هناك مسألتان يتوجب على المحكمة العليا الإسرائيلية النظر فيهما خلال الأيام القليلة القادمة، الأولى يمكن للمحكمة الإفلات منها مؤقتاً، وهي تلك المتعلقة بالنظر في التماسات من عدة جهات حول منع تكليف متهم بمخالفات جنائية - والمقصود هنا نتنياهو- من تشكيل حكومة كونه متهما بمخالفات جنائية بعد توجيه لوائح اتهام قضائية ضده، وكانت المحكمة بالفعل قد نظرت التماسات مشابهة إلاّ أنها أشارت إلى أن النظر بهذه الالتماسات فقط عند التكليف وليس قبله.


تفويض الكنيست بتشكيل الحكومة ينتهي بعد أقل من أسبوعين، وإذا كانت المحكمة تنتظر تكليف نتنياهو بتشكيل الحكومة لكي تنظر في الالتماسات المقدمة من حزب «يش عتيد» بزعامة يئير لبيد والحركة من أجل جودة الحكم، والحركة من أجل نزاهة الحكم، وجمعيتي «عقد جديد»، و»حراس الديمقراطية» إلاّ أنّ عدداً من القضاة طالبوا بعدم الانتظار حتى تكليف نتنياهو وذلك بفرض «أمر احترازي» ضد التكليف، أمّا فيما يتعلق بالمسألة الثانية فإن المحكمة العليا لا تستطيع الإفلات من النظر فيها، وهي تتعلق بالاتفاق الائتلافي بين نتنياهو وغانتس حيث يرى عدد من المؤسسات الحقوقية والدستورية وعدد من القضاة أنّ هذا الاتفاق قد شابه العديد من العوار الدستوري والتغوّل القانوني ويتعارض بشكلٍ واضح مع قانون الأساس، ما يملي على المحكمة العليا البت فيه، وعليه تداولت الاوساط المقربة من المستشار القضائي للحكومة أفيحاي مندلبليت من أنه سيحدد موقفه من الاتفاق الائتلافي اليوم قرار مندلبليت المتوقع له تأثير مباشر على قرار المحكمة، من هنا يمكن فهم أسرار نتنياهو أثناء تشكيل الائتلاف مع غانتس الاتفاق على سن قانون يسمح للكنيست بإلغاء قرارات تصدرها المحكمة العليا.


وفي خطوة استباقية لنظر المحكمة العليا بهذا الشأن، قامت الكنيست برئاسة غانتس الخميس الماضي بالموافقة على جملة من القوانين غير المسبوقة بشكلٍ أولي، وتشمل هذه القوانين عدم السماح لأي من الطرفين بتفكيك الحكومة وأن يظل رئيس الحكومة في حال توجيه الاتهام إليه في منصبه حتى يتم التوصل إلى حكمٍ نهائي، نتيجة لعدم ثقة غانتس بنتنياهو فقد تقرر منع الليكود من حل الحكومة في نهاية ولاية نتنياهو لضمان عملية التناوب وتسليم غانتس الولاية الثانية في رئاسة الحكومة، وسيواصل الكنيست خلال الأيام القادمة وبشكلٍ متسارع وضع المزيد من التشريعات والتعديلات التي من شأنها السطو على القوانين الدستورية بما يسمح لنتنياهو الإفلات من المحاكمات من ناحية ولضمان وصول غانتس إلى رسالة الحكومة بعد عامّ ونصف العام من ناحية ثانية.


أحد أهم القوانين الغريبة التي سيتم النظر بها، قانون يلزم غانتس بتقديم استقالته مع نتنياهو في حال تم منع الثاني من استمراره في رئاسة الحكومة في الولاية الأولى، في حال قررت المحكمة العليا أن زعيم الليكود غير مؤهل لشغل منصب رئيس الوزراء.


وهناك احتمال بسن قانون متناقض مع قوانين أخرى ستقوم الكنيست بإقراره، هناك القانون الذي يشير إلى أنّ الحكومة ستركّز خلال الأشهر الستة الأولى على محاربة وباء « كورونا » ولن تقوم بتمرير تشريعات لا تتعلق بهذه الأزمة، لكن وفي سياق متناقض سيسمح لنتنياهو بعرض اقتراح بضم أجزاء من الضفة الغربية على الحكومة والكنيست للتصويت عليه في الأول من تموز القادم وذلك بالاستناد إلى صفقة القرن ، مثل هذا القرار يتناقض مع القرار السابق ذكره حول تركيز عمل الحكومة على وباء الـ»كورونا» خلال الأشهر الستة الأولى من تشكيلها.


أحد مقترحات صفقة الائتلاف يتعلق بتبني ما يسمى «القانون النرويجي» والذي يسمح للحزبين بإعادة ترتيب قوائم حزبيهما والدفع بمرشحين جدد لدخول الكنيست عندما يتنازل النواب الذين تم تعيينهم كوزراء، ذلك أن الشخص التالي في القائمة التي يتنازل فيها النائب الذي أصبح وزيراً، يتقدم لشغل مكانه بديلاً في القائمة، ستكون هناك مشكلة كبيرة في حال إقرار هذا القانون بالنظر إلى أن قائمة أزرق - أبيض الأساسية لم تعد قائمة وأن هناك نواباً جددا في القائمة من بينهم من يتخذ موقفاً ضد الائتلاف، وهنا قد تتصدع ويتراجع عدد مقاعد الائتلاف في الكنيست.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد