مهما حاولت إسرائيل النأي بأي صلة لها باغتيال الولايات المتحدة الأمريكية قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني ، إلا انها في قلب الحدث فهي المحرض الرئيس على اغتياله وهي الرابح ليس من اغتياله فقط، بل من ردع ايران وتخويفها، والرئيس الأمريكي دونالد ترامب قدم خدمة عظيمة لإسرائيل بإخراج عدوا خطيرا لإسرائيل وجعل شركاء وأذرع أخرى لإيران، كما ذكر محللين إسرائيليين، وعلى رأسهم أمين عام حزب الله حسن نصر الله، يفكرون مرتين قبل أن يخاطروا بتنفيذ خطوات خطيرة، يمكن أن تكلفهم حياتهم أيضا، توجد لدى القيادة الإسرائيلية، حتى الآن، أسباب كافية للرضى من الخطوة الأميركية.
وعلى الرغم من تصريحات رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو ، وقوله إن لا علاقة لإسرائيل باغتيال سليماني وإنه حدث أميركي، ولم تكن لنا علاقة ويجب ألا ننجر إلى ذلك.
وفي اليوم التالي هدد إيران، وقال إن من يحاول مهاجمتنا سيتلقى ضربة ساحقة ومؤلمة للغاية، وأن إسرائيل تقف خلف الولايات المتحدة، ونحيي الرئيس دونالد ترامب على اغتيال سليماني الذي كان مسؤولا عن موت عدد لا نهائي من الأبرياء.
وفي الوقت التي قللت فيه الأجهزة الأمنية الإسرائيلية من إحتمال تعرض إسرائيل لهجوم إيراني، إلا أنها تتوجس ردا باتجاهها في حال هجوم أميركي ضد إيران بعد الهجوم الصاروخي الإيراني على قاعدتين عسكريتين في العراق، التهديد الإيراني ضد إسرائيل، غايته ردع إسرائيل من المشاركة في رد أميركي، في حال حدوثه.
إسرائيل في حالة استعداد قصوى، برغم اعتبار عدد من المحللين الإسرائيليين أن الرد الايراني على إغتيال قاسم سليماني، حاليا، منضبط وحذر، وتجاوز واضح لخط احمر، وتركز في الساحة العراقية ولم يتجاوزها، وأن اغتياله حدث ينبغي أن يبعث على اعادة التفكير لدى ذوي الصلة بالامر في اسرائيل وفي الغرب على الردع الإيراني.
وأن إطلاق الصواريخ على القاعدتين الأميركيتين ليس نهاية المطاف، وسيستمر الإيرانيون في محاولة تنفيذ عمليات انتقامية لاغتيال قاسم سليماني، ومع ذلك تحاول إسرائيل استيعاب الوضع الجديد وتصاعد التوتر بين الولايات المتحدة وإيران، كما تتحسب إسرائيل من انسحاب القوات الأميركية من العراق تحديداً، وهذه بشرى سيئة بالنسبة لإسرائيل.
وفي زحمة الرضى الإسرائيلي والتأهب والخشية من تداعيات رد ايراني، لم تتوقف الأحزاب الإسرائيلية عن الاستعداد للانتخابات الثالثة وربما الرابعة، وتعتبر قضية تعزيز الاستيطان في الضفة الغربية وضم الكتل الاستيطانية ومنطقة الاغوار المحور الاول في البرامج والخطاب الانتخابي للأحزاب الإسرائيلية التي تشكل اجماع إسرائيلي حولها، ويتصدر نتنياهو المشهد ويزايد على الجميع بصفته الأب الروحي لهذه السياسة التي يتبعها بشكل أيديولوجي منذ فترة حكمه المستمرة منذ عقد من الزمن، وتحويل مسألة الإحتلال إلى مسألة هامشية أو أمنية بالنسبة للمعارضة.
الأسبوع الماضي أعلن وزير الأمن نفتالي بينيت عن تشكيل هيئة تتولى مناقشة الخطوات السياسية في المستوطنات، وأطلق عليه اسم “هيئة الحرب على مستقبل المنطقة جـ” من أجل شراء أراضي في الضفة بصورة شخصية، وربط البؤر الاستيطانية غير القانونية بشبكة المياه والكهرباء، ومنع إخلاء مستوطنين استولوا على أراض فلسطينية خاصة.
تسارع التنافس الحزبي وشرعنة الاستيطان بضم المستوطنات الى سيادتها بغطاء أميركي سافر، وتزامن مع تصريحات وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، بأن الاستيطان قانوني، وتصريح السفير الأميركي في إسرائيل، ديفيد فريدمان، واعتراف بلاده بضم القدس والجولان وادعاءه أن الإشكالية التي تواجه اسرائيل هي التجمع الفلسطيني الكبير في “يهودا والسامرة”.
كما أن الإحتلال الإسرائيلي رابح من اغتيال سليماني، غير أنه الرابح الأكبر من الفراغ الذي تركه الفلسطينيين بخلافاتهم وانقسامهم واصطفافاتهم الإقليمية وإدارة صراعهم على السلطة، بعد ان تركوا الغول الاستيطاني والضم الزاحف بخلق وقائع على الأرض، وسواء جرت الانتخابات واتضحت هوية الفائز. فإن الأمر محسوم بتسهيل عملية استكمال المشروع الإستعماري الإستيطاني، من دون أي مقاومة أو مواجهة، وانتظار بعض الفلسطينين فوز ما يسمى بالمعارضة لم يمنع من تغيير السياسات والتوجهات العامة الإسرائيلية تجاه مسألة الاستيطان، وغياب مسألة الاحتلال والصراع الفلسطيني عن البرامج والخطاب الإسرائيلي.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية