الناس ولا سيما جيل الشباب، وهذا الشعور العميق بانعدام الأمل وعدم القدرة على استشراف مستقبل أفضل هو أكثر ما يقلقني، ذلك أن هذا الجيل هو من نعوّل عليه في رسم مسار أفضل. ومع تحول الاهتمام الدولي إلى أوكرانيا، والإرث الذي خلفته جائحة كوفيد-19، والضغوط التي يفرضها تغير المناخ، والآثار المتوالية لارتفاع معدلات التضخم على تكلفة المعيشة اليومية، يؤسفني القول بأننا مجتمعين لا نبذل سوى القليل لتخفيف الحمل عن كاهل هؤلاء الناس.
يقدم القانون الدولي الإنساني الحماية اللازمة لضبط التبعات القانونية والإنسانية للنزاع. وإذا ما عملت جميع الأطراف ضمن إطار القانون الدولي الإنساني فسيجني الجميع ثمار ذلك. والهدف الذي نطمح إليه هو ضمان تقليص المعاناة الإنسانية أثناء التصعيد إلى أدنى حد، ونحن مستمرون في التحاور مع جميع الأطراف بشأن هذه القضية المهمة.
ترحب اللجنة الدولية بوقف إطلاق النار، ويحدوني أمل قوي للغاية أن يصمد، لكنه حتى وإن استمر، تظل احتياجات سكان القطاع إلى المساعدة والدعم قائمة. إذ يعتمد ثمانية من كل عشرة أشخاص من سكان القطاع بالفعل على شكلٍ من أشكال المساعدة الإنسانية. وتكتسي تلك المساعدات والدعم أهمية كبيرة، ويمكن أن تساعد في الحيلولة دون حدوث انهيار كامل بالقطاع على المدى القصير. ومع ذلك، لا يمكن تحقيق تحسينات مستدامة إلا بالتوصل إلى حلول سياسية.
وهنا أود أن أتقدم بالشكر لمتطوعي جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني ونجمة داوود الحمراء في إسرائيل الذين كانوا في طليعة الاستجابة للاحتياجات الإنسانية العاجلة حتى عندما لحقت بهم أضرار من جراء الأعمال القتالية. تتمثل أولويتنا جنبًا إلى جنب مع شركائنا في الجمعيات الوطنية في مواصلة تقييم الاحتياجات الإنسانية الأكثر إلحاحًا، ودعم مقدمي الخدمات الأساسية، ومساعدة الأشخاص المتضررين على إعادة بناء حياتهم، وهي العملية التي تكاد تكون مستحيلة بالنسبة للبعض.