التغيرات الاقليمية لاعب أساسي في الساحة الفلسطينية
غزة /خاص سوا/ ازداد الحديث مؤخراً على لسان قيادات في حركة المقاومة الإسلامية ( حماس ) عن أن الأيام المقبلة ستحمل في طياتها انفراجات بسبب تغيرات اقليمية ودولية تحدث في المنطقة من شأنها أن تنعكس ايجاباً على الوضع الفلسطيني الداخلي وخصوصاً على قطاع غزة الذي يعاني سكانه الأمرّين في ظل استمرار الحصار وعدم اعمار ما دمرته إسرائيل خلال الحرب التي شنتها على القطاع صيف العام 2014.
وفي الوقت الذي قال فيه نائب رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) إسماعيل هنية إن "المتغيرات الإقليمية والدولية والإسرائيلية تقول إن المرحلة القادمة تحمل لأصحاب المبادئ ولأصحاب المشاريع الكبرى البشائر والأمل".
يفسر القيادي في حركة حماس د. إسماعيل رضوان خلال حديث مع "سوا"، تصريحات هنية بأن هنالك نوع من الانفتاح الذي تحرص عليه الحركة مع دول عربية وإسلامية بسبب التغيرات في المنطقة، إلى جانب توافر امكانية كبيرة في الوقت الراهن لتحقيق المصالحة الفلسطينية في ظل فوز اليمين الإسرائيلي وعدم بقاء فرصة للسلطة للعودة إلى المفاوضات مع إسرائيل.
وأكد رضوان أن حركته تنظر للمصالحة كخيار استراتيجي ولن تتخلى عنه حتى في ظل تغير المواقف الاقليمية تجاه حركة حماس أو حدوث انفراجات على قطاع غزة، قائلاً "نحن لا نريد أبداً الاستقلال في قطاع غزة أو الانفصال عن فلسطين وليس على أحد ان يتصور بأن أي انفراجه لقطاع غزة أو اعادة الاعمار من شأنها أن تعزز الانقسام".
وعلى الرغم من التفاؤل الحمساوي تجاه التغيرات الاقليمية في المنطقة العربية، وتوقعات قيادات الحركة الإسلامية بانفراجات عليها وعلى قطاع غزة الذي تحكمه، يحذر محللون سياسيون من أنه لا ينبغي بالمطلق المراهنة على تغيرات الوضع الاقليمي والذي من الممكن تغيره في أي وقت وانعكاسه بشكل سلبي على المصالحة الفلسطينية وقطاع غزة.
ويجمع المحللون على ضرورة أن تكون قرارات المصالحة الفلسطينية قرارات نابعة من قناعة طرفي الانقسام، وليس كحل أخير بعد فشل الخيارات الأخرى، واعتماداً على متغيرات اقليمية كما هو الحال في الوقت الراهن.
يقول المحلل السياسي د.عدنان ابو عامر إن هنالك تغيرات اقليمية ودولية تحدث في المنطقة و لها دور ايجابي على القضية الفلسطينية وخصوصاً فيما يتعلق بموضوع اتمام المصالحة، لكنه حذر من أن التغيرات الاقليمية التي تمر بها دول الاقليم لا ينبغي المراهنة عليها، لان هذه الدول تعمل من أجل تحقيق مصالحها ولا يعنيها كثيراً خدمة القضية الفلسطينية مقابل اعتباراتها الخاصة الداخلية والخارجية.
ويشير أبو عامر لـ"سوا" إلى ضرورة أن يبدأ قرار المصالحة في الضفة وغزة، وليس بناءً على التغيرات الاقليمية لأن ذلك سينعكس بالسلب على ملف المصالحة حال حدوث أي تغيرات دولية جديدة لا تريد المضي في ملف المصالحة.
كما يرى أبو عامر أن الخلاف الأمريكي مع إسرائيل وعلى الرغم من حالة الارتياح التي تعيشها السلطة في رام الله جراءه، لكنه لا يعني بالمطلق أن أمريكا ستسمح للسلطة بالتحالف مع حماس ضد إسرائيل.
أما المحلل السياسي حسام الدجني فيرى أن التغير الذي حدث في العربية السعودية بعد وفاة الملك عبد الله وقدوم الملك سلمان، كان أبرز المتغيرات لصالح القضية الفلسطينية وخصوصاً لقطاع غزة.
ويوضح الدجني لـ"سوا" أن حالة الهدوء التي سادت في الأيام الأخيرة بين مصر وقطاع غزة، هو نتيجة للجهد السعودي وهو ما شهدته الأيام الأخيرة من ترميم العلاقة بين مصر وحماس.
كما يبين الدجني أن العروض الدولية على حركة حماس لإعلان هدنة لخمس سنوات من شأنها أن تخفف الحصار عن غزة وتساهم في انجاز ملفات المصالحة رزمة واحدة في حال وافقت إسرائيل عليها.
ويشير إلى ان الإدارة الأمريكية باتت تدرك أن سياسة احتواء حركة حماس، أفضل بكثير من عزلها وهو ما تم ملاحظته بعد اعتراف الولايات المتحدة بحكومة التوافق على الرغم من معارضة إسرائيل عليها في ذات الوقت.
بدوره يؤكد المحلل السياسي والمحاضر بجامعة الأزهر بغزة د. مخيمر أبو سعدة أن التغيير في سياسة السعودية تجاه حركة حماس ستكون له آثار ايجابية على القضية الفلسطينية.
ويبين أبو سعدة لـ"سوا"أن الملك السعودي سلمان لا يرى ان حماس وغيرها من التيارات الإسلامية السياسية تشكل خطراً على المنطقة، بينما يركز أكثر على احتواء التغول الشيعي في المنطقة وذلك من شأنه أن يرفع العزلة السياسية عن حماس اقليميا لأن السعودية لديها قدرات كبيرة على الصعيد الاقتصادي والمالي ومن شأنها التأثير على دول أخرى كبيرة في المنطقة.
ويشير أبو سعدة إلى أن حركة حماس بدأت باتصالاتها الاقليمية من أجل محاولة تخفيف الحصار عن غزة، بعد شعورها بأن فتح أدارت ظهرها للمصالحة وأن الحكومة والرئيس لم تعالج الأزمات التي يعشيها القطاع يوميا بعد توقيع اتفاق المصالحة.
لكن المحلل أبو سعدة يرى أنه وعلى الرغم من التغيرات الاقليمية الحادثة والعروض الدولية على حماس لإنهاء الحصار مقابل هدنة لخمس سنوات، إلا أنه لا ينبغي بالمطلق لحركة حماس أن تستغني عن خيار المصالحة.
ويؤكد أبو سعدة أن الحل للوضع المعقد الذي تمر به الأراضي الفلسطينية يمر عبر خطوات أساسية أولها انجاز موضوع المصالحة وطي صفحة الانقسام، وعدم العودة إلى المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية على حساب المصالحة، بالإضافة إلى العمل على تأمين الدعم السياسي والاقتصادي العربي والاسلامي لنجاح المصالحة الفلسطينية.