يبدو أنه وفي غياب المجلس التشريعي والمخول أن يسأل الحكومة , وتحديداً وزارة المالية , ويراقب أداءها , ويحاسبها , سيكون للموظف العام في الدولة الحق في السؤال عن راتبه والمبتور منذ سنوات , وعلى قاعدة الشعار الذي رفعه رئيس الوزراء الدكتور محمد اشتيه , وهو إحترام الحريات والرأي والرأي الآخر , وحفظ حقوق الآخرين , سأطرح هذا السؤال ومن خلال مقالي هذا , والسؤال هو لماذا موظف السلطة الوطنية الفلسطينية في قطاع غزة لم يحصل على راتب كامل , رغم أن وزارة المالية أعلنت قبل أيام وبشكل رسمي عن صرف راتب كامل , بالإضافة الى كامل مستحقات الأشهر الماضية؟؟ أجاب لي عن هذا السؤال بعض الموظفين من باب الخبرة والتجربة , وقالو أن الحكومة تتعامل مع الموظفين في غزة على قاعدة ما يسمى بنسبة 75% من الراتب , وأن هذا ما تقصده الحكومة بالراتب الكامل , فإذا كان الأمر كذلك , لماذا وزارة المالية تخاطب الرأي العام بلغة أن الموظفين فعلاً يتقاضون راتب كامل وغير منقوص!! وأن الحكومة دفعت ما عليها من مستحقات الستة أشهر , وأنه يتبقى للموظفين في ذمة الحكومة فقط شهرين!! علماً بأن المستحقات والتي تم دفعها للموظفين هي عبارة عن فارق النسبة ما بين 60% الى 75% , يعني تم دفع 15% فقط كمستحقات .

رغم أن مستحقات الموظفين تبدأ من شهر مارس لعام 2017 , إلا أن وزارة المالية تعاملت مع مستحقات الموظفين من شهر فبراير لعام 2019 , وهذا معلل بأن ما حدث من إقتطاع لرواتب الموظفين بدأ قبل تشكيل حكومة اشتيه , وقبل الأزمة الحقيقية "فبراير 2019" , ولكن الموظف لا يعنيه من هو صاحب قرار بتر راتبه , إنما يعنيه أن راتبه حق مكفول بحسب القانون , وأن أي حكومة قادمة هي مكلفة أن تدفع له راتبه بعيداً عن أي خلافات سياسية أو حزبية , لأن الموظف هو موظف دولة فلسطين وليس موظف حزب فلان أو علان .

لا أريد أن أناقش وزارة المالية على قاعدة أن هناك قرارات سياسية تجاه غزة , وتصفية حسابات , وخطة تقويض كما نسمع من البعض , ولكنني أريد النقاش على قاعدة الأزمة المالية الحقيقية والتي بدأت في فبراير لعام 2019 , ورغم أنني كنت معترض ككاتب ومراقب على أن ترفض الحكومة إستلام 180 مليون دولار , بسبب إقتطاع 10 ملايين , والسبب لأن هذا سيضر الحكومة أكثر مما يضر إسرائيل , وفي النهاية إستلمت الحكومة الأموال منقوصة , وثبت أن وجهة نظري ككاتب أفضل وأدق من وجهة نظر الحكومة , وعلى إعتبار أن الأزمة المالية قد إنتهت , يجب أن يكون كل شيئ واضح أمام الرأي العام , وبناء على ذلك سألقي بالفواتير على الطاولة .

قبل أشهر قليلة قررت إسرائيل أن تعفي الحكومة الفلسطينية من ضريبة المحروقات "البلو" وذلك مساهمة منها , وإستلمت الحكومة مبلغ 2 مليار شيكل بأثر رجعي عن 7 شهور , وهذا يعني أنه سيكون هناك مبلغ مضاف الى موازنة وزارة المالية شهرياً ما بين 60 الى 70 مليون دولار كإعفاء ضريبي من إسرائيل , وفي بداية إكتوبر الماضي جلس الوزير حسين الشيخ مع الجانب الإسرائيلي وتم حل مشكلة المقاصة جزئياً , وإستلمت الحكومة مليار و 800 ألف شيكل من أصل 3 مليار شيكل , وهذا يعني أنه سيتم تحويل المقاصة شهرياً الى خزينة وزارة المالية مبلغ 170 مليون دولار , ولكن الغريب في الأمر أنه رغم أن وزارة المالية حصلت على 2 مليار شيكل من ضريبة البلو , ومليار و800 ألف شيكل من المقاصة , إلا أنها لم تدفع إلا 60% من الراتب + 15% فارق راتب , وهو ما يسمى بالمستحقات , وكان معروف إعلامياً بــ 110% , وقبل أيام لم تدفع إلا 75% راتب + فوارق نسبية , ولم تتحدث وزارة المالية عن مستحقات مارس 2017 , ولا عن شهر مارس 2018 والذي لم يصرف من الأصل .

موازنة وزارة المالية..

الآن موازنة وزارة المالية تتكون من 170 مليون دولار , وهي المقاصة المنقوصة والتي تستلمها من الجانب الإسرائيلي شهرياً , و70 مليون دولار شهرياً وهي إعفاء ضريبة البلو من الجانب الإسرائيلي , و60 مليون دولار تقريباً وهي الضرائب الداخلية التي تجبيها الحكومة في الضفة الغربية , ضف على ذلك 50 مليون دولار شهرياً من المساعدات الخارجية , وهكذا تكون موازنة وزارة المالية الثابتة شهرياً 350 مليون دولار تقريباً .

وبناء على ذلك يجب على وزارة المالية أن تطبق تعليمات الرئيس ورئيس الوزراء , بأن تساوي بين غزة والضفة في الرواتب , وأن تبدأ بدفع راتب كامل حقيقي وغير مزيف , وأن تبدأ بدفع مستحقات منذ شهر مارس 2017 + راتب شهر مارس 2018 كامل .

كاتب صحفي

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد