نصيحة يقدمها كل مسافر مغادر أو قادم عبر معبر الكرامة للمواطنين،
مفادها اجتنبوا يومين للسفر إلى الأردن أو العودة إلى أرض الوطن، هما يوم
الأحد للقادمين من الأردن ويوم الأربعاء للمغادرين.
كثيرون لا يسمعون
هذه النصيحة، ويفضلون تجربتها، ليدركوا أنها أكثر مرارة من العلقم... يوم
الأحد قد يحتاج المسافر بين 10 إلى 12 ساعة في بعض الأحيان للوصول من جسر
الملك حسين (الجانب الأردني) إلى الاستراحة في أريحا.. والأصعب من ذلك أن
يحتجز بين 50 راكباً أو أكثر في حافلة متهالكة من 5 – 6 ساعات ليقطع مسافة
لا تزيد على ثلاثة كيلومترات في أحسن الأحوال...
الحافلة التي تحتاج عدة
ساعات لتقطع ما معدله 500 متر في كل ساعة، تقل مواطنين من كافة الأعمار،
أطفالاً، ونساء، وشباباً، وشيوخاً، ومرضى، وأصحاب إعاقات إلى غير ذلك...
تصوروا
مثلاً أن أكثر من راكب مصاب بالسكري يحتاج إلى قضاء الحاجة كل نصف ساعة
مثلاً، أي يحتاج إلى مغادرة الحافلة ما لا يقل عن 10 مرات... ولكن
التعليمات واضحة، لا يسمح لأي راكب بالنزول بصرف النظر عن الحاجة...
وتصوروا - يرعاكم الله - ما هي البدائل...
ويوم الأربعاء للمغادرين
القضية نفسها... أنت تصل المعبر في ساعات الفجر الأولى فتجد أمامك عدة آلاف
من المعتمرين ينتظرون المغادرة...
باختصار المشكلة على معبر الكرامة
أصبحت في المعتمرين، ونأمل ألا نفهم خطأ وكأننا ضد العمرة أو ضد الشعائر
الدينية، ولكننا قطعاً ضد الانفلات الحاصل، والذي أصبحت فيه العمرة قضية
تجارة شنطة، وليست عبادة...
يؤكد أحد المطلعين على المعبر أن نسبة عالية
من المعتمرين هم ممن يشدون الرحال إلى السعودية بشكل دوري ليعودوا محملين
بمجموعة من الحقائب التي تعج بكافة أنواع البضائع بما فيها المقوّيات
الجنسية!.
تكلفة العمرة هي الأقل بالنسبة إلى الفلسطيني، لأن السعودية
لا تتقاضى رسوماً على ذلك، ومعدل كلفتها 120 ديناراً للفرد الواحد... أي
عبارة عن صافي ربح ثلاثة صناديق سجائر أجنبية إضافة إلى جهاز هاتف خليوي...
إذن لماذا لا يذهب كل شهر مرة... ما دامت تكلفة السفر صفرية بل أكثر ربحاً
للذكي الذي يستغل الموقف... والنتيجة كارثة تحل بكل المسافرين المغادرين
أو القادمين في أيام العمرة...
عجباً لهؤلاء الناس الذين يبحثون عن
الأجر والثواب في العمرة فقط، وهل هذا الأجر يقتصر على العمرة أم أن الأولى
التبرع لمستشفى أو مدرسة أو فقير أو يتيم فلسطيني!... هل هناك فتوى شرعية
تؤكد أن ثواب العمرة أكبر... إذن لماذا كل هذه الفوضى؟...
الشؤون
المدنية تتحمل جزءاً من المسؤولية ووزارة الأوقاف، أيضاً، تتحمل جزءاً من
هذه المسؤولية... فلماذا لا تطبقان شروط الحج على العمرة وتمنعان أي مواطن
من ممارسة هذه الشعيرة الدينية أكثر من مرة كل عام أو حتى عامين. أو أن
يمنع المعتمر من اصطحاب أكثر من حقيبة وبوزن لا يزيد على ثلاثين كيلو
غراماً.
مسؤول في المعبر يؤكد أن المشكلة تكمن في كمية الحقائب التي
يحملها كل معتمر والتي تصل إلى ما معدله 4 حقائب بوزن لا يقل عن 150 كيلو
غراماً، إضافة إلى جالون واحد أو أكثر من مياه "زمزم"...
قوافل المعتمرين الأسبوعية مغادرين أو قادمين تزيد على مائة حافلة... والأولوية للعمرة... لماذا للعمرة ومن الذي أقرّ ذلك؟
لا أحد يعرف... ما ذنب المواطن في التاجر تحت مسمّى المعتمر، ولماذا يدفع من وقته وصحته النفسية والجسدية ثمناً لهذه التجارة...
حركة
"كرامة" لم نعد نسمع لها صوتاً، وكأن الأمور قد أصبحت على ما يرام.. بل
على العكس... معبر الكرامة أسوأ مما كان عليه... وقبل المغادرة أو بعدها
يعيش المسافر كابوساً حقيقياً لا يوجد له مثيل في العالم...
المطلوب هو
قرار واضح من السلطة لإعادة ترتيب الأوضاع لوقف تجارة العمرة... ولتكن
الضرائب على المعبر من الجانب الفلسطيني حقيقية من أجل أن تصبح هذه التجارة
دون فائدة... ولتبقى أموالنا في بلدنا.
المسافرون يصرخون بألم...
والقهر النفسي والجسدي الذي يعانونه أكبر مما يتوقع أي مسؤول فهل تدخل
أصحاب القرار لوقف مسلسل "المسافر"؟!.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية