مسؤول إسرائيليّ: حرب غزّة الأخيرة كانت الفشل الأكبر والأخطر للجيش الإسرائيليّ

القدس / سوا / على الرغم من مرور أكثر من نصف سنة على انتهاء العدوان البربريّ، الذي شنّته إسرائيل ضدّ قطاع غزّة، ما زالت النقاش داخل المؤسسة الأمنيّ!ة والسياسيّة حول نتائج العدوان حامي الوطيس، ففي الوقت الذي يزعم أقطاب الحكومة الإسرائيليّة بإحراز نجاح باهر في عملية (الجرف الصامد) في صيف العام الماضي، يخرج العديد من الخبراء والمسؤولين وصنّاع القرار بتصريحات تؤكّد على أنّ إسرائيل فشلت فشلاً مُوديًّا في الحرب، فعلى سبيل الذكر لا الحصر، أجريتْ مقابلة مع عضو الكنيست عوفر شيلح، وهو عضو لجنة الخارجية والأمن الذي حقّق في الماضي في دور الجيش الإسرائيلي في حرب لبنان الثانية (حرب تموز) عام 2006 وفي الانتفاضة الثانية بين عاميّ 2000-2003، ونشرتها صحيفة (هآرتس) الإسرائيليّة في عددها الصادر امس الجمعة.


بحسب شيلح، الفشل الأخطر في القتال الإسرائيلي كان حقيقة أنّه في نهاية القتال عادت إسرائيل إلى نقطة الصفر، تمامًا إلى المكان الذي كانت فيه قبل اندلاع المعارك، والآن كما كان سابقًا ليست هناك لدى الجيش إستراتيجيّة فعّالة لمواجهة التهديدات من قطاع غزة ولبنان، على حدّ تعبيره.

 وقد وجّه شيلح، وهو من أقطاب حزب (يش عتيد)، في الحديث مع الصحيفة العبريّة أصابع الاتهام باتجاه رئيس الحكومة نتنياهو، وزير الأمن موشيه يعلون وقادة الجيش قائلا: رغم إنّ الحرب كانت حربًا متوقّعة من قبل، فلم تدخل إسرائيل والجيش فيها وهي مستعدّة، لا سياسيّا ولا عسكريًا. وتابع قائلاً: رئيس الوزراء الذي يتجنّب أيّ نقاش حقيقيّ ووزراء الأمن الذين يتمسّكون بتصوّرات من الماضي هم مسؤولون بشكل مباشر عن كون الجيش الإسرائيليّ لم يكن مستعدًّا لعملية (الجرف الصامد) وأنّ إسرائيل لم تحقّق أيّة إنجازات في العملية. ولأنّ الجميع يدفنون رؤوسهم في الرمال، فسيحدث ذلك بالضرورة مجدّدًا، حسبما قال.


وتابع النائب شيلح قائلاً في معرض ردّه على سؤال إنّ الفشل في الحرب بغزة أكبر من جميع حالات الفشل التي مرّت بها إسرائيل في حرب تشرين عام 1973 وحرب لبنان الثانية (حرب تموز) في صيف عام 2006. وقال: في يوم الغفران، وهي التسمية الإسرائيليّة لحرب تشرين، (1973) كانت هناك مفاجأة استخباراتية رافقها فشل في القيادة، ولكن الفكرة الرئيسية لتصوّر الأمن صمدت أمام الاختبار واستطاع المقاتلون في الجبهة قلب الطاولة. في حرب لبنان الثانية، شاهدنا عدم الكفاءة لدى الجيش الإسرائيلي بعد سنوات من الانتفاضة الثانية في الأراضي المحتلة، إلى جانب الفشل القيادي في إدارة الحرب.


ولكن، شدّدّ النائب شيلح، في غزة جرت حرب تمّ تشكيل اتجاهها واستعدادات العدوّ لها خلال خمس سنوات. لم تكن فيها أية مفاجأة. كان هناك يقين مطلق بأنّها ستأتي. ومع ذلك، ففي اختبار النتيجة مرّ 51 يومًا دون أيّ إنجاز. 

ولفت شيلح إلى أنّ الباحثين الإسرائيليين، المتخصصين في الشؤون العسكريّة يعتقدون بأنّ القتال في غزة قد انتهى، مرة أخرى، مع تعادل استراتيجيّ. علاوة على ذلك، تفتخر إسرائيل بكونها ضربت حماس ضربة قاضية، أزالت أنفاقها الهجومية، وبكونها فرضت وقف إطلاق النار وفقا لشروطها، وبكونها تغلّبت على مقاتلي حماس على المستوى التكتيكي.

 في المقابل، تفتخر حماس أيضًا بإنجازاتها الخاصة: فقد أثبتت بأنّ حكمها مستقرّ، وأنّه ليس هناك حلّ عسكري لمشكلة غزة. ووفقًا لحماس، فإنّ وقف إطلاق النار في نهاية العملية تمّ تحت شروطها، وليس شروط إسرائيل.


علاوة على ذلك، رأى مُحلل الشؤون العسكريّة في موقع (المصدر) الإسرائيليّ أنّ الجيش الإسرائيليّ يعتقد أيضًا أنّ الحرب الأخيرة قد قوّضت المسلّمات الأساسية التي تقوم عليها الإستراتيجيّة الأمنية الإسرائيلية، كما أنّ منظومة الاستخبارات لم تحدّد موعد اندلاع المواجهة مسبقًا، ولم يتخيّل أحد بأنّه بعد 51 يوما من القتال، ستستمرّ حماس في الوقوف بحزم ولن تتوسّل لوقف إطلاق النار. 

في المقابل، أضاف، هناك مَنْ يرى صورة الدمار الهائل في غزة، ويفهم الوضع الدولي المعقّد الذي وجدت حماس نفسها فيه، لا يمكنه الادعاء بأنّ حماس انتصرت في المعركة.

ولذلك فسيبقى السؤال من انتصر في حرب غزة في صيف 2014 معلّقا. واللافت أنّ المقابلة الخاصّة مع النائب شيلح، جاءت بالتزامن مع المُقابلة التي نشرتها اليومة الجمعة صحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة مع قائد المنطقة الجنوبيّة، الجنرال سامي تورجمان، الذي كان مسؤولاً عن إدارة المعركة ضدّ حماس. بحسب تعبيره، فالعملية التي سُمّيتْ في إسرائيل (الجرف الصامد) كانت انتصارًا كبيرًا.


وقال تورجمان في المقابلة: تسبّبت العملية بضربة قاسية جدّا لحماس، وهي الأسوأ منذ تأسيسها. كان ذلك انتصارًا. ادعى تورجمان أنّه قد تمّ إحباط جميع خطط حماس الإستراتيجية وقت القتال، وبأنّ التقارير الاستخباراتية تشهد على أنّ حماس لم تنجح في تنفيذ أفكارها الهجومية بشكل أساسيّ بسبب نظام “القبة الحديدية”. 

وشدّدّ الجنرال الإسرائيليّ على أنّ منظومة القوة التابعة لحماس، والتي استغرق إنشاؤها خمس سنوات لم تنجح في تحقيق الإنجاز الذي طمحت به. 

ومع ذلك، لم يتجاهل تورجمان بأنّه وقعت أخطاء خلال العملية، وخصوصًا الرؤيا التي بحسبها يُحظر إخلاء المستوطنات الإسرائيلية في منطقة غلاف غزة من مستوطنيها حتى لا يتمّ منح حماس شعور الإنجاز.


وأضاف بأنّه لو جرت جولة قتال جديدة، فسيُوصي القيادة بإخلاء المستوطنات حتى نهاية المعارك، كما أشار إلى التقصير من قبل أجهزة الاستخبارات الإسرائيليّة، التي لم تمنح الجيش الصورة الواضحة عمّا يجري في قطاع غزّة، الأمر الذي منعه من القتال بحريّة، حسبما ذكر.

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد