يبدو أن الفلسطينيين يضربوا في الودع لمعرفة مدى صدق وتوفر الإرادات والنوايا لمعرفة الحقيقية وقدرتهم على إجراء الانتخابات العامة، وتكرار ما قيل وما تم نسيانه أو تناسيه عن سبق إصرار وعمد، وعشرات الأسئلة المطروحة، ماذا وكيف ولماذا وأين ومتى وأين وما الجديد؟


وهل ستشمل القدس ؟ وكيف ستجرى والانقسام مستمر، وهل ستتراجع إسرائيل والمجتمع الدولي عن شروطها لقبول حركة حماس كجزء من النظام السياسي الفلسطيني، وهل سترفع إسرائيل الحصار المفروض على القطاع؟ وهل سينفذ الرئيس محمود عباس قرارات المجلس المركزي بوقف التنسيق الأمني وقطع العلاقة مع إسرائيل؟


وما الموقف السياسي والموقف من المقاومة وسلاحها؟ وهل سيتراجع الرئيس عن الإجراءات العقابية التي اتخذها الرئيس محمود عباس ضد موظفي السلطة بإحالة الالاف على التقاعد المبكر والتقاعد المالي، والخصم من رواتب من تبقوا وأضيفوا لفئة الفقراء، الخ الخ ووو.


في العودة لسنوات الإنقسام وفجور الحقيقة والسؤال الماثل امامنا، من المسؤول وكيف تشكل كيانين سياسيين مستقلان في الضفة الغربية وقطاع غزة ، واكتسب كل منهما شرعيته ولا تزال سماتهما قائمة بذاتها من مؤسسات حكومية وقضائية وتشريعية وأمنية وقوانين تفرض؟


خلال السنوات الماضية الجميع راقب، وربما عزز كثيرون من الفلسطينيين إتمام بناء الكيانين الوهميين، وتمادي الطرفان بالاستقلال عن الأخر، وحتى محاولات التفكير بإجراء انتخابات عامة في الضفة دون غزة والقدس، بل تم إجراء الإنتخابات المحلية في العام 2012، و2016 في الضفة من دون بذل جهد حقيقي للتوافق الوطني وتدمير الكيانين الوهميين.


وأكثر من ذلك تم هندسة انتخابات المجلس الوطني والمركزي وتعيين لجنة تنفيذية جديدة، وعدم مشاركة عدد من فصائل منظمة التحرير الشركاء التاريخيين لحركة فتح واستبعاد حركتي حماس والجهاد.


بعد 13 عاما من الإنقسام وتدشين كيانات سياسية قائمة وحقيقية، والشعار الممجوج لا دولة في غزة ولا دولة بدون غزة وأنها كيان مستقل بذاته، من دون الحديث عن الضفة أيضا أنها كيان مستقل بذاته، وخلق كيانات حاول كل منهما فرض شرعية مستقلة وترسيخ حقائق مستدامة.


الجميع تسامح مع الإنقسام وحاول إيجاد قواسم مشتركة لإدارته واستدامته على طريقة نتنياهو في إدارة الصراع، والطرفين هم من تسامحوا في بناء شرعيات وتدمير النظام السياسي المستقل، لان كل طرف اعتبر ذلك فرصة لاستكمال مشروعه الخاص به في بناء كيانه السياسي وتنفيذ مصالحه والعلاقة مع الآخر، وما رافق ذلك من تغييب للمشروع الوطني وإقصاء وعزلة مرة ناعمة ومرات قاسة وعقابية، طالت الحقوق الوطنية الجماعية والفردية.


استمرت إدارة الإنقسام ولا تزال مستمرة، وترافق مع إدارة بائسة من قبل الطرفين للشأن الوطني العام وشؤون الناس اليومية، وتم الدوس على حقوق الإنسان والحريات العامة وكرامات الناس والسياسات الاقتصادية والمالية الخاطئة والمديونية العالية، والتدهور الخطير في مستوى المعيشة الذي وصل إلى مؤشرات خطيرة.


وغياب مشاركة الناس في الشأن العامة واتخاذ القرارات وعدم تكافؤ الفرص في التوظيف وحقوق الموظفين واستبدالها بتوزيع أراضي مما تبقى من مخزون استراتيجي في قطاع غزة، ولم يحل مشاكل موظفي غزة اللذين يعانون الجوع والفقر بصمت.


للإجابة على تلك الأسئلة والبحث في الودع، إن الانتخابات المزعومة وأحاديث التفاؤل الحذرة ما هي إلا مساهمة في تكريس وتعميق الإنقسام، والابتعاد بالأزمة نحو مآلات خطيرة وصعوبة معالجة القضايا الوطنية الكبرى، وهي طريقة للهروب للأمام والعودة مرة أخرى الى ما جرى عقب انتخابات 2006، وما يعيشه الفلسطينيون من إنقسام خطير.


في لقاء رئيس لجنة الانتخابات المركزية حنا ناصر مع ممثلي المجتمع المدني في غزة وعدم قدرته على إجابات واضحة عن الأسئلة التي تم طرحها وضمانات أجراء الانتخابات، طالب تلك المؤسسات بالضغط أكثر من اجل انهاء الانقسام واجراء الانتخابات.


يعني مطلوب من الفلسطينيين من خارج أطراف الإنقسام فتح جبهة نضالية موازية لمواجهة الاحتلال، وخوض نضال يومي مدفوع الثمن لإجبار طرفي الانقسام للاستجابة لطموحات الفلسطينيين وحقهم بالوحدة وإعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني.


والسؤال هل يستطع الفلسطينيين خوض هذا النضال وهم منهكين غير موحدين في مواجهة سلطتان لا تحترمان حقوق الانسان والحريات العامة وفي مقدمتها حرية التعبير عن الرأي والتجمع السلمي؟


ربما عليهم الاستمرار في المحاولات وعدم البحث في الودع لمعرفة النوايا والارادات، ومواجهة الواقع الذي يعيشونه ودفع ثمن الحرية في مواجهة الانقسام، والاحتلال وطمس الهوية الوطنية وتفتيها، وقتل الحلم في تقرير المصير والحرية.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد