تثير تصريحات قيادات حركة حماس وناطقيها الحيرة من جهة والامتعاض من جهة ثانية في المسائل الثلاث المتعلقة بمستقبل قطاع غزة وشرعية الرئيس ورفض قرارات مجلس الوزراء المتعلقة باللجنة الادارية والقانونية ولجنة استلام المعابر.
في المسألة الاولى المتعلقة بالتصريحات التي اطلقها محمود الزهار القيادي في حركة حماس حول مستقبل قطاع غزة ووجود ادارة مدنية أو غير ذلك في قطاع غزة باتفاق مع إسرائيل لهدنة طويلة الاجل "لمدة خمسة عشر عاما". هي خطوة لها حظوة فكرية في فكر حركة حماس منذ طرحها من قبل زعيم الحركة أحمد ياسين ، وتحظى بقبول فكري لدى نشطاء حماس حيث يمكن تفسيرها بنطاق أو منطوق ديني أو استحضاره من الموروث الديني أو التاريخ الاسلامي أي من السلف على غرار صلح الحديبية مع كفار قريش أو حطين مع الفرنجة.
لكن الخطيئة بالتأكيد سياسية سواء كان هذا الامر حقيقة واقعة أم تهديدا لقيادة منظمة التحرير الفلسطينية؛ ففي الاولى بسبب غياب فهم موازين القوى من ناحية، وتكرار تجربة خاضها الفلسطينيون طوال عشرين عاما من ناحية ثانية، وفصل القطاع عن الضفة الغربية وقِبْلَتُها الأهم " القدس " من ناحية ثالثة، وغياب أي افق لحل سياسي مستقبلي من ناحية رابعة. هذا كله مقابل ادارة بقعة جغرافية ضيقة ذات كثافة سكانية في عداء مستمر مع الدول المجاورة لا يبشر بقدرة العيش الكريم لسكانه. وفي الثانية "التهديد" غياب المسؤولية الوطنية لدى قيادة حركة صاحبة نفوذ كبير لديها القدرة على الاعتراض "الفيتو" في مجريات الاحداث الفلسطينية وادارة الحكم بفعل قدرتها العسكرية واجهزتها الامنية وسيطرتها على القطاع أصلا.
أما المسألة الثانية المتعلقة برفض قرار انشاء لجنة ادارية قانوني للنظر في مستقبل موظفي قطاع غزة واستلام المعابر دون توضيح سبب الرفض بحجة تفرد الحكومة باتخاذ القرار. هذا السبب يتنافى مع حقيقتين؛ الاولى: اتفاق المصالحة. والثانية: اجتماع اللجنة السداسية المشكلة من الحكومة وقيادة حركة حماس التي اجتمعت في الاسبوع الماضي. قد يكون الرفض مقبولا لنتائج اللجنة في حال شَعَرَ موظفو حماس بالغبن والإجحاف أو الخروج على نصوص اتفاق المصالحة. أما استباق النتائج فهو عمل فوضوي ورفضوي لا يشير الى نوايا حسنة بل يطيل شبح الانقسام ويُبقي الفرقة.
المسألة الاخيرة تتعلق بالحديث عن شرعية الرئيس أو انتهاء ولايته ما يثير السخرية خاصة عندما يأتي من نواب حركة حماس في المجلس التشريعي المنتهية ولايتهم منذ أكثر من اربع سنوات. وكذلك الأمر هنا يتعلق بانتهاك ثقافة الاختلاف حيث لا يجوز لحركة حماس القول بأن الرئيس غير شرعي اليوم وفي اليوم التالي تصفه بالشرعي وتطالبه بإصدار امر ما أو تحمله مسؤولية حدث ما. كما ان هذا الأمر في خطاب قيادة حماس وناطقيها يحاول الاستهزاء بعقول الفلسطينيين ويجافي الأمر الواقع فضلا عن كونه يزيل الشرعية عن حركة حماس التي فازت في الانتخابات العام 2006.
بالتأكيد الاحتكام الى ارادة الناخبين وإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية هي الالية الوحيدة لمنح الشرعية أما الابقاء على أو تجميد الانتخابات ورهنها لأكثر من تسع سنوات لا تمثل فقط عمل غير شرعي بل هي خيانة لإرادة لناخبين.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية