إحدى أهم المشاكل التي تواجه إسرائيل في ظل تعثر جهود قادتها في تشكيل حكومة جديدة، تتعلق بميزانية الدولة العبرية، وباعتبار أن إسرائيل ليست دولة لها جيش، بل جيش له دولة، فإن أزمة الميزانية هذه تنعكس سلباً على قدرات وإمكانيات تعزيز تطوره، ومع بداية ولاية رئيس الأركان الإسرائيلي الحالي أفيف كوخافي، أوائل العام الجاري، أعد خطة متعددة السنوات أطلق عليها "تنوفا" لكي تعقب خطة رئيس الأركان السابق ايزنكوت، والتي تم تسميتها خطة "جدعون"، من المفترض ان هذه الأخيرة سينتهي مفعولها منتصف العام القادم، حيث تبدأ خطة "تنوفا"، والمشكلة هنا، انه في ظل الأزمة السياسية وعدم وجود حكومة فعالة بإمكانها سن قانون الميزانية، وفي سياقها ميزانية الجيش الإسرائيلي ومن ضمنها ميزانية هذه الخطط، فان خطة "جدعون" لن تستكمل لنقص في الميزانية، وبينما تظل خطة "تنوفا" على الورق، الى حين تشكيل حكومة إسرائيلية فعالة تضع الميزانيات اللازمة، فإن بقايا "جدعون" كما كل "تنوفا" ستبقى رهينة تشكيل حكومة إسرائيلية جديدة.


وقد تزايدت الأصوات الصادرة عن المؤسستين العسكرية والاستخبارية في إسرائيل، حول تطور التهديدات المحيطة بالدولة العبرية مقابل الوضع الأمني الهش لدى إسرائيل، مع فشل نتنياهو في تشكيل حكومة إسرائيلية جديدة، لأول مرة اثر نتائج انتخابات الكنيست في نيسان الماضي، وبحيث علق العديد من المحللين، ان هذه الاصوات، انما كانت تهدف من وراء هذه التصريحات، الى تخويف الجمهور الاسرائيلي، للضغط كي ينجح نتنياهو بتشكيل الحكومة، حيث يتم إقرار الميزانية، إلا ان هذه الاصوات، عادت لترفع عقيرتها مؤخراً لتؤكد أن مخاطر وجودية باتت تهدد إسرائيل، بالتوازي مع فشل نتنياهو من جديد، اثر انتخابات أيلول الثانية للكنيست، لتؤدي دوراً داعماً لنتنياهو، وهو الأمر الذي فشل فيه مجدداً، واستمر هذا الصياح المقترن بالإنذار والتخويف، لدعم تشكيل حكومة وحدة وطنية وللضغط على تكتل "أزرق ـ أبيض"، لتشكيل هذه الحكومة مع إسناد الدورة الأولى لرئاستها لنتنياهو، بدواعي استقرار واتصال الخطط العسكرية تحت قيادة سياسية واحدة بين خطتي "جدعون" و"تنوفا".


ولم يكن من الصعب قراءة هذا التخويف المبرمج بارتباطه بتشكيل الحكومة من قبل نتنياهو، وجاءت بعض التحليلات لتكشف هذا الرابط، بالقول، إن الجبهة الشمالية هادئة، إيران منشغلة بالعقوبات وأزمتها الاقتصادية، و"حزب الله" بات أكثر انشغالاً بالوضع المتعلق بالحراك في لبنان، بينما الجبهة الجنوبية على حالها، رغم التصعيد المعتاد بين وقت وآخر، ليس هناك من جديد، حسب هؤلاء، بينما بعض المعلقين أشار إلى أن وزارة المالية، سبق وأن طالبت الجيش بأن يقلص بنفسه وبفائضه من أجل تمويل احتياجاته، وان البرنامج الذي وضعته وزارة المالية بهذا الشأن، سيوفر ملياراً ونصف مليار شيكل، من أصل أربعة مليارات يطالب بها الجيش كزيادة على ميزانيته المعتادة.


حرب ميزانية الجيش الإسرائيلية، كما تبدو للعيان وبقراءة تزامن التصريحات التخويفية، هي حرب لصالح نتنياهو، حتى لو نجح في جهوده الرامية إلى التوجه إلى انتخابات برلمانية جديدة!

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد