كثيرون يعتقدون بأن مسلسل استهداف الأردن، ملكا ودولة يعود إلى الأيام الماضية، حين منع الإسرائيليون زيارة، ولي العهد الأردني لبيت المقدس، ثم جاء الردُ مباشرة من الأردن بمنع طائرة نتنياهو من التحليق في أجواء الأردن.
رصدتُ تاريخا أبعد من ذلك بكثير، يعود إلى العام 2010، حين أطلقت الملكة رانيا العبد الله مشروعاً تربوياً نهضوياً مستقبلياً طموحاً، يرمي للنهوض بالتعليم باعتباره رافعة المستقبل، أسست الملكة الجمعيات والمعاهد والجوائز العديدة لهذا الغرض، ومنحت الجوائز للمدرسين الأكْفَاء، ومديري المدارس الممتازين، وللبرامج التعليمية، ووضعت برنامجاً طموحاً للتدريب على طرق التدريس.
لم تنسَ الملكة نصيب التعليم الفلسطيني تحت الاحتلال، ولا سيما في القدس التي تتعرض للتهويد، ومصادرة الأراضي، كان الاحتلال يهدف بالدرجة الأولى إلى تجهيل أبنائنا الفلسطينيين، حتى تنتشر الجرائم والمخدرات ما يدفعهم للهجرة، وهذا ما حدث بالفعل، لأجل ذلك فإن الملكة خصصت جزءا كبيرا من نشاطها للتعليم الفلسطيني في القدس، خصَّصتْ برنامجا طموحا آخر، تحت شعار، (مدرستي فلسطين)!
وضعت برنامجا طموحا لهذه الغاية، وهو، ترميم وتوسعة مدارس القدس الشرقية، قالت في تصريح لها نشرته معظم الصحف الأردنية والدولية: «هناك أكثر من عشرة آلاف طالب فلسطيني، لا يتمكنون من الحصول على فرصة التعليم، يجب أن تُعطى لهم الفرصة العلمية والتربوية ليتمكنوا من مواجهة الاحتلال»!
كذلك لم تكتف الملكة، رانيا بذلك بل زارت عواصم عديدة لجمع التبرعات لمدارس القدس الشرقية، ضمن برنامج: «مدرستي فلسطين»! رَصدْتُ في مقال سابق تعليقا لأحد اليمينيين الإسرائيليين على هذا المشروع حين قال: «لن نسمح بأن تحتلَّ الأردن (أورشليم)»!
ظلت إسرائيل مقيدة باتفاقية، وادي عربة 1994، في البند التاسع حيث نصّت على وجوب احترام مكانة الأردن في القدس، غير أن الأوقاف الأردنية أدركت أن الإسرائيليين يسعون لاغتصاب القدس الإسلامية والمسيحية، وبخاصة عندما جرت مذبحة الأقصى العام 1996، حين استشهد ثلاثة وستون مقدسيا، ثم دهم، شارون المسجد الأقصى العام 2000 ما أشعل الانتفاضة الثانية.
ظلت الوصاية الأردنية على الأوقاف شوكة في حلق المخطط الصهيوني، عمدت إسرائيل إلى زجّ بعض الدول الإسلامية في ملف القدس، ومنحتها حرية العمل، وسمحت بدخول الأموال من بعض الدول الإسلامية في محاولة لاستبدال الوصاية الأردنية، بوصاية أخرى تُسهل لها ابتلاع القدس، غير أن يقظة الأردن حالت دون تحقيق هذا الهدف!
انزعجت إسرائيل بشدة، العام 2013، حينما حاولت الإيقاع بين الأردن، والسلطة الفلسطينية بشأن الوصاية على الأماكن المقدسة، أدرك الطرفان الخطة الإسرائيلية، وقَّعا اتفاقية بين منظمة التحرير ممثلة في السلطة الفلسطينية، وبين الأردن، تقضي هذه الاتفاقية بالتنسيق بين السلطة والأردن في القدس، وأنَّ السلطة الفلسطينية تعترف بوصاية الأردن على الأماكن المقدسة!
ظلت إسرائيل تترقب اللحظة الحاسمة، غير أنها فوجئت بطلب الملك عبد الله الثاني، باستعادة (الغمر، والباقورة) المؤجرتين لإسرائيل مدة خمس وعشرين سنة، أصرَّ الملك على استعادة المنطقتين، ورفض كل مقترحات تمديد الاستئجار، في شهر تشرين الثاني 2019م، انطلقت أصوات المتطرفين: «يجب إلغاء اتفاقية قناة البحرين، فلتعطش الأردن» ثم رفضت الأردن صفقة القرن الترامبية، وكان هذا تطورا آخر، يُقرِّب من ساعة الانتقام من الأردن!
لا يزال المُخطِّط الإسرائيلي يملك في جعبته كثيراً من الخطط ضد الأردن، لن تكون نهاية الخطة انتصار الأردن يوم 4-4-2021 ، بل هي البداية فقط!
المصدر : وكالة سوا
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية