هل سيتم اعتقال شخصيات إسرائيلية؟
"يديعوت" تنشر تساؤلات مهمة لتبعات قرار الجنائية الدولية
ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية، صباح اليوم السبت، أن إعطاء قضاة محكمة الجنائية الدولية في لاهاي الضوء الأخضر ل فتح تحقيق في جرائم الحرب ضد إسرائيل، يمهد الطريق لاستصدار أوامر توقيف ضد شخصيات إسرائيلية.
وأفادت صحيفة "يديعوت " أحرنوت"، أن المسؤولين في إسرائيل، لم يفاجؤوا بقرار المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي الليلة الماضية (الجمعة)، والتي أعطت المدعي العام لمحكمة العدل " فاتو بنسودا" في المؤسسة الضوء الأخضر لفتح تحقيق في جرائم حرب ضد دولة إسرائيل.
وتساءلت الصحيفة: ما هي "جرائم الحرب" هذه ، وماذا يعني القرار؟، ومما يجب أن تخاف إسرائيل؟
ما هي جرائم الحرب المتخذة ضد إسرائيل؟
بحسب المدعي العام في لاهاي، فقد ارتكبت إسرائيل جرائم حرب، وكتبت في السياق الإسرائيلي أن التحقيق يظهر أن الجيش الإسرائيلي نفذ "هجمات غير أخلاقية" في ثلاث حوادث على الأقل تم التحقيق فيها، متهماً المدعي أيضاً بالتحقيق في حوادث إطلاق جنود الجيش الإسرائيلي النار على فلسطينيين تظاهروا بالقرب من السياج الحدودي في قطاع غزة في إطار مظاهرات "مسيرات العودة" التي بدأت في آذار / مارس 2018.
ما هو موقف اسرائيل من القرار؟
توضح المصادر في إسرائيل أن قرار المحكمة بالنسبة لهم خاطئ من حيث الأساس ويعتمد بشكل أساسي على الحجج السياسية وليس القانونية ، موضحين أنها في الواقع تخرج عن ولاية المحكمة وتدمرها، وتهدد أيضا الفرصة النادرة التي نشأت في المنطقة على أساس "الاتفاقات الإبراهيمية"، والتنسيق الأمني مع الفلسطينيين، كما أنها تلعب دور أيدي المتطرفين والمنظمات الفلسطينية.
وأصدر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تعليمات للوزراء بعدم التعليق علناً على قرار محكمة العدل الدولية، قائلاً "أثبتت المحكمة اليوم مرة أخرى أنها مؤسسة سياسية وليست هيئة قضائية".
وأضاف، "تتجاهل المحكمة جرائم الحرب الحقيقية، وبدلا من ذلك هي تلاحق دولة إسرائيل، وهي دولة ذات نظام ديمقراطي قوي، تقدس حكم القانون وليست عضواً في المحكمة".
وأكدً أنه "في قرارها هذا نالت المحكمة من حق الدول الديمقراطية في الدفاع عن نفسها من الإرهاب وهي لعبت في مصلحة جهات تقوض الجهود الرامية إلى توسيع دائرة السلام (..) مبيناً مواصلة " الدفاع عن مواطنينا وجنودنا بشتى الوسائل من الملاحقة القانونية".
ومن جانبه، قال وزير الخارجية غابي أشكنازي إن "قرار المحكمة الجنائية الدولية يحرف القانون الدولي ويجعل من هذه المؤسسة أداة سياسية في أيدي الدعاية المعادية لإسرائيل. وليس للمحكمة الجنائية الدولية صلاحية مناقشة القضية الفلسطينية"، مبيناً أن "دولة إسرائيل هي دولة ديمقراطية قوية مع قضاء، ولها تقدير عميق في جميع أنحاء العالم".
وقال إن "قرار القضاة يمنح جائزة للإرهاب الفلسطيني ويعمل على رفض السلطة الفلسطينية العودة للمفاوضات المباشرة مع إسرائيل. و ندعو الدول التي ترى أهمية في النظام القانوني الدولي وتعارض استغلاله السياسي، إلى احترام الحق السيادي للدول في اختيار عدم الموافقة على اختصاص المحكمة. دولة اسرائيل ستتخذ كل الاجراءات اللازمة لحماية مواطنيها".
ما هو موقف الولايات المتحدة من القرار؟
وحسب صحيفة "يديعوت" فقد علقت وزارة الخارجية الأمريكية على القرار قائلة، إن الولايات المتحدة "قلقة للغاية" بشأنه.
وأضاف المتحدث باسم وزارة الخارجية نيد برايس: " نحن نعترض على قرار المحكمة ". ومن المتوقع أن تطلب إسرائيل من إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن المساعدة في وقف تحقيقات المحكمة وفقاً للقانون.
ومن المتوقع أن تنتظر المحكمة حتى تغيير الإدارة الأمريكية خوفاً من عقوبات الرئيس السابق دونالد ترامب ، الذي وقع في يونيو 2020 مرسوماً رئاسياً يأذن بفرض عقوبات اقتصادية على كبار أعضاء المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي المتورطين في التحقيق مع القوات الأمريكية وملاحقة عملياتها في أفغانستان أو حلفاء الولايات المتحدة بما في ذلك إسرائيل. وتضمن الأمر مصادرة أصول هؤلاء المسؤولين الكبار في محكمة العدل الدولية في لاهاي ، فضلاً عن رفض دخولهم ودخول أفراد عائلاتهم إلى الولايات المتحدة.
هل نشر القرار متوافق مع اسرائيل؟
لم يتم إخطار وزارة الخارجية الإسرائيلية مسبقاً بأنه سيتم اتخاذ قرار بشأن مسألة التحقيقات مساء الجمعة ، لكن معروفاً منذ شهور أن القرار قد يأتي في أي لحظة. من جهتها قاطعت إسرائيل الدعوى برمتها حتى لا تضفي عليها الشرعية ولم ترد على استفسارات المحكمة.
هل القرار نهائي؟
ونوهت صحيفة يديعوت إلى أنه "من المتوقع أن تنهي المدعية الرئيسية في المؤسسة منصبها هذا الصيف، ويجري حالياً اتخاذ إجراء لاختيار مدعية جديدة سيكون لها تأثير على التحقيق ضد إسرائيل ، ويمكنه نظرياً إعادة فحص هذا التحقيق أو إيقافه".
هل يمكن الآن اعتقال شخصيات إسرائيلية في الخارج؟
أفادت الصحيفة بأنه في هذه المرحلة لا يتوقع أي خطر أو تهديد للإسرائيليين، لكن العملية طويلة - وإذا فتح تحقيق في المحكمة في المستقبل، فهذا سيناريو صعب وخطير بالنسبة لإسرائيل.
وتابعت يديعوت: "القرار يعني أنه تم تمهيد الطريق لفتح تحقيق ضد دولة إسرائيل في جرائم حرب ، وإذا حدث ذلك فقد نجد العناصر الإسرائيلية، من الجيش ومن يروجون للنشاط الاستيطاني ، أنفسهم في مواجهة الإجراءات الجنائية ، بل ويمكن توجيه توقيف أو أوامر اعتقال ضدهم".
وأضافت الصحيفة الإسرائيلية أن القرار يمكن أن يشمل كبار المسؤولين مثل رئيس الوزراء، والوزراء ، ورئيس الأركان ، ورؤساء المستوطنات والمجالس المحلية وكبار الضباط في الجيش الإسرائيلي.
ونوهت إلى أنه من المحتمل أن تتنافس إسرائيل مع المحكمة ولن تتعاون معها، موضحة: "هناك خوف من أن تصدر المحكمة أوامر اعتقال بحق إسرائيليين دون علم الشخص الذي صدر الأمر بشأنه ، و بمجرد إصدار مذكرة اعتقال، تكون كل دولة عضو في المحكمة ملزمة بالطاعة وتحويل المعتقل إلى محكمة لاهاي".
وبينت "يديعوت" أنه إذا صدرت أوامر اعتقال ضد مسؤولين إسرائيليين كبار، فإن قدرتهم على السفر إلى العديد من البلدان ستكون في الواقع مقيدة وسيتطلب القرار من إسرائيل اتخاذ استعدادات خاصة وحذر شديد بشأن رحلات الشخصيات الإسرائيلية وكبار الضباط إلى الخارج خوفاً من الاعتقال.
وزادت: "لقد صاغت دولة إسرائيل بالفعل سلة من الأدوات التي ستجعل من الممكن التعامل مع فتح مثل هذا التحقيق من قبل محكمة لاهاي أمراً صعباً ، ووضع مظلة واقية لشخصيات وضباط إسرائيليين ستختار المحكمة التحقيق فيها".
مما تخشى إسرائيل؟
مسؤولون إسرائيليون كبار صرحوا أن قضية لاهاي سترافقهم لفترة طويلة و "ستحدث شرخاً كبيراً، ودولة إسرائيل ليست عاجزة ولديها ما تفعله بشأن هذه القضية. وفق يديعوت
وزادت: "أحد المخاوف المذكورة في جلسات الاستماع في إسرائيل هو من تأثير القرار الذي من شأنه أن يردع الضباط وكبار المسؤولين عن الانخراط في المشروع الاستيطاني، والذي تعتبره المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي جريمة حرب، مما قد يؤثر على قادة إسرائيليين مسؤولة عن البناء في المستوطنات، وهدم المنازل ومصادرة الأراضي في المناطق الفلسطينية ، بالرجوع خطوة إلى الوراء".
ما هو موقف الفلسطينيين من القرار؟
رحب رئيس الوزراء الفلسطيني " محمد اشتية " بقرار محكمة العدل الدولية ، قائلا إنه " انتصار لضحايا الجرائم الإسرائيلية ". كما طالب اشتية المحكمة بالتحقيق بأسرع وقت في "جرائم إسرائيل" في الحروب الثلاثة الأخيرة في قطاع غزة وقضية الأسرى وقضية المستوطنات.
كما رحب وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي بقرار محكمة العدل الدولية الاعتراف بالسلطة الفلسطينية كدولة عضو ، ودعا النائب العام إلى فتح تحقيق جنائي ضد كبار المسؤولين الإسرائيليين في أقرب وقت ممكن ، على "جرائمهم ضد الشعب الفلسطيني ".
وقال حسين الشيخ المسؤول في السلطة الفلسطينية إن "قرار محكمة العدل الدولية ضم السلطة الفلسطينية كدولة عضو وفقا لمعاهدة روما يشكل انتصاراً للحقيقة والعدالة والحرية والقيم الأخلاقية على مستوى العالم. "
يذكر أنه في الشهر الماضي، عبّر مسؤولون إسرائيليين عن تخوّفهم من فتح الجنائية الدوليّة تحقيقًا في ارتكاب جرائم حرب بحق الفلسطينيين خلال العدوان على غزة عام 2014 والبناء الاستيطاني في الضفة الغربية و القدس الشرقية المحتلتين، في أعقاب انتهاء ولاية الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، الذي فرض عقوبات على المحكمة، وبدء ولاية الرئيس جو بايدن.