أدت عملية اغتيال قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني الى زيادة وتيرة حديث المحللين الإسرائيليين بالتعجيل في التوصل الى تسوية مع حركة حماس كما توصف في إسرائيل، في الوقت ذاته قالت وسائل اعلام إسرائيلية أن إسرائيل نقلت رسالة عبر مصر إلى فصائل المقاومة في قطاع غزة ، حذرتها فيها من الرد على اغتيال سليماني من قطاع غزة.
الأجهزة الأمنية الإسرائيلية تدفع باتجاه التوصل لتهدئة مع حماس تهدق لوقف الهجمات من القطاع، وكذلك عزل الجهاد الإسلامي، والتفرغ لمواجهة تهديدات كبيرة أخطر من حماس، ووضع هذه التهديدات في مقدمة سلم الأولويات، والمقصود بالمخاطر هي الجبهة الشمالية.
الأسبوع الماضي وفي خطاب لرئيس أركان الجيش الإسرائيلي، أفيف كوخافي، أبدى دعمه لـ”التسوية”، حيث قال: مقابل الاستقرار وتحسين الوضع الأمني سيتم منح تسهيلات إنسانية للمدنيين بالقطاع، ويشمل مقترح التسوية وقف مسيرات العودة عند السياج الحدودي مع القطاع، والإسراع في المحادثات بشأن الأسرى والمفقودين وإتمام صفقة التبادل، ووصف كوخافي مقترحات “التسوية” وإمكانية التوصل إلى تهدئة مع حماس بـ”الفرصة”.
وعلى الرغم من كل تلك التصريحات، إلا ان المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينيت)، لم يحسم موقفه حول مقترحات التسوية مع حركة حماس والتي جرى التوصل إليها من خلال مباحثات غير مباشرة مع حماس بوساطة مصرية.
إسرائيل تقوم بمقاربة تكتيتكية تلعبها منذ زمن في العلاقة مع الفلسطنيين سواء في الضفة الغربية أو في قطاع غزة، في الوقت التي تتحدث عن قرب التوصل لتهدئة مع القطاع، قامت بفرض مزيد من العقوبات على السلطة الفلسطينية من خلال قرار وزير الامن نقتالي بينت بخصم 149 مليون شيكل من أموال المقاصة الفلسطينية التي تجبيها إسرائيل لصالح السلطة الفلسطينية.
ووفقا لصحيفة يديعوت احرنوت أن رئيس الشاباك نداف أرغمان كرر موقفه الرافض لإضعاف السلطة الفلسطينية في رام الله ، في موازاة تقوية سلطة حماس في غزة، ويعارض فرض إجراءات عقابية على السلطة في رام الله التي تقوم بالتنسيق الأمني في مواجهة “الإرهاب”، في وقت يتم الحديث عن تسهيلات لقطاع غزة التي تسيطر عليها حماس.
محللون إسرائيليون وصفوا نتائج المباحثات غير المباشرة مع حماس، بأنها نوع من اتفاق تهدئة غير مكتوب، وغايته السماح بهدوء للجيش في الجبهة الجنوبية من أجل تمكينه من الاستعداد للتهديدات الكبيرة في الشمال، مقابل إيران في سورية، وربما أيضا احتمال توسيع المواجهة إلى حزب الله في لبنان.
وأن هذا الهدوء يفترض أن يكون نوع من تسوية صغيرة، تعيد الأوضاع إلى الفترة التي أعقبت العدوان الإسرائيلي على غزة عام 2014، وسبقت بداية مسيرات العودة، في آذار/مارس 2018، التي تم تعليقها من قبل الفصائل الفلسطينية، وهدف فترة الهدوء هذه ليس حل المشاكل الأساسية لغزة، غير أن الخطر من هذه التفاهمات تزايد قوة حماس وقضية الأسرى الإسرائيليين. ومن شأن التسهيلات للفلسطينيين في القطاع شراء هدوء ووقت وتوجيه التركيز المطلوب إلى الجبهة الشمالية الآخذة بالتطور.
هدف إسرائيل واضخ من ما يجري سواء قبل اغتيال سليماني او بعده، وهو تأجيل المواجهة والحرب مع غزة لمدة عام، كجزء من التزام قيادة حماس بوقف الهجمات في الضفة الغربية، ووقف مسيرات العودة الأسبوعية، والتحضير والجهوزية لمواجهة مختلف التهديدات على الجبهة الشمالية، ودوائر التهديد البعيدة مثل إيران والعراق.
كما ستساعد هذه التفاهمات على الاستمرار في بناء الجدار العازل تحت الأرض لمواجهة الأنفاق، إذ سيمنع الجدار الاختراقات والتشويش على الأمن.
إسرائيل تدرك وحماس أيضا المهمومة بتحسين الحالة الاقتصادية والمدنية للفلسطينيين في قطاع غزة، وكل ما ستقدمه إسرائيل هدوء مقابل هدوء ستمنح التسهيلات، ولمنع حدوث كارثة إنسانية بالقطاع المستمرة منذ 13 عاما، وإسرائيل لن تغير من استراتيجيتها تجاه قطاع غزة، وهي تعمل بشكل مثابر وحثيث من أجل اضعاف الفلسطنيين واستمرار وتعزيز الحصار والانقسام وسياسة العزل والفصل بين قطاع غزة والضفة الغربية، والادعاء بتعزيز السلطة الفلسطينية وعدم انهيارها و كذب وتضليل فهي معنية بسلطة ضعيفة كما حماس، وهي مصلحة إسرائيلية فضلى.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية