اتخذت إسرائيل من القرار الأميركي باستئناف المساعدات الماليّة للفلسطينيين، بما في ذلك المساهمة في ميزانية الأونروا لشن هجومٍ كاسح على وكالة الغوث، معتبرةً أنّ الوضع الحالي قد يشجّع على إدامة الصراع بدلاً من حله، لذلك فإنّ إسرائيل ترى أنّ على هذه المساعدات أن تأخذ في الاعتبار ضرورة إجراء جملة من التغييرات، جوهريّة وضروريّة تتعلّق بطبيعة وأهداف وطريقة تصرّف الوكالة، حسب المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيليّة، بينما اتهم السفير الإسرائيلي في واشنطن جلعاد أردان الوكالة بأنها تقوم بأنشطة معادية للساميّة، موجهاً اتهاماً صارخاً وغير مسبوق للمفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين كونه يقوم بنشاطٍ تحريضي ويتصرّف منفرداً بتحديد من هو اللاجئ الفلسطيني، الأمر الذي يؤدي أيضاً إلى إدامة الصراع ويشجع على الكراهية حسب زعمه.
المساعدات الأميركيّة لوكالة الأونروا حسب القرار الأخير بلغت 150 مليون دولار فقط، وهو أقل من نصف المساهمة الأميركيّة في عام 2017، أي أنّ واشنطن لم تلتزم بالفعل باستئناف مساهمتها الكاملة في ميزانية الوكالة، رغم ذلك اتخذت إسرائيل من القرار الأميركي فرصة ل فتح ملف وكالة الأونروا من جديد واستعادة سلسلة الاتهامات ضدها، وبما يؤثّر على قرار الكونغرس بشأن دعم قرار البيت البيض حول جملة المساعدات الأميركيّة المعلن عنها مؤخراً، خاصة فيما يتعلّق بمساعدات الأونروا، ورغم أن الخارجية الأميركيّة أشارت في تبرير مطوّل للقرار كونه يخدم المصالح الأميركيّة ورؤية الإدارة الجديدة، وكأن في هذا التبرير توطئة مسبقة للجدل المحتمل حول موقف الكونغرس إزاء هذا القرار والدور المؤثر الذي يمكن لإسرائيل أن تلعبه للتحريض ضد إدارة بايدن.
الملف الفلسطيني – الإسرائيلي مفتوح على مكاتب وزارة الخارجية الأميركيّة إلّا أنّ ذلك يقتصر على إصلاح بعض إجراءات الإدارة السابقة، حتى أن الإدارة الفلسطينيّة بدورها قد لاحظت أن الجهود الأميركيّة بخصوص ملف الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي بطيئة جداً وذلك عندما عقبت مرحبةً بتصريح الرئيس الأميركي بايدن حول التزام أميركا بحل الدولتين.
وعلى أيّ حال، ليس من المفترض ربط هذه المساعدات بجهودٍ أميركية لإعادة فتح ملف المفاوضات السياسيّة على الملف الفلسطيني – الإسرائيلي، فلا رابط فيما بينهما بالقدر الذي يمكن أن يذهب إليه البعض، مشيراً إلى أنّ الإدارة الأميركيّة الجديدة بصدد إيلاء هذا الملف الاهتمام المطلوب، معتبراً أن قرار المساعدات جزء من هذه الجهود، والواقع أنّ إدارة بايدن ليست بوارد منح هذا الملف الاهتمام الذي يتطلّع إليه الجانب الرسمي الفلسطيني، وهذه الإدارة التي سارعت بتعيين ممثلين عنها حول مختلف الملفات الخارجيّة الساخنة من وجهة نظرها، لم تفعل ما سبق وفعلته معظم الإدارات السابقة من تعيين ممثلٍ خاص لها حول هذا الملف، وعندما أراد الرئيس بايدن التأكيد على موقف إدارته من هذا الملف ملتزماً بحل الدولتين، لم يُهاتف الرئيس محمود عباس بهذا الشأن، بل أنه آثر أن يتحدّث عن هذا الالتزام مع الملك الأردني، وحتى الآن لم يتلق الرئيس الفلسطيني المكالمة البروتوكوليّة من قِبل الرئيس بايدن، أمّا بشأن ملف الانتخابات الفلسطينيّة، فبات من الواضح على نطاقٍ واسع أن هناك توافقاً أميركياً – إسرائيلياً على أن هناك إمكانية لتأجيلها، ليس من خلال حظر إسرائيل لإجرائها في القدس المحتلة، ولكن نتيجة لتداعياتٍ فلسطينيّة داخليّة.
المصدر : وكالة سوا
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية