منذ ثمانية سنوات وربما أكثر بقليل، ومأساة الانقسام السياسي أصبحت مسيطرة على حياة الناس، وللأسف انعكست بالسلب على كل المناحي، اجتماعية واقتصادية وسياسية، وفي بداية الانقسام تعززت العداوات واستفحلت القضايا لذا أصبح على رأس أولويات أي حوار مصالحة، ملف المصالحة المجتمعية، وكان في البداية ملفا ضاغطا على الجميع، حتى ساءت الأمور أكثر على الصعيدين الاقتصادي والسياسي، وشهدنا حوارات مختلفة ولقاءات ربما لا حصر لها وكأن لسان الحال يقول لقاء فاتفاق فتوقيع فعناق فصور توزع بكثرة للإعلام.
فانتكاسة كبيرة ألقت بظلالها على طموح وأمل ورغبة المواطن الفلسطيني في الحياة، والجميع قادة وساسة وأصحاب رؤى سياسية ساهموا بشكل واضح في تفشي هذه الحالة وتكريس ثقافة الضياع، ضياع الهوية والانتماء والحب للوطن لدى الكثيرين، بفعل هذا الصراع الذي حرف البوصلة وجرد الجميع من أسلحته وأدواته التي كان من المفترض أن يستقوي بها في صراعه مع المحتل ليصل في نهاية المطاف إلى ما وعد به (الدولة الفلسطينية) التي أصبحت اليوم صعبة المنال على أرض الواقع بفعل التعنت الإسرائيلي من جانب، والعوامل الداخلية الفلسطينية من جانب آخر، هذه العوامل التي هدمت مفهوم الدولة في نفس المواطن الفلسطيني بفعل ما شاهده من أحداث تعصف بالإخوة، وحولتهم إلى الإخوة الأعداء، فهذا العداء الداخلي وهذا التشرذم والانقسام وهذا الضياع بالتأكيد لن يبني دولة، إلا إذا كنا نريد أن نبنيها على أنقاض المواطن الفلسطيني.
هذا المواطن الذي يعاني الآن مر الحياة وصعوبتها، ويخشى على نفسه، ويُصَادِر على نفسه قول رأيه حتى لا يصنف سياسيا فيحسب على طرف دون الآخر فيناله من التهميش وربما ما هو أكثر من ذلك ما يناله، كل هذه العوامل وغيرها ساهمت بشكل كبير في هذه الحالة التي نعيشها، واستفحلت المشكلات بطريقة أصبحت تهدد النسيج المجتمعي، وتوالت علينا الأزمات من حصار سياسي واقتصادي، وانقطاع مستمر للتيار الكهربائي، وبطالة وفقر، وتجارة وصناعة تدمر على رؤوس الأشهاد، وهذا الأمر يستدعي من الجميع أن ينحوا خلافاتهم المستمرة والتي أصبح من الواضح للمواطن الفلسطيني أنه لا يمكن لساستنا أن يتفقوا أو تتلاقى أفكارهم، ولكن لا أقل من وفاق يعيد للناس الأمل في الحياة، ويضع بذورا للبناء من جديد... السادة الكرام رئيسنا الفلسطيني حكومتنا الفلسطينية قادة الفصائل الفلسطينية طريق الدولة يبدأ من هنا (المواطن الفلسطيني) أعيدوا للمواطن كرامته، أعيدوا له احترامه، أعيدوا له ثقته في نفسه و فيكم، أعيدوا له روح الانتماء والحب لهذا الوطن من جديد بالأفعال لا الأقوال، حتى تضمنوا في نهاية المطاف تأييده واصطفافه خلفكم، خلف مشروع موحد يضم الجميع، الكل الفلسطيني، ونواة هذا الاصطفاف الصلبة، وحجره الأساس (المواطن الفلسطيني). قادتنا بمختلف انتماءاتكم وتوجهاتكم: هذا أملنا فيكم، الوطن يحتاجكم متفقين، المواطن يحتاجكم موحدين، فلا تحرفوا البوصلة أكثر.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية