ثورة المحاميات على نقابتهن
بينما الاستعدادات جارية، على قدم وساق، باتجاه إجراء انتخابات نقابة المحامين الفلسطينيين في منتصف نيسان القادم، تنفجر ثورة حقوقية في وسط المحاميات الفلسطينيات. المحاميات ثرن على خلفية عدم تمكن أيٍ منهن الظفر بمقعد واحد في انتخابات حركة فتح التمهيدية «البرايمريز»، الهادفة إلى تشكيل قائمة الحركة الانتخابية، ما أكد أن الانتخابات لن تمكن أيا من المحاميات من الوصول إلى قيادة النقابة، وأنها ستعيد انتاج مجلس ذكوري جديد. فالنظام الانتخابي المعتَمَد في النقابة قائم على قانون الاغلبية والأقلية. دون تبني تدابير تحمي مشاركة العضوات اللواتي يمثلن نصف النقابة عدديا، لكنهن في الواقع في حكم الأقليّة المهمشة.
ثورة المحاميات مبررة ومفهومة، ولا بد أن تنتقل العدوى إلى باقي النقابات المهنية التي تعيش وضعا مزرياً على صعيد مشاركة العضوات، وأن تنتقل الحالة الاحتجاجية إلى جميع أطراف الحركة النسائية الفلسطينية كقضية نسوية تستدعي التعاضد وتعني الجميع. ففي الوقت الذي تحقق النقابيات في النقابات العمالية انجازات هامة على صعيد ارتقاء شكل ونوعية المشاركة، نجد ان القطاع الموكل إليه قضية الدفاع عن حقوق المجتمع وحمايتها، ويُعتبر ضميره الحيّ وصوته الحقوقي المرتفع، يضطهد نصف موارده البشرية المنظّمة في النقابة.
ويبدو أن التسلط والوصاية في النقابة قد بلغ الذروة، كيف يمكن النظر إلى تولّي أحد أعضاء النقابة مسؤولية لجنة المرأة.. انهم يتذرعون باللائحة الداخلية التي تنص على وضع جميع لجان الاختصاص في نطاق مسؤوليات مجلس النقابة، لكن من وضع اللائحة يستطيع تعديلها، كما يمكنه القيام بإجراء تعديل استثنائي خاص برئاسة لجنة المرأة بحكم القضية الخاصة، ولا يتم الحديث عن لجنة «جندرية».
من جانب آخر، ألم يكن ممكنا تبني «كوتا» توافقية ومن ثم اقرارها في اللائحة مستقبلا عوضاً عن توجه المحاميات إلى الرئيس ومطالبته إصدار قرار بقانون يقضي تبني «كوتا» نسوية في النقابة.
لقد قامت النقابة بإجراء تخطيط استراتيجي بهدف تقوية النقابة وتعزيز المساواة وتبني حصة للمحاميات وتفعيل دورهن، لكن المجلس لا زال يتذرع بعدم المصادقة على التخطيط الذي من شأنه وضع الخطة التنفيذية في موضع التطبيق، ما الذي ينتظره السادة؟ ألا ترى النقابة بأن المحاميات المزاولات للمهنة اللواتي تبلغ نسبتهن 35% من العدد الاجمالي للمحاميات، عازفات عن التنسب للنقابة! فمن تريد التنسب إلى نقابة تضطهد عضواتها وتفرض الوصاية عليهن ولا تدافع عن أبسط حقوقهن في المشاركة!؟
في عيد زواجي الأربعين،،
إلى خالد: ساضيف الى المناسبات الآذارية مناسبة خاصة، ذكرى زواجي. سأحتفل وحدي كما أفعل منذ ثلاثين عاما، أربعون عاما مضت قضيت أكثر من ربعها معك، وأقل من ثلاثة ارباعها أقضيها معك في غيابك.
مدمنة على تذكر وقائع ذلك اليوم الشاميّ البارد، ناشف وغامض. وقائع التمرد على المقعد المخصص لجلوسي مخالفة تعليمات أمي: الاتزان والترفع والرقص بحساب. خلافاتي الصغيرة معك، تريد الغناء وأريد الرقص، فيما بعد سيصبح الرقص نقطة خلاف دائمة في جميع الاحتفالات القليلة التي مرّت علينا معاً. كانت أمي تحدجني بنظراتها أن التزم مقعدي المرتفع قليلاً. كنتما وكأنكما تتفقان في هذه الجزئية.
في السادس عشر من آذار، أنتظرتك بالأسود أن تأتي بالقميص «الخاكي» الذي أحبّ، لأتباهى بارتباطي بالفدائي الوسيم، كنت انتظر جيوب القميص المنتفخة بالقصاصات الورقية بما يشبه ملفيْن ضروريين للمتابعة أو مكتبة صغيرة متنقلة، كانت هوايتي سحب أوراق الملفات والاطلاع عليها خلسة، فأعيد الورق إلى مكانه، وأدسّ النقود في جيبي مقابل خياطتي الغرز المتفككة من حجم الملفات.
ألمحك قادما ببذلة جديدة وقميص رسمي وربطة عنق، أقرر أن البذلة لا تليق بمهري المؤجل، عملية فدائية مقابل توقيعي وثيقة الاستسلام للزواج، فكيف تأتي بطقم لا اعرف عنه شيئا..
تفاجأت بالمنظر، وبدأت بالتلويح من النافذة أن تعود من حيث أتيت، فالعروس لا تعرف العريس وترفض الزواج بأي بذلة. ولأن أمي لم تحضر الفستان الأبيض المعوّل عليه، لبست الأسود، فعقدنا الاتفاق الأول، الإيجاب والقبول، «واحدة مقابل واحدة»..البذلة مقابل الرداء الأسود، أدخل مملكتك، تتوجني ملكة عليها.
عشر سنوات أعيشها معك، بينما كنت اهتم بالسفر إليك كنت تهتم بالرحيل عني. خلالها تصبح والداً لمن سكنوا حدقات العيون، أقطع معهم المحطّات دونك، أعبُر بهم الأيام وحدي، أنقش ملامحك على وجوههم، وأشكَّل ذاكرتهم بإرادتي، أورثهم تمردك وصخبي، لتفخر بهم، ويحصلوا على شرف لقب أبناء الشهيد.
ثلاثون سنة تمضي على غيابك، وأربعون عاما على زواجنا، بدأت لا أكترث بالتفاصيل، فالمرور السريع لعشرات السنين أفقد التفاصيل قيمتها. يكبر الأولاد، تتزوج الابنة، يأتي الأحفاد، يتخرج الولد..وأنا أقلب صور العرس، بذلة ترقص مع الثوب الأسود.
في الذكرى الأربعين لزواجنا: مع كل إغلاق لسنة تموت سنة مني. لا زلت أحلق في الغيم، لكن أنظاري تتركز على الارض. لم يعد لدي رقصة أؤديها أو أختلف معك من أجلها. بعض الخفقات تأتي مسرعة وتروح الى حالها بسلام. كبرت كثيراً بعدك، وشابت مشاعري، والهرم يزحف إلى قلبي.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية