بعد مرور 66 سنة على تأسيسها و67 سنة على نكبة فلسطين باتت وكالة " الأونروا " تشكل عنصر قلق وازعاج حقيقيين للمشروع الصهيوني والحلفاء من الإدارة الأمريكية وغيرها، فوجود الوكالة يغذي إيمان اللاجئين الفلسطينيين بحق العودة، لذا يُراد التخلص منها بأية وسيلة ممكنة، فهي - على الأقل - الدليل الدائم على منح صفة لاجئ لكل فلسطيني حتى وإن وُلِد خارج فلسطين المحتلة بحسب قواعد الأمم المتحدة التي تعتبر بأن "من ترك بيته عام 1948 في فلسطين هو لاجئ وجميع ذريته"..!
تصاعدت عمليات إستهداف "الأونروا" في السنوات الأخيرة، أكثر منها في السابق؛ فقد ذكرت صحيفة "إسرائيل اليوم" في 6/12/2011 "أن إسرائيل تحرِّض على إغلاق وكالة "الأونروا" بحجة أن هذه الوكالة تشكل عقبة أمام أي اتفاق مستقبلي مع الفلسطينيين بسبب المعايير المختلفة لوضع اللاجئ الفلسطيني. وقالت "عينات بلف" وهي عضو الكنيست عن "حزب الاستقلال"، "إننا نؤيد مساعدة الفلسطينيين في الأمم المتحدة في مجال التعليم والصحة، ولكن ليس عن طريق هذه الوكالة التي تضر بجهود السلام"، ودعا سلفان شالوم وزير خارجية الإحتلال الإسرائيلي الأسبق في تصريح له في 7/11/2005 إلى نقل صلاحيات وكالة "الأونروا" الى السلطة الوطنية الفلسطينية، وقدم السياسي اليساري الصهيوني يوسي بيلين زعيم "حزب ميرتس" رؤيته لحل "الأونروا" بتاريخ 23/6/2008 في معهد كارنيجي الأميركي حين دعا الى "حل الوكالة الدولية "الأونروا" وإستبدالها بالمفوضية العليا لشؤون اللاجئين (UNHCR)"..!
وكانت الإدارة الأمريكية وكذلك الكونغرس قد هدد السلطة الفلسطينية بقطع المساعدات عنها وعن "الأونروا" إذا هي أصرّت على طرح الإعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية على حدود عام 1967، جاء ذلك في دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول 2011، وتحت وطأة ضغط اللوبي الصهيوني قدم مستشار الرئيس الأمريكي الأسبق بوش "اليوت ابرامز" والذي يعمل عضواً في قسم دراسات الشرق الأوسط التابع للجنة العلاقات الخارجية بالكونجرس طلباً بإعادة النظر في مساعدات واشنطن لوكالة "الأونروا"، محملاً الوكالة مسؤولية الحفاظ على وجود قضية اللاجئين الفلسطينيين، وأشار إلى أن ("الأونروا" قد بدأت بخدمة 750 ألف لاجئ، أما ألآن فقد أصبح عددهم 5 مليون، وقد انتهت كل قضايا اللاجئين في العالم إلا قضية اللاجئين الفلسطينيين، والسبب هو وجود "الأونروا")..!
في العام 1959 قدم الأمين العام للأمم المتحدة داغ همرشولد ورقة الى الجمعية العامة للامم المتحدة تتضمن مقترحاً يقضي بتوسيع برامج تأهيل اللاجئين وتعزيز قدراتهم على إعالة أنفسهم، والإستغناء عن المساعدات التي تقدمها اليهم وكالة "الأونروا" وتوطينهم في الأماكن التي يتواجدون فيها، مع مناشدة الدول العربية المضيفة للاجئين التعاون مع الوكالة الدولية في هذا الشأن..
من ناحية أخرى فإن وثيقة يوسي بيلين أبو مازن التي وُقِّعت في سويسرا في نهاية شهر تشرين الأول/أوكتوبر من العام 1995، وأنكرها أبو مازن، وعادت السلطة واعتبرتها غير رسمية، أشار البند الرابع منها "تَحِل هيئة دولية جديدة محل وكالة غوث اللاجئين "الأونروا" لتعمل على إعادة تأهيل وتأمين استيعاب اللاجئين في دول وأماكن إقامتهم، والعمل على تطوير الأوضاع المعيشية والإقتصادية والإجتماعية وتذويبهم في الحياة اليومية للمجتمعات الذي يعيشون في محيطها وتتكفل حكومة "حزب العمل" التعامل ثنائياً مع الدول المعنية والأطراف الدولية الراعية، من دون صخب أو ضجيج إعلامي حتى لا يشكل ذلك إحراجاً للسلطة، وممارسة الضغوط الكفيلة بانتزاع المواقف الدولية الداعمة لهذا الهدف بالتعاون مع الدول المضيفة لضمان إغلاق الملف نهائياً"..!
لن تتوقف مساعي إنهاء خدمات الوكالة بهدف شطب قضية اللاجئين وحق العودة، والرابح الأكبر هو المشروع الصهيوني وسيكون الخاسر الأكبر أكثر من ثمانية ملايين لاجئ فسطيني.. على هذا المستوى أعتقد يجب التفكير بالمنهجية التصاعدية التي تتبعها وكالة "الأونروا" بتقليص الخدمات..!
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية