لعل أبرز وجوه حيوية أية حركة سياسية، هو ما تشهده من حراك داخلي، من شأنه أن يقضي على حالة السكون، والتراخي وعدم التطور.
منذ أن نشأت منظمة التحرير الفلسطينية في العام ١٩٦٤، وهي تعيش حالة حراك داخلي، ادى بدوره الى تطوير الأداء، وتبديل الهياكل. عاشت م.ت.ف في مراحل مختلفة، كان أولها، ما حاول الراحل احمد الشقيري، الرئيس الأول للجنة التنفيذية لـ م.ت.ف ارساء قواعده، وكانت المرحلة الثانية بعد العام ١٩٦٩، عندما دالت دولة م.ت.ف الاولى، وتمكن حملة البنادق من دخول المنظمة، وتغيير هياكلها كافة، ومنها الهيكل القيادي الأول. م.ت.ف. منذ ذاك التاريخ، تم ارساء قواعد وأسس لمشاركة الجميع، قيادياً وفي المجلس الوطني وغيره من هياكل، وبدأت مشوار التطور في ظل الصراع الداخلي، صراع في الرؤى وفي البرامج وفي الممارسات والتحالفات، وكانت المنظمة دوماً هي البيت المعنوي للفلسطينيين جميعاً!! .. وكان القائد - المنتخب ياسر عرفات، هو القائد الذي قد نختلف معه ولكننا لا نختلف عليه.
منذ الانتقال الى ما هو متاح من الوطن، وفي ظل الاتفاق الفلسطيني - الاسرائيلي وتطبيقاته العملية، بدأت مرحلة جديدة، مرحلة زاوجنا بها ما بين أداء حركة تحرر وطني، وبين ممارسة السلطة.
لم يكن هذا سهلاً ولا يسيرا، في ظل ذلك غابت دورات المجلس الوطني الفلسطيني، كما غاب الصراع الداخلي (الحراك الايجابي)، ليحل محله لغة التنابر، واللغة الجارحة، وصولاً للاشتباكات المسلحة التي جرت في غزة ، وأدت الى حالة الانشقاق الجيو - سياسي الراهنة!
لم تنته مسيرة الحراك الداخلي، ولم تقفل الابواب، جاءت جهود المصالحة الوطنية الفلسطينية، وما تخللها من اتفاقات بين فتح و حماس ، وبرعايات عربية وخلافها، اعلنت الاتفاقات، لكنها لم تنفذ. وكل طرف يحمل الآخر مسؤولية ذلك.
الجميع يعلن أنه مع المصالحة ورأب الصدع، لكن شيئاً ميدانياً لا يحدث. يبدو أن الشعب الفلسطيني، الذي يتوق حقاً للوحدة الوطنية وينشد السلام، سئم هذا الحراك الذي لا يفضي الا الى المزيد من خيبات الأمل، فانطوى على نفسه بانتظار المجهول القادم.
لعل قراءة لمرآة الاحداث الفلسطينية الداخلية، وفيما يتعلق بملف المصالحة، ومستقبل م.ت.ف عموماً، يمكن ملاحظة حالة السكون القاتل القائمة.. لا شيء جديدا، وما تم الاعلان عنه سابقاً بشأن رزمة نقاط المصالحة، ومنها بالطبع الانتخابات التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني، بدأت تتآكل ويتراكم على ملفاتها الغبار فوق الغبار.
صحيح ان هناك نشاطاً دبلوماسياً، من شأنه احداث حراك واضح، على الصعيد الدولي، لكن ذلك لا يشكل بديلاً عن الحراك الداخلي، القادر على تحريك الوضع الداخلي الفلسطيني، وعلى نحو ايجابي، من شأنه القضاء على حالة شبه السكون القاتل، وبالتالي اعادة الحيوية والنشاط والتطور الايجابي، في بنى وهياكل م.ت.ف وغيرها من اطر قيادية.
لعل ما يبعث الأمل في النفوس، من استعادة حالة الحراك الداخلي، هو انعقاد المجلس المركزي لـ م.ت.ف، وهو هيئة قيادية مرموقة، قادرة على استعادة حالة الحراك الداخلي، ان توافرت النية والعزيمة .. لا بد من حالة حراك داخلي، في ظل هذه الظروف الخطرة والصعبة.
* جهود المصالحة الوطنية وصلت الى حد الجدار.
* الوضع في اسرائيل خطير للغاية، في ظل حكومة نتنياهو، وما تقوم به من تشريعات واجراءات ترمي الى اغتيال فكرة قيام دولة فلسطينية مستقلة.
* الوضع العربي المفكك والمتراخي، وما يعانيه من مشكلات، بعضها بات وجوباً.
لا بد من تفكير ابداعي - سياسي في هذا السياق، من شأنه اخراجنا مما نحن فيه!.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية