سأدخل في الموضوع مباشرة، إن تعاملنا مع النكبة الفلسطينية بطريقة رومانسية هو نكبة بحد ذاتها، ونكبتنا هي ليست فقط عملية التهجير التي تعرض لها شعبنا منذ عام 1948، وإنما نكباتنا مستمرة بشكل يومي وبأشكال مختلفة، يتحمل مسؤوليتها أيضاً قيادات فلسطينية بمواقع مختلفة، بزمن ومكان مختلفين، كل حسب مسؤوليته، بتعاطيه بروح المسؤولية اتجاه القضية الفلسطينية، منذ مواجهة الكيان الاستعماري بعد الحكم العثماني، وربما قد يعتبره البعض منذ وجود هذا الحكم على أرضنا.
سألت ذاتي سؤالاً: كم النسبة المئوية على الصعيد العالمي ممن يعلم ماذا نقصد بالنكبة كشعب فلسطيني؟ وكم النسبة المئوية على الصعيد العالمي ممن يعلم ماذا يقصد المحتل بيوم الاستقلال أو المحرقة أو أي حدث تعرض له المحتل في الزمن المعاصر؟
من هنا ليس بالضرورة أن نكون أصحاب حق حتى يعلم الجميع بأنك الضحية، وهل العالم سيبحث عن الضحية فقط كونها ضحية ويقف معها كونها تبكي أو تنزف دما؟! وهل طرح النكبة بالرومانسية الخاصة بها في هذا الوقت يجب أن يكون بذات الأدوات والخطاب منذ نشأتها؟ وهل ما زالت المؤسسات الدولية والمجتمع الدولي يتعاطون مع قضية اللجوء الفلسطيني بذات روح المسؤولية التي وقعت على عاتقه منذ اليوم الأول للجوء؟
من يدعي بأنه «مثقف» أو «سياسي» أو «نخبة» ويطرح الشعارات الفضفاضة، ويتحدث عن النكبة فقط من أجل تثبيته على الكرسي، أو ليقول أنا ما زلت أتنفس رغم شيخوختي، هو نكبة بحد ذاته.
من لا يعلم واقع المخيمات الفلسطينية بشكل يومي، وما يتعرض له ابن المخيم من حالات اختناق مختلفة على كافة الأصعدة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وفقط يكتفي بتصريحات هنا وهناك، وهو لم يزر أي مخيم منذ سنوات، هو نكبة أيضاً.
من يتعاطى بموضوع المخيمات وهو لا يعلم ما تقوم به المؤسسات الدولية، وبالأخص « الأونروا » من تقليص خدماتها، على الرغم من زيادة أبناء المخيمات، هو نكبة كذلك.
من يعتقد بأن النكبة عبارة عن «احتفالية» ليوم نرفع به المفتاح، ونتقاتل على الكلمة والعرافة، هو نكبة بحد ذاته.
أنا أتفق مع د. ايلان بابيه بما قاله: « آن الأوان لاستخدام مصطلح التطهير العرقي بوضوح ودون أي تردد، باعتباره أفضل مصطلح قادر على وصف عملية طرد الفلسطينيين في العام 1948»، ليس فقط بسبب تفسيره، «فمصطلح النكبة لا يتضمن أي إشارة مباشرة إلى من يقف وراء الكارثة، بمعنى، يمكن لأي شيء أن يسبب دماراً في فلسطين، ويمكن أن يكون الفلسطينيون أنفسهم سبباً في ذلك الدمار، لكن لن يكون الأمر كذلك عند استخدام مصطلح التطهير العرقي، فهذا المصطلح يتضمن اتهاماً وإشارة مباشرين إلى مرتكبيها»، وإنما إيماني بأن هناك من يعزز بوجوده وأفعاله هذه اللحظة في موقع ما داخل النظام السياسي الفلسطيني «المهترئ»، نكبة متكررة بقراراته الغير صائبة والمجرمة بحق شعبنا.
نعم الاحتلال يسعى لتطهير العرق الفلسطيني، وهناك من يعزز ذلك بنكبة من قرارات وأفعال تخدم بالنهاية بطرق مختلفة عملية التطهير التي يسعى لها الاحتلال الإسرائيلي.
من يعتبر بأن هذا كلام ساذج، أقول له بأن الانقسام الفلسطيني نكبة، وردود الأفعال بتصاريح إعلامية هنا وهناك نكبة، بقاء البعض متمسك بكرسيه حتى لحظة الموت من مختلف القيادات التي أصبحت صديقة مع الزهايمر وتبعاته هو نكبة أيضاً، من لا يحاسب الفاسد على فساده ويحاسب البعض فقط على أفعال ما بأوقات مدروسة تناسب أجنداته هو معزز للنكبة، ومن لا يعطي الأجيال الشابة التي يفتخر بها الشارع الفلسطيني فرصة بقيادة زمام الأمور في مختلف الأماكن والمقاعد الحزبية والمؤسساتية والنقابية هو نكبة بحد ذاته.
وهناك الكثير من التصرفات والخطب لبعض من يعتبر ذاته ظل الله على الأرض أو قائد على شعبنا هو نكبة وعار علينا، من يذبح أهلنا ب مخيم اليرموك بداعي الوطنية الفلسطينية، وحفاظاً على مصالحه الإقليمية، هو نكبة يجب أن يحاسب عليها من قبل شعبنا اللاجئ في مخيم اليرموك.... كثيرة هي نكباتنا المستمرة، فقط فكر بها وحدك وستجد العديد من النكبات بشكل يومي... وهكذا فالنكبات مستمرة وتعزز التطهير العرقي الذي تعرضناه منذ عام 1948م.
للتواصل:
E mail: mehdawi78@yahoo.com
F: RamiMehdawiPage

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد