لا يختلف فلسطينيان على احترام وتقدير الأخوة والمساندة الجزائرية للشعب الفلسطيني، التي جذرت في قلب كل فلسطيني حب الجزائر والعرفان الكبير لبلد الشهداء والحرية.

وبالتأكيد جاءت دعوة الجزائر كدولة وازنة في الإقليم، وذات مصداقية في المجتمع الدولي، للفرقاء الفلسطينيين استشعارا منها بالخطر المحدق بالقضية الفلسطينية، خاصة انها الدولة "الشجاعة" التي احتضنت اعلان الاستقلال والتحول الفلسطيني للبرنامج المرحلي، ونقل المعركة الفلسطينية للحلبة الدولية، بعد أن أخذت الجزائر بيد الشهيد ياسر عرفات لقاعة الأمم المتحدة حاملا معه غصن الزيتون والبندقية.

صحيح قد تكون هناك أسباب أخرى، لكن ما سبق هو الأهم، ويعتبر الجزائريون الثورة الفلسطينية امتداد لثورة الجزائر، والعبارة الراسخة "لن يكتمل استقلال الجزائر الا باستقلال فلسطين"، والشواهد كثيرة أبرزها الموقف المبدئي من التطبيع والذي يعبر عن الحكمة الاستراتيجية، والسيادة الكاملة للدولة الجزائرية.

ما سبق وأكثر جعل من الدعوة الجزائرية لاحتضان محاولة جديدة لإنهاء الانقسام وتوفير حاضنة عربية تحمي "التفاهمات المنتظرة" تعيد الامل لقلوب الفلسطينيين والعرب لإنهاء هذا الفصل "البائس" من تاريخ النضال الفلسطيني نحو الحرية والاستقلال.

وبالنظر للجهود المصرية والعربية، يدرك الجميع ان العقبة أمام المصالحة الفلسطينية كانت فلسطينية بالأساس، فلو توفرت الإرادة الوطنية لأنجزت المصالحة في أي مكان، لمجابهة التحديات الإسرائيلية الخطيرة الهادفة لشطب القضية الفلسطينية وتصفيتها بالاستيطان والحصار وانكار الحقوق.

لكن الخطير أن يفقد الفرقاء الخجل والمنطق والمصلحة الوطنية بإفشال الجهود الجزائرية مما سيؤدي الى عدة انتكاسات لا نتمناها ونحذر منها:

أولا: أن ملف المصالحة سينتقل من غرفة الإنعاش الى المقبرة ويتحقق حلم شارون بالانفصال التام.

ثانيا: ستشعر الدولة الجزائرية بالغضب خاصة انها ستكون في كل تفاصيل المباحثات والنقاشات مما سيولد "برود" جزائري وخيبة امل على الأقل، وبمرور الوقت سنخسر دولة شقيقة وصادقة داعمة للقضية الفلسطينية.

ثالثا: سيشعر الشعب الجزائري المُحب بالخذلان الشديد، وربما تنقلب مشاعر الحب الجياشة الى عتب ولوم سيؤدي بمرور الوقت أو عبر "تدخلات ماكرة" الى تحميل المسؤولية في تراجع القضية الفلسطينية للفلسطينيين، وتبرز من جديد مقولة طالما كررها "البعض" (لن نكون ملكيين أكثر من الملك).

كفلسطيني يدرك درجة حب ووفاء الشعب الجزائري لفلسطين، أضع يدي على قلبي خوفا من فشل جديد في ضيافة بلد محب وكريم، الامر الذي يدفعني أن أقول لأهلي في الجزائر شعبا ودولة.

أولا: اذا نجحت المصالحة في ضيافتكم حينها المتصالحون منا ونحن منهم وعفا الله عما سبق، لكن لو حدث العكس فنحن كشعب منهم براء، ولا يمتلك أي طرف منهم الشرعية بعد 16 عام من السطو على الحق الانتخابي.

ثانيا: فشل المصالحة – لا سمح الله- هو قرار حزبي منفصل عن الإرادة الشعبية التي تريد انهاء الانقسام واستكمال المسيرة الفلسطينية نحو تقرير المصير والانعتاق من الاحتلال.

ثالثا: اذا أصر المجتمعون على الانقسام، لا تأخذوا شعبنا بجريرة هؤلاء لأن كل فلسطيني يدرك أن استمرار الانقسام مصلحة إسرائيلية، واللبيب بالإشارة يفهم.

رابعا: لولا معرفتي بالكرم وأنفة الدولة الجزائرية لنصحت ورثة الشهداء والثوار بالاقتداء بما فعله الخليفة عمر بن الخطاب مع الصحابة الستة عندما أغلق عليهم الدار حتى يتفقوا على خليفة للمسلمين، وقلت للحكومة الجزائرية لا تسمحوا للوفود الفلسطينية من مغادرة مطار الرئيس الراحل هواري بومدين حتى انجاز المصالحة أو إحالتهم الى سجن الحراش.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد