هل ممكن القول أن حركات التحرر الوطني حققت انجازات في نضالها ومقاومتها للاحتلال، وهي لم تستطع التحرر من الاحتلال؟ 

وما هي الانجازات وعدم قدرة حركة التحرر الوطني الفلسطيني على تحقيق أي من أهدافها الاستراتيجية في مواجهة الاحتلال الاسرائيلي؟ وهل يمكن المزاوجة بين السلطة وحكم الناس والمقاومة؟

تحتفل حركة المقارنة الاسلامية حماس هذا الشهر بذكرى انطلاقتها الـ ٣٤ في ظل استمرار الانقسام والاحتلال الاسرائيلي والحصار الخانق على قطاع غزة ، وتواجه تحديات سياسية وامنية وعسكرية واقتصادية تحول من قدرتها على توفير الحد الادنى من العيش الكريم للناس في قطاع غزة، وتعزيز صمودهم وقدرتهم على البقاء على قيد الحياة والعيش الكريم.
 
وارتفاع معدلات البطالة والفقر  بنسب كبيرة، وتأثير ذلك على حقوق الانسان الاقتصادية والاجتماعية، وتفكك النسيج الاجتماعي.

وتدهور حالة حقوق الانسان المدنية والسياسية  من خلال انتهاكات حقوق الانسان، والتراجع في الحريات العامة وخضوع المستوى السياسي والحكومي لضغط المتشددين في الحركة فيما يتعلق بعض قضايا الحريات العامة "غناء الفتيات" على سبيل المثال.

والقيود الصامتة المفروضة على حرية  التعبير عن الرأي، وممارسة افراد من الاجهزة الشرطية والأمنية التعذيب والعنف في مراكز التوقيف.

وحرمان الناس من الحق في  المشاركة السياسية، وعدم إجراء الانتخابات النقابية والطلابية في عدد من الجامعات، ورفضها، المشاركة بالانتخابات البلدية التي أجريت في الضفة، ما يعني حرمان الناس من ممارسة حقهم في اختيار ممثليهم وتقديم الخدمات لهم ومساءلتهم.

خلال سنواتها الـ ٣٤ استطاعت الحركة الصمود والبقاء وتعزيز قدراتها وامكاناتها التنظيمية الداخلية ودورية الانتخابات الداخلية فيها والتداول على قيادة الحركة، وبناء هياكلها القيادية السياسية، والامنية والجماهيرية، وتمكنت من أن تكون حركة سياسية تمثل جزء اساسي من الفلسطينيين والنظام السياسي الفلسطيني ووجود اقليمي واضح.

وتمكنت من مراكمة وبناء قوة عسكرية كبيرة وتعزيز قدراتها التسليحية والتدريبية، وسجلت انجازات مهمة في مقاومة الاحتلال وخلق نوع من الردع التكتيكي كحركة مقاومة. 

والتف حولها الناس في مواجهتها مع الاحتلال والعمليات العسكرية النوعية التي نفذها مقاتلوها الابطال،. وفقدت الحركة شخصيات قيادية من المؤسسين ومن الصف الاول المؤثرة وعشرات القادة السياسيين والعسكريين الافذاذ.

والملاحقة الامنية في الضفة الغربية والاعتقالات اليومية لعناصرها وقيادتها، وسقوط آلاف الشهداء في معارك البطولة ومواجهة الاحتلال ودورات العدوان الاسرائيلي المستمرة ضد الفلسطينيين في قطاع غزة.

وتواجه حركة حماس أزمة عميقة فيما يتعلق بالشرعية في الحكم، وان تكون جزء من تمثيل الفلسطينيين من خلال منظمة التحرير، وعدم قدرتها على التمثيل الرسمي في النظام السياسي الفلسطيني وشروط الرئيس الفلسطيني محمود عباس لقبولها.

وهي متهمة بانها المسبب الاول للانقسام الفلسطيني ومن تتحمل المسؤولية الكبيرة عنه، وما وصلت له الحالة الفلسطينية من   شرذمة وتمسكها بمواقفها لاقتسام كعكة النظام الفلسطيني.

٣٤ عاماً من المقاومة والسياسة، وبناء سلطة، وحكم قطاع غزة منفردة، والتحديات كبيرة، سواء كانت على المستوى الدولي ووصمها بانها حركة "ارهابية" الشهر الماضي من قبل الحكومة البريطانية.

حماس في عامها الـ ٣٤ الاوضاع العربية لا تعمل لصالح القضية الفلسطينية بل بيئة معادية من خلال التطبيع والتحالفات الاسرائيلية مع الدول العربية التي اصبحت سمة، وانجازات اساسية  لاسرائيل.

. وتحديات اقليمية بعدم قبولها من عدد من الدول العربية خاصة السعودية والامارات وفقدت حليفا ومركزا مهما لها كالسودان .

ويسجل لها قدرتها على المصالحة مع مصر برغم الغضب الدفين داخلها من القيود المصرية على حرية الحركة على معبر رفح والشكوى الصامتة من عدم قدرة مصر على تحريك ملف الاعمار ومحاولات الاخيرة احتواء الحركة لمصالح مصرية في العلاقة مع الولايات المتحدة واسرائيل.

وتحديات داخلية باستمرار الانقسام، وملفات عديدة كبيرة وعصية على الحل وفي مقدمتها البطالة والفقر  والحصار الاسرائيلي والقيود والشروط الاسرائيلية والمماطلة الحالية في دفع القضايا المتعلقة بملف إعادة إعمار ما دمره الاحتلال خلال عدوانه الأخير في مايو/ أيار الماضي.

وربط ملف الإعمار وتنفيذ مشاريع كبيرة لتحسين الوضع الاقتصادي في قطاع غزة، بضمان عودة المختطفين الإسرائيليين المحتجزين لدى حماس، وضمان فترة الهدوء لعدة سنوات. بما يشمل صفقة تبادل أسرى.

ملف اعادة الاعمار عالق وهذا التباطؤ  في ملف الإعمار ومنع إدخال الأموال المخصصة له، هو متعمد ومدروس وهو لابتزاز الحركة والقطاع وكل ما يتم إدخاله من بضائع ومنح تصاريح للتجار من غزة هي مجرد تسهيلات وهي السياسة الاسرائيلية المتبعة منذ سنوات، ولم تغير أي شيئ يذكر من واقع الاحوال في غزة.

وفي ظل ذلك الحرب مستمرة وتتردد احاديث عن احتمال تصعيد اسرائيلي، ليس بالضرورة ان يكون عمل عسكري كبير قد يكون عمليات أمنية سرية والاستمرار في تشديد القيود وابتزاز غزة.

حماس بعد أربعة وثلاثين عاما من وجودها، والحرب المستمرة ضدها من جبهات عدة مطالبة لأن تكون أكثر حذرا  في مواجهة الاحتلال، واخذ الدروس والعبر من الماضي واختيار ادوات واساليب تمكن الفلسطينيين في المشاركة في مواجهة الاحتلال.

والاهم على المستوى الداخلي ان لا تخشى من الشراكة وبذل جهد اكبر في انهاء الانقسام، وان لا تتمترس خلف حكم قطاع غزة وازماته المستعصية عن الحلول، 

فالسلطة المطلقة مفسدة كبرى والسلطة تحت الاحتلال وهم كبير، ومع استمرار الانقسام مطلوب من حماس مزيد من الخطوات والاجراءات التي تعزز علاقاتها والانفتاح على المجتمع الفلسطيني وتعزيز الثقة بها كحركة مقاومة وطنية، والخروج من عباءة الايديولوجيا، واحترام حقوق وحريات الناس..

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد