التسريبات والتسريبات المضادة تحوّلت إلى «مادة» هزلية.
الهزل ضروري على ما يبدو، لأن الأصل والجوهر ينطوي على مركب كامل من الملهاة والمأساة والكوميديا السوداء.
وحسب كل أنواع التسريبات إذا ما وضعناها في خلاط جيد نخرج بالكوكتيل التالي على وجه التقريب: 
ـ سيتم الضم من جهة، ولن يتم من جهة أخرى.
ـ سيتم «اقتطاع» أو «استقطاع» ما تيسّر في حينه حوالي 30 ـ 40 بالمائة من الضفة.
ـ الضم والاقتطاع سيسمى «إلحاق»، في المرحلة الأولى، وهو لن يزيد على ما تتطلبه عملية الربط بين إسرائيل والمستوطنات الكبيرة، وبين المستوطنات الكبيرة والمستوطنات المعزولة من مساحات.
ـ في هذه الأثناء (أي الفترة الفاصلة بين الاقتطاع الفوري وبين ترسيم الاتفاق) ستسمى العملية بالسيطرة الأمنية.
ـ ولهذا السبب ولأسباب أخرى كثيرة يتعذر أن يكون لإسرائيل حدود رسمية، كما يتعذر تحديد مفهوم الأمن، وتظل هذه المسائل سائلة ولا تعود أبداً إلى الحالة الصلبة ولكنها ستكون مهيأة ومرشحة للتحول إلى الحالة الغازية فقط.
ـ القدس مدينة موحدة وغير موحدة، عاصمة لإسرائيل وليست عاصمة لـ «فلسطين الجديدة»، إلاّ إذا طُرد منها حوالي نصف سكانها الحاليين [حسب المفهوم الإسرائيلي للمدينة]، و»اُلحقوا» بفلسطين «الجديدة»، وإلاّ إذا كانت فلسطين «الجديدة» قد وافقت على أن يكون باقي السكان الفلسطينيين تحت سيطرة «البلدية الواحدة»، وإلاّ إذا كانت الأحياء التي يسكنون فيها جزءاً لا يتجزأ من «المدينة الموحدة».
ـ المدينة داخل السور جزء لا يتجزأ من «العاصمة»، وجزء لا يتجزأ من سيطرة البلدية الواحدة، أما الجزء الذي يمكن أن يتجزأ فهو الجزء الوظيفي.
أي أن الأماكن المقدسة تصبح من ناحية الإجراءات الخاصة بالعبادة المسيحية والإسلامية فقط ـ وليس اليهودية ـ تحت إشراف مشترك.
هنا تصبح هذه اللجنة أو الهيئة المكونة من فلسطين «الجديدة» والأردن والسعودية والمغرب وربما «الفاتيكان» أيضاً هيئة تعمل بجد واجتهاد لإنجاز المهمات التالية:
1ـ العمل على تهدئة الخواطر.
2ـ تحديد الموقف من هلال رمضان قبل الصيام، وكذلك تحديد مواعيد الصلاة بحرية كاملة غير منقوصة، بل والذهاب إلى أبعد من ذلك بالنسبة لـ «سبت النور»، ومواعيد دق أجراس الكنائس في أيام الأحد والأعياد وعند الوفاة والجنازات.
3ـ تنأى إسرائيل بنفسها عن عدد ركعات صلاة التراويح، وعن كل فتاوى موجبات الصيام، كما يُرفع الأذان كالمعتاد في المسجد الأقصى ولا يستثنى من ذلك سوى صلاة الفجر وصلاة العشاء.
4ـ توقف كل أنواع الحفريات في كل المنطقة المقدسة داخل الأسوار باستثناء الحفريات التي تتعلق بـ «الهيكل»، على أن يُراعى ضرورة توقف هذه الحفريات في أيام عيد الفطر وعيد الأضحى وأعياد الميلاد الشرقية والغربية، إضافةً إلى عيد الفصح.
5ـ يحق للمستوطنين التجول في ساحات الأقصى والقيامة ولا يحق للمصلين المسلمين والمسيحيين التجول أو الدخول إلى ساحة البراق وذلك من أجل ضمان عدم الاحتكاك.
6ـ يتم البتّ في أية تعديلات أو اقتراحات تتعلق بأية «حريات» إضافية أو تقييدات محتملة من قبل بلدية القدس، وتعرض النتائج على أول اجتماع للهيئة المشتركة للموافقة عليها والمصادقة على كل إجراءاتها، وذلك تعزيزاً وتكريساً لروح «التعاون والتضامن والتسامح» المطلوب في مثل هذه الحالات.
ـ أما قضية اللاجئين فالأمر يحتاج إلى حلول «إبداعية» غير تقليدية وغير مطروقة سابقاً.
يبدأ الحل «الإبداعي» بتعريف: من هو اللاجئ.
هنا يجب عدم تعقيد الأمور والذهاب إلى بساطة الطرح وسهولته.
اللاجئ: هو من تبقّى حيّاً حتى الآن من الذين خرجوا من فلسطين أثناء الحرب (حرب الاستقلال)، وليس « النكبة »، ولا ينطبق هذا التعريف على من ولد خارج فلسطين، كما لا ينطبق على من ولد في فلسطين، وبقي في إسرائيل وعلى من تبقّى في الضفة والقطاع بعد أن «عادت» هذه المنطقة إلى إسرائيل في العام 1967.
كما أن لكل حسب تصنيفه.
مثلاً الذي «هرب» يختلف تصنيفه عن الذي خرج، والذي أُخرج يختلف عن الذي خرج.
ولغايات تسهيل الأمر، فإن الأمم المتحدة مطالبة بتحديد العدد النهائي للاجئين بدون أولادهم وأحفادهم، وبدون احتساب من تبقّى في إسرائيل، ومن تبقّى في الضفة والقطاع.
أما في مضمون الاحتساب فالأمر يحتاج هنا، أيضاً، إلى التوضيح.
لا بد من التوصل إلى مقاربة تربط ما بين من أُخرجوا من يهود العالم العربي أو من خرجوا أو هربوا واللاجئين الفلسطينيين. وعملاً بضرورة المعاملة بالمثل والبحث عن «العدالة» المطلوبة يتم نفس التصنيف باستثناء القضايا الصغيرة التالية:
أن تكون نسبة تعويض الأملاك اليهودية بعشرة أمثال نسبة تعويض الفلسطينيين كحد أقصى، ولكنها لا تقل عن خمسة أضعاف هذه النسبة في مطلق الأحوال.
بهذه الخلطة «السحرية» يكون الرئيس الأميركي وطاقمه الذي أعدّ هذا الكوكتيل قد قدموا للبشرية ولشعوب المنطقة خدمةً تاريخية تفوق ما قدمه حتى أنبياء الأرض المقدسة، ويكون مذاق الكوكتيل استثنائياً. ولله في خلقه شؤون.
 

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد