ما حدث في مخيم اليرموك مؤخراً، من أحداث، وما بُذل من جهود فلسطينية وسورية، وصلت إلى حد غير مقبول، من الأطراف جميعاً.
على الجانب العسكري والميداني، مثّل ما حدث مأساة إنسانية، وصلت إلى حد الكارثة الإنسانية، التي تستدعي تدخلاً دولياً لإنقاذ، ما يقارب 20.000 مواطن فلسطيني، عالقين ما بين «داعش» والبراميل المتفجرة، وسط الخراب والدمار.
على الجانب السياسي وما بُذل من جهود، وصل إلى حد الإعلان، عن تشكيل غرفة عمليات مشتركة، سورية ـ فلسطينية، لإدارة عمليات عسكرية، تستهدف «تحرير» مخيم اليرموك، والقضاء على العصابات المسلحة ـ الإرهابية، من «داعش» و»النصرة».
أثار الإعلان عن تشكيل غرفة العمليات هذه، حفيظة وغضب م.ت.ف، وفصائلها الوطنية، ذلك أن تشكيل هذه الغرفة، سيعني توفير غطاء فلسطيني، لتدمير ما تبقى من مخيم اليرموك من جهة، وإبادة ما تبقى منه من لاجئين فلسطينيين.
الغريب والعجيب في هذا الإعلان الخفيف والمشبوه في آن، هو إعطاء غطاء فلسطيني للقضاء على وجود فلسطيني، وهو أمر غريب وعجيب حقاً.
حددت اللجنة التنفيذية لـ م.ت.ف، وعلى لسان أمين سرها، موقفاً واضحاً للغاية، بأن تفوهات كهذه لا تمثلها لا من قريب أو بعيد، وبأن المنظمة لم يسبق لها وأن أعطت غطاءً لأحد، في اجتياح مخيم فلسطيني.
كما أوضحت أوساط فلسطينية، وشخصيات وطنية، ومسؤولون في الفصائل والقوى الفلسطينية، بأن تشكيل غرفة عمليات مشتركة سورية ـ فلسطينية، يتضمن مغالطات، تنم عن جهل واضح، للوضع الفلسطيني في سورية، ومحاولات لذر الرماد في العيون، لعل أولى تلك المغالطات، هو أن مخيم اليرموك، يقع في الجغرافيا السورية، وأن مسؤولية الأمن والأمان، تقع على عاتق السلطات السورية، وأن القوة العسكرية في سورية، هي قوة سورية، يمثلها الجيش السوري، وفروع الأمن السورية، وبأنه ومنذ زمن يزيد على ثلاثين عاماً، لم يعد في سورية قوى فلسطينية مسلحة، إلاّ ما ندر... لأسباب لا مجال لشرحها أو استعراضها في هذا المقال!!
الحديث السخيف عن غرفة عمليات مشتركة، هو كلام فارغ، لا مصلحة للفلسطينيين فيه، لا من قريب ولا من بعيد!!!. اجتياح مخيم اليرموك، بكل ما سيحمله من مآسٍ ومرامٍ سياسية، يستحيل على عشرات من الفصائل المختلفة، أن تشكل قوة قادرة، بل ومشاركة، في أي هجوم يرمي إلى «تحرير» المخيم من عصابات «داعش» و»النصرة».
القوة القادرة، هي ما سبق وأن شاهدناه سابقاً، عبر إغارات سلاح الجو السوري، وقصف البراميل المتفجرة، وصواريخ أرض ـ أرض ... وغيرها من الأسلحة الاستراتيجية، وهي بالطبع، ليست في حوزة الفصائل الفلسطينية.
أصبحت الأمور واضحة، الآن الموقف الرسمي الفلسطيني لن يعطي غطاء لأحد في اجتياح المخيم، وذبح من تبقّى فيه من لاجئين، ولن يكون عنواناً لتدمير ما تبقّى فيه من منازل وبنى تحتية، بهدف إلغائه ومسحه من الوجود، تماماً كما سبق وحدث في تل الزعتر وضبية وجسر الباشا.. قد يقول قائل، إن وضع مخيم اليرموك، وبعد دخول «داعش» إليه، لم يعد تحت السيطرة الفلسطينية.. والسؤال هنا، ومتى كان اليرموك تحت السيطرة الفلسطينية؟! الأمور باتت تحتاج إلى إعادة قراءة، متأنية ودقيقة، لما حدث، بهدف عدم إعادة تكراره.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية