سرعان ما وصلت رسالة القاهرة إلى المجتمعين الفلسطينيين في العاصمة المصرية وإلى الرأي العام الفلسطيني عندما وبشكلٍ مفاجئ تمت إعادة فتح معبر رفح بعد إغلاقه قبل يومين فقط من بدء الحوار، مفاد هذه الرسالة بات واضحاً، القاهرة ستضع كل إمكاناتها وثقلها لإنجاح هذه الحوارات، ولن تقبل بأي حال الفشل هذه المرة كما كان الحال عليه في المرات السابقة، ونجحت هذه الرسالة بشكلٍ أدّى إلى تزايد نسبة المتفائلين بنجاح الحوار كمقدمة لعملية انتخابية على مراحلها الثلاث، وبالفعل نجحت الضغوط المصرية الإيجابية في إزالة الألغام التي كان من المتوقع أن تنفجر أثناء الحوار الوطني الفلسطيني ونجحت القاهرة مستفيدة في ذلك من تفاهمات مسبقة جدية وحقيقية بين حركتي فتح و حماس المتخاصمتين، ومقارنة بنتائج الحوارات فإن البيان الختامي كان حصيلة يومين أو أقل بعد أن كان من المتوقع أن تمتد لأيامٍ إضافية.
وإذا وضعنا نتائج هذه الحوارات جانباً، يمكن تسجيل مقاربتين مهمتين، الأولى تتعلق بتوقيت هذا الحوار الذي اعتبرته بعض الفصائل متأخراً ومتجاوزاً ضرورة أن يتم قبل تفاهمات «فتح» و»حماس» التي أدّت إلى إصدار المراسيم الرئاسية حول الانتخابات، ذلك أن مشاركة الفصائل الأخرى في هذا الحوار اعتبر من وجهة نظر العديدين شكلا من أشكال الشهود أكثر من المشاركة، فالحوار من وجهة نظر هؤلاء كان يجب أن يكون سابقاً للقرارات ومن ناحية ثانية فهي المقاربة التي تتلخص في أنّ المشاركة في الحوار لا تعني بالضرورة المشاركة في الانتخابات، وهنا يمكن تسجيل ملاحظتين، فـ»الجهاد الإسلامي» أعلنت أنها لن تشارك في الانتخابات كونها تجري تحت سقف اتفاقات أوسلو، ويعبّر هذا الموقف ضمنياً عن أنّ المشاركين في الانتخابات بما فيها حركة حماس إنّما يتجاهلون هذا السقف الذي تجري الانتخابات في ظله وتحت سقفه في حين أنّ الجبهة الشعبية التي لا تزال تدرس أمر مشاركتها في العملية الانتخابية فقد اعترضت على عدم تضمين البيان الختامي بنداً حول قرارات المجلسين الوطني والمركزي بالتحلل من اتفاقات أوسلو وضرورة التمسك بهذه القرارات وتنفيذها في تناغم مع ما توصلت إليه حركة الجهاد في تبريرها لعدم المشاركة في الانتخابات، الأمر الذي من شأنه تعزيز الاتجاهات الأكثر راديكالية في الجبهة الشعبية باتخاذ موقف بعدم المشاركة في ظل حسابات مؤتمرها الثامن القادم.
ومع توصّل الحوار الوطني الفلسطيني في القاهرة إلى البيان الختامي الذي وضع آليات لعملية انتخابية بعد إزالة العقبات الإجرائية كان هناك تبني مجلس الجامعة العربية في بيان وزراء الخارجية العرب للموقف الفلسطيني فيما يتعلق بحل الدولتين وحق تقرير المصير ومكانة القدس المحتلة والتمسّك بمبادرة السلام العربية، هذه المبادرة التي تم إهدارها من قبل عدة دول عربية من خلال التطبيع مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، في إشارة إلى أن هناك جهداً عربياً وإقليمياً ودولياً وراء دعم العملية الانتخابية الفلسطينية في سياق خارطة طريق لتجديد الشرعية وتوحيد الموقف الفلسطيني الرسمي انتظاراً لتفرغ إدارة بايدن لاستعادة ملف المفاوضات مع الاحتلال الإسرائيلي وخلافاً لتقديرات القيادة الفلسطينية الرسمية حول رهاناتها على الدور الأميركي المرتقب لهذا الشأن فإننا نعتقد أن القيادة ستنتظر إلى ما تتوقع حتى تضع إدارة بايدن هذا الملف على جدول أعمالها.
المصدر : وكالة سوا
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية