جرت الاسبوع الماضي انتخابات اتحاد المقاولين في غزة وفاز نقيب جديد للدورة المقبلة، ومرت الانتخابات بدون ان يلتفت الى نتائجها سوى اصحاب الشأن فيها.


الفوز لم يثير الصحفيون او الكتاب لتحليل ما جرى من تحالفات وتغيير نقيب ومجلس ادارة جديد. ومع ذلك اعتبرت الانتخابات في الاتحاد امر عادي يجري كل عدة سنوات تتنافس خلالها فئة مهمة من الفلسطينيين لاختيار ممثليهم بطريقة ديمقراطية، مع ان احوال المقاولين في تراجع في ظل استمرار الحصار  والاوضاع الاقتصادية البائسة في غزة.


في موازاة ذلك  كان لفوز  نادية حبش نقيبة للمهندسين في الضفة صدى كبير جدا وهي تستحق هذا الفوز باقتدار لسيرتها العلمية والاكاديمية والوطنية.


لكن للاسف هذا الاهتمام ليس لانها اول امراة تحقق انتصارا في هذا الموقع، انما نطرًا لخسارة الحزب الحاكم "فتح" هذا المكان والمنصب المهمين اضافة إلى الظروف السياسية غير العادية التي تمر بها الساحة الفلسطينية.
وهي رسالة سياسية مهمة للقيادة الفلسطينية ولاصحاب القرار  خاصة سلوك السلطة الخائب بعد هبة القدس والعدوان الاسرائيلي على غزة واغتيال نزار بنات، وفشل السلطة في استثمار ما جرى من تحولات داخلية فلسطينية حول قضيتهم في مواجهة الإحتلال الاسرائيلي، وحال الارتباك والخوف في صفوف السلطة، والتغول والقهر والاستبداد والتفرد في الحكم واتخاذ القرارات، وقمع الحريات العامة والاعتداء الشديد على المعارضين والصحافيين والناشطين والمواطنين ومن بينهم نادية حبش التي تعرضت للاعتقال والقمع والسحل من قبل افراد الشرطة.
اي كان شكل التحالفات التي ادت الى فوز حبش نقيبة للمهندسين فهو تعبير حقيقي عن ارادة المهندسين اي كانت الاختلافات وما يجري خلف الكواليس من توازنات وتحالفات وضغوط تمارس على الناخبين.
إلا ان ما جرى من انتخابات حرة هو شكل من اشكال الديمقراطية التي غيبت وحرم الفلسطينيين بشكل عام من ممارستها.
الفلسطينيون يستطيعوا ممارسة الديمقراطية وانهم اصحاب ارادة حرة في انتخاب ممثليهم سواء للرئاسة او المجلس الوطني وللمجلس التشريعي او النقابات وغيرها من القطاعات.
وعلى الرغم من تأثير الحزب الحاكم  وارتباط عدد كبير من الناخبين بالوظيفة العمومية والدعاية الانتخابية قوية والزبائنية والمناطقية والايدلوجية في ‏توجهات الناخبين، واذا ما توفرت بيئة مناسبة سيتحرر الناخبين من تلك التأثيرات  وتحقيق نتائج تعبر عن رأي المواطنين بحرية. 
وعلى ضوء ذلك اتمنى ان تلتقط القيادة وحركة فتح الفرصة ونتائج انتخابات نقابة المهندسين وغيرها من النقابات والاتحادات للعمل بشكل جدي وحقيقي لاجراء الانتخابات العامة، وان الشراكة الحقيقية هي مدخل لتوحيد الفلسطينيين، وتعزز من قدراتهم على مواجهة سياسات دولة الفصل العنصري الذي تعمل بشكل كبير على حسم الصراع.
وعلى القيادة وحركة فتح أن تدرك ان الشعب الفلسطيني لا يغفر ولا ينسى شعب حر كريم وكرامته متأصلة، وهو شعب حر ويسعى للحرية ويحترم السلطات والفصل بينها، ويعارض بقوة القمع والتنكيل واهانة كرامته، وعدم احترام سيادة القانون، وهو مع احترام القضاء الذي تم تسيسه والاعتداء على سلطاته وافراغه من حقيقة كونه مرفق العدالة الذي ينظر اليه الناس على انه الاساس في تحقيق العدالة في مواجهة التغول والاعتداء على الحريات، وعندما تسنح له الفرصة للتغيير يقوم به بطريقة سلمية.
وان الشعب الفلسطيني يتطلع للعدالة الناجزة وهي مطلبهم العادل منذ نكبتهم وهجرتهم وتشتتهم وهي مطلبهم الان من سلطاتهم الحاكمة، وهو يقدر الكفاءات العلمية المناضلين المرتبطين بقضايا وهموم شعبهم، والذين يدافعون عن حقوقه وكرامته وحريته. 

 

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد