عميد في السلطة أحيل للتقاعد المبكر مثل الآلاف من موظفي غزة ، مريض سرطان، كان راتبه التقاعدي ٥٨٠٠ شيكل، وقبل ثلاثة اشهر قلص الرئيس عباس رواتب المتقاعدين العسكريين اصبح راتبه ٣٣٠٠ شيكل، يتوجه ترافقه زوجته في الأسبوع مرتين للعلاج في احد المستشفيات في الضفة الغربية، تكلفة السفر ١٦٠٠ شيكل يتبقى من راتبه ١٧٠٠ شيكل.
هذا نموذج لمئات وربما الاف المرضى الفلسطينيبن من قطاع غزة والضفة الغربية الذين يعانون المرض والفقر في ظل اوضاع بائسة طالت الجميع، وتحذيرات الرئيس محمود عباس بقوله، مقبلون على مرحله غايه في الصعوبه، الأمر الذي ي فتح الباب على خيارات لاتحمد عقباها.
وأول امس يبشرنا رئيس الوزراء محمد اشتية بصيف حار جداً على الفلسطينيبن وان الأزمة المالية ستشتد وان شهري تموز وآب سيكونان الأصعب، وفي حال استمرارها ستبدأ الحكومة بوقف عناصر من الأجهزة الأمنية لعدم القدرة على تغطية النفقات.
وعند توليه الحكومة كان أول تصريح له قال، بإمكاننا استبدال عملة الشيكل والإنفكاك الإقتصادي عن اسرائيل.
والاسبوع الماضي قال، سنعيد النظر بكل الاتفاقيات التي وقعناها مع إسرائيل، لا يمكن أن نستمر بالاعتراف بها وهي لا تعترف بنا.
واضاف، ان رسم ملامح مرحلة جديدة أهم هذه الملامح تعزيز صمود الإنسان الفلسطيني على أرضه، وسنعمل في الحكومة على تعزيز صمود المواطنين وإنهاء الانقسام ووحدة الشعب الفلسطيني بالجغرافيا والديموغرافيا والمؤسسات، ونريد خلق تنمية اقتصادية متوازنة بين محافظات الوطن.
ودعا اشتية الفلسطينيين في الشتات القدوم الى بلادهم والاستثمار فيها، مشددا على أن الحكومة ستقدم لهم التسهيلات.
مع العلم أن المجلس المركزي الفلسطيني قرر في العام ٢٠١٥ وقف التنسيق الامني وتعليق الاعتراف الفلسطيني بإسرائيل إلى حين اعترافها بدولة فلسطين على حدود عام ١٩٦٧، وبقي القرار في ادراج القيادة.
من الامور التي تحسب لـ اشتيه كشفه عن رواتب وزراء حكومة الحمدالله وزيادة ٢٠٠٠ دولار على رواتبهم اضافة للبدلات والسفريات، غير انه لم يستطع وقف القرار وأحاله للرئيس لاتخاذ قرار بمسألة الرواتب، وبامكانه ان يتخذ قرار بشأن رواتب الوزراء في حكومته. وإلا لن يختلف عن حكومة الحمد الله التي ارتكبت الخطايا بحق الشعب ونهب موارده في غياب الشفافية والمساءلة.
أربعة أعوام والحكومة تكذب على الناس ولم تقدم كشف حساب عن قراراتها التي اتخذتها لمصلحته أعضائها من دم ومال الناس والإيرادات والمنح والتبرعات، ولم يعلم الناس بآلية اتخاذ القرارات ومن دون مرجعية قانونية، الا اذا كان الرئيس هو القانون والمرجعية لكل هذا النهب من المال العام على حساب شعب يموت يوميا من شدة الظلم والقهر والفقر وزيادة نسب البطالة.
لكن كما يقال في المثل الشعبي الطينة من هالعجينة، فالنظام واحد والحكومة ورئيسها لا تقرر في القضايا السياسية او السياسات العامة، فكيف ستسائل وتحاسب؟
خلال الشهرين الماضيين تم فضح المستور الذي يعلم الناس بعض منه والعوار الذي يعيشه النظام السياسي الفلسطيني وكذبة وفشل بناء مؤسسات الدولة التي صدعت رؤوس وجيوب الناس وعقم الشعارات المرفوعة بمواجهة الاحتلال ومحاربة الفساد، وسرقة ونهب المال العام بدون رقيب او حسيب، ليكشف ذلك ان ازمة النظام السياسي الفلسطيني عامة، وهي ازمة وطنية واخلاقية وقانونية.
كيف سيتم تسهيل العمل للمستثمرين وخلق بيئة للاستثمار والاستقرار في ظل هذه الاوضاع المأساوية وتسريح موظفين مدنيين وعسكريين وسيطرة الاحتلال على الموارد والأرض، وحول حياة الناس الى جحيم.
بالامس وفِي يوم العيد قال الرئيس عباس، إن الشعب الفلسطيني تجاوز كل المؤامرات التي تحاك ضد قضيته من صفقة العصر وغيرها، التي ستذهب جميعها إلى الجحيم.
كيف ذلك؟ وحجم التناقضات والمفارقات في التصريحات وغياب الاستراتيجية الوطنية لمواجهة كل هذه التحديات و صفقة القرن وسياسات الاحتلال، ونحن لم نستطع مواجهة ورشة المنامة، والاكتفاء بالتصريحات الرافضة بدون اي فعل حقيقي سواء دبلوماسي عربي او احتجاجات شعبية رافضة ومنددة بالمشاركين في الورشة.
وما الفائدة من طحن الماء والشعارات البراقة واستسهال الحلول بتسريح موظفين من محدودي الدخل، في ظل عدد كبير من الوزراء واصحاب المناصب العليا من وكلاء وزراء ومدراء عامين ومستشارين ورؤساء مؤسسات وهئيات عامة برتبة وزير واجهزة امنية تصرف ببذخ بدون رقابة وكل هؤلاء يتلقون رواتب عالية وسيارات فارهة وشقق سكنية على حساب المطحونين، ولا تعبر عن حقيقة شعب يناضل من اجل الحرية.
أم أن القرارات بتسريح موظفين ستكون على حساب من تبقى من موظفي الاجهزة الامنية في غزة؟ بذريعة عدم القدرة على تغطية التكاليف.
من الواضح ان السلطة هي من تصنع حرارة الصيف، واحتمال انهيار اقتصاد السلطه الوطنيه والتخلي عن موظفين من أجهزة الأمن، كل ذلك من خلال السياسات غير العاقلة والعشوائية وغياب الاستراتيجية الواضحة وهي من خلقت الازمة عندما قرر الرئيس عباس بفرض عقوبات على غزة بذريعة انهاء الانقسام ومحاولة تركيع الناس وتزييف الوعي وتحييد ٢ مليون فلسطيني وإفقارهم وإحباطهم وعدم قدرتهم على الانخراط في مشروع التحرر من الاحتلال.
والأسئلة المطروحة، وفِي ظل التغيير الحكومي الذي اجتهد اشتيه لتشكيل حكومة، ولم ينجح في تفصيلها على مقاسه وبعض من اعضاء اللجنة المركزية، ويدرك حجم التعقيدات ويتعامل مع الاوضاع وكأننا دولة مستقلة، ومع ذلك استمر في اطلاق التصريحات والوعود المتفائلة، من الإنفكاك مع الاحتلال وترسيم عملة فلسطينينة، إلى انهيار السلطة وتسريح موظفين، ما الذي جرى خلال اقل من شهرين؟
من يريد أن يؤسس لنظام سياسي قائم على معايير الحكم الصالح الرشيد يعرف طريقه، ومن يُؤْمِن بعدالة القضية وإسقاط صفقة القرن ومواجهة الاحتلال وضم الضفة وحصار غزة وفصلها لا ينطر للموضوع من زاوية اقتصادية فقط، فالقضيه الفلسطينيه ليست مشروع إقتصادي. وإلا ما الفرق بين مشروع نتنياهو للسلام الاقتصادي وصفقة القرن التي تتعامل معها الادارة الامريكية كمشروع اقتصادي يكون مدخل لحل سياسي تصفوي؟
لمواجه صيفنا الحار المستمر هناك خطوات وسياسات تقشفية واجراءات قابلة للتطبيق لشعب يعاني ويلات الاحتلال والسياسات العشوائية والفساد والمحسوبية، والاقرار ان الشعب الفلسطيني يمارس حقه في النصال والمقاومة من خلال حركة تحرر وطني وبرنامج سياسي كفاحي وتعزيز صموده وبقاؤه وهذا أسمى امانينا في ظل هذه الاوضاع الكارثية، وليس من برامج اقتصادية إغاثية تخدم في النهاية او تتساوق مع ماهو مطروح اسرائيليا وأمريكيا وعربيا.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية