لا أعرف ماذا بإمكان الدكتور محمد اشتية المكلف بتشكيل حكومة فلسطينية جديدة. ان يقدم شيء جديد ومختلف عن سابقيه الدكتور سلام فياض ورامي الحمد لله، في ظل اوضاع فلسطينية غاية في الصعوبة ولم تستطع الحكومة توفير رواتب موظفيها. ولا يزال الاحتلال يضرب اطنابه والحركة الصهيونية مستمرة في استكمال مشروعها في فلسطين بالسيطرة على المزيد من الاراضي في الضفة الغربية المستباحة من قوات الاحتلال والمستوطنين ولا تقوى السلطة على مواجهة جرائمهم اليومية وتحويلها الى كنتونات محاصرة، وتهويد القدس وحصار قطاع غزة .
هذا لا يعني عدم قدرة رئيس الوزراء المكلف اشتيه على وضع السياسات وتقديم خطط وتنفيذ بعض منها، غير انه لن يستطع مواجهة جميع التحديات وفي مقدمتها الاحتلال والانقسام، مع العلم انه ليس من مهمة الحكومة انهاء الانقسام، وليس لها المقدرة على ذلك، فهي ادارة تنفيذية في يد السلطة والرئيس عباس وحركة فتح، حتى على الرغم من انها حكومة فتحاوية وتحظى بدعم اللجنة المركزية للحركة التي كانت تقف خلف تغيير حكومة الحمد لله.
ازمة الفلسطينيين ليست في الكفاءة التي يتمتع بها اشتية وقدرته على تطبيق أولوياته الوطنية، وأن مهمة حكومته هي تحقيق الوحدة، وإنهاء الانقسام، واستعادة غزة للشرعية الوطنية، كما فال والإعداد للانتخابات. فالأزمة الفلسطينية أعقد من تشكيل حكومة ولا تفكك في الاعداد للانتخابات وعقدها فقط.
اعتقد ان الحكومة هي حكومة الرئيس محمود عباس ولن تخرج عن برنامجه السياسي ورؤيته، وليس بإمكان الحكومة تحقيق الوحدة الوطنية ولن تشكل فرصة لتحقيق مصالحة وطنية، وهي تشهر سيف الفيتو في وجه الشراكة الوطني، وترفع شعار استعادة غزة للشرعية الوطنية!
الحكومة ستشكل في ظل انحطاط سياسي وحال من التيه والعجز التي تعيشه لساحة الفلسطينية المرتبكة، ولا أعرف مدى التفاؤل الذي يتحدث به اشتيه وغيره من السعداء بالحكومة الجديدة، ولا يوجد أي مؤشر يشير إلى إمكانية تحقيق توافق وشراكة وطنية، سواء على صعيد المصالحة أو غيرها من القضايا، ولا يوجد أي تغيير على مواقف طرفي الانقسام، في الضفة وقطاع غزة، وتتخذ إجراءات وسياسات فردية على المستوى الوطني كل حسب رؤيته.
ما يعني تعميق لحالة الانقسام، وعدم رؤية الآخر سواء الشركاء الطبيعيين لحركة فتح في منظمة التحرير او حركتي حماس أو الجهاد الإسلامي، وهذا سيعقد المصالحة ولن تغيّر بشكل إيجابي في مجريات ما يحدث في الساحة الفلسطينية.
الرهان للخروج من الازمة إنهاء الانقسام والتوافق الوطني وشراكة وطنية وإعادة بناء النظام الوطني الفلسطيني بمشاركة كل الفصائل في السلطة، فالحالة الفلسطينية بحاجة إلى حكومة وحدة وطنية تلبي احتياجات الناس الوطنية، ضمن برنامج اقتصادي تنموي يعزز من صموده سواء في الضفة أو غزة.
تشكيل الحكومة بهذه الطريقة التي مارست بها حركة فتح الضغط على الرئيس عباس لتشكيلها وبرئاسة شخصية فتحاوية لا تخلو من مصالح فئوية، ودليل على المأزق التي تعيشه الساحة الفلسطينية، وما قد ينطوي على مخاطر من تعميق الانقسام، ولن يكون انهائه اولوية وطنية، لأنها لا تملك الارادة والقدرة. والخشية قائمة من تعقيد الامور وازدياد الامور اكثر سوداوية كثيرة. وللاستمرار في مشروع الحركة الوطنية في التحرير وبناء الدولة واعادة روح الشعب وحركته الوطنية، وان للفلسطينيين حركة تحرر وطني وليس دولة مستقرة، على الفلسطينيين الانتصار على الذات وإلا ستستمر هزائمهم، ويبقى الرهان على انهاء الانقسام وهو المدخل الحقيقي للخروج من الأزمة، فالحل ليس بيد الحكومة.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية