حسابات نتنياهو... بين قفص الاتهام ورئاسة الحكومة

د. باسم عثمان

ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن مكتب رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو أبلغ رئيس كتلة (كاحول لافان) بيني غانتس ، بخطة اغتيال القيادي (أبو العطا) الليلة ما قبل تنفيذ عملية الاغتيال,حيث اصطفت كل كتل ما يسمى "الوسط – اليسار" وفي مقدمتها (كاحوللافان) وغانتس ,من أجل دعم وتبرير قرار نتنياهو باغتيال (أبو العطا)، في الوقت الذي لا تزال فيه "إسرائيل" تواجه أزمة سياسية داخلية متواصلة منذ انتخابات الكنيست في نيسان/أبريل الماضي، وقبل عدة أيام من انتهاء مهلة غانتس بتشكيل حكومة جديدة.

وكتب غانتس في "توتير":" أن (كاحول لافان) تدعم أي عمل صحيح من أجل أمن"إسرائيل",وتضعأمنالسكان فوق السياسةالحزبية,ومحاربة الإرهاب مستمرة وتستوجب لحظات لاتخاذ قرارات صعبة,والمستوى السياسي (الحكومة الإسرائيلية) والجيش الإسرائيلي اتخذا قرارا صحيحا الليلة من أجل أمن مواطنيإسرائيلوسكان الجنوب".

هذه العملية العسكرية الإرهابية الإسرائيلية حملت عدة رسائل سياسية وأمنية بان واحد، حيثمثلت رسالة صريحة وجلية بدون لبسبانها–أي إسرائيل -لا تقيم وزنا ولا تحترماية "تفاهمات" وتعهداتسابقة، وهي ليست ملزمة بها ما دام الأمر يتعلق "بمصلحتها وحسابات قادتها"، اعتقادامنها،أن عدوانها المتكرر على الشعب الفلسطينييمكن استيعابه ولملمة تداعياته بحركة "تطويق" إقليمية ودولية، أو امتصاص أي رد فعل عسكري لفصائل المقاومة الفلسطينية دونالانجرار ل فتح جبهةعسكرية طويلة الأمد.

ان حكومة نتنياهو "المهزوزة" سياسيا بالداخل الإسرائيلي، وجدت ضالتها مع تسمية أحد اقطاب الحركة الفاشية الإرهابية وزيرا لجيش الاحتلال للقيام بعملية أمنية "مركبة" , من شانها إعادة خلط الأوراق وتحريك تجاذبات ائتلافية جديدة من جانب, واحراج البعض"الإسرائيلي" سياسيا من جانب اخر، كما يمكن لها أيضا ان تقطع الطريق على تشكيل حكومة "بديلة" بدعم من القائمة المشتركة لفلسطينيي 48،وهوالهدف المركزي لنتنياهو وتكتيكاته السياسيةالحالية, لان توقيت هذه العملية العسكرية مرتبط بأبعاد سياسية إسرائيلية داخلية وخاصة بمصير نتنياهو السياسي وملفات فساده, وربما تكون الحرب التي ازداد الحديث عن وقوعها الحتمي منذ انتهاء حرب عام (2014م) حاضرة الآن بعد بدء عدوان إسرائيلي يحمل حسابات إسرائيلية خاصّة, وبعد تسليمنتنياهو المنتهية ولايته بتطورات السياسة الإسرائيلية الداخلية، والتي ستمضي به إلى قفص الاتهام وانتهاء حياته السياسية لا محالة بعد سلسلة منالقضايا وملفات الفساد المرتبطة به,لذلك ,فان عمليةالاغتيال للقائد العسكري(أبو العطا) ليست اكثر من انعكاس حقيقي لأزمةنتنياهوالسياسية، خاصّة بعد تعيين نفتالي بينيتوزيراً للحرب الاسرائيلية وهو أشد منافسيليبرمان.

وهكذا,يحاول نتنياهو الضغط على غانتس لتشكيل حكومة "وحدة وطنية"، وخلق وضع متوتر يجبر بقية الأحزاب لإقامة حكومة طوارئ بعد أن استنفذ كل أوراقه من خشيته الدخول في قفص الاتهام وفقدانه للحصانة.

في الوقت الذي يسعى فيه (نتنياهو) بهذه العملية العسكرية الى إنجاز عدة أهداف أهمها:الخروج من الأزمة السياسية الداخلية المُعقدة، وإجبار الكل السياسي الاسرائيلي على الدخول معه في حكومة طوارئ يبقى هو رئيسها ,حيث سيسعىنتنياهو لتحميل وزير الحرب الجديد نفتالي بِينيت مسؤولية الفشل في جولة التصعيد القادمة، ويحرف أنظار الجبهة الداخلية عن مسار التحقيق معه، وأنه لا يزال هو الرجل الأقوى في "إسرائيل"، إضافة إلى زعزعة الأجواء الايجابية التي سادت الشارع الفلسطيني عقب التوافق المبدئي لإجراء الانتخابات الفلسطينية المزمع اجراؤها.

تصعيد نتنياهو:

إن قادة الاحتلال الإسرائيلي يحاولون خلط الأوراق في محاولة يائسة لقطع الطريقعلى استعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية، خاصة في ظل الأجواء الإيجابية التي سادت الساحة الفلسطينية خلال الأيام الأخيرة، وهذه الجولة الحالية من التصعيد " الإسرائيلي" تحمل لوناً سياسياً أكثر من لونها العسكري،وما عملية اغتيال القائد العسكري (أبو العطا) والعدوان المتكرر على غزة الامحاولة مننتنياهوللعودة من جديد لحكومة طوارئوالبقاء فترة إضافية في الحكم حتى لا تجري انتخابات إسرائيلية ثالثة.

ان استنفادنتنياهو لأوراقه كافة دفعه مجددا لمزيد منخلط الأوراق , ليس فقط على الساحة الداخلية الإسرائيلية والفلسطينية فقط , بل وعلى الساحة الإقليمية ايضا، وما تنفيذ عمليتي الاغتيال في غزة ودمشق في آن واحد، الأولى نجحت والثانية فشلت ,الا محاولة منه – ضمن حساباته الشخصية –في تصدير ازمته الحكومية للداخل الفلسطيني والخارج الإقليمي.

هذا التصعيدالأمنيلنتنياهوهو رسالة واضحةهدفها جر "كاحول لافان" إلى داخل حكومة وحدة وطنية ,وهو الاعتبار الوحيد لتنفيذ عملية الاغتيال وبادعاءات"أمنية"، لكن نتائجها تقرب من تشكيل هكذا حكومة, وماحرص نتنياهو على اطلاع غانتس على قضايا أمنية سرية وإبلاغه بعملية الاغتيال قبيل تنفيذها الاجزء من بناء جسور التحالف الجديد والشراكة بينهما.

هذا العدوان سوف يدفع الشعب الفلسطيني وقواه الحية إلى مزيد من التمسك بثوابته الوطنية والحقوقكاملة، وتعزيز خياراته الاستراتيجية ممثلة بالمقاومة ضد الاحتلال، وتعزيز تحالف فصائل المقاومة في خندق الوحدة الوطنية السياسية والعسكرية.

ان سياسة الاغتيالات والعدوان, والتي هي من صلب العقيدة الأمنية للاحتلال الاسرائيلي، لم ولن تنجح في ثني أو تغيير عقيدة المقاومة القتالية لدى قوى وفصائل المقاومة الفلسطينية ,وهي الغير منفصلة عن محاولاته الفاشلةلتصفية القضية الفلسطينية وحقوقها المشروعة,وهي الحافزالرئيس لطي صفحة الانقسام ورص الصفوف وبناء الجبهة الوطنية الداخلية دفاعا عن المشروع الوطني الفلسطيني والتزاماته الوطنية والميدانية.

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد