كانت إيران وما تزال من أصدق حلفائنا في المنطقة، وأكثرها اهتماماً وجدية في تقديم الدعم والإسناد للمقاومة الفلسطينية.. اختلفنا معها في الملف السوري، وربما حول ملفات أخرى إقليمية، ومع ذلك ظلت حريصة ألا توصد الأبواب بيننا، وكانت تأتي الإشارات - دائماً - باستعدادها لمواصلة العطاء وتقديم كل ما تتطلبه احتياجات المقاومة الفلسطينية.
قبل انفجار الأوضاع في سورية عام 2011م، كانت الساحة الإيرانية واللبنانية محطات لتبادل الرأي والمشورة مع القيادات السياسية، وكانت كذلك ميداناً مفتوحاً للتدريب واكتساب الخبرات العسكرية والأمنية، ولم نشعر بأن هناك غير الحرص الصادق على تنمية القدرات وتصويب المواقف، لقد تفهمت القيادة الإيرانية وحزب الله موقفنا تجاه ما يجري في سوريا وتعقيدات بقاء مكاتب الحركة هناك، واستوعب مغادرة قيادات الحركة للساحة السورية ، وظلت تعمل على إصلاح العلاقة وتقديم المبادرة التي ت فتح الطريق لاستعادة وحدة الموقف والرؤية تجاه الصراع مع العدو التاريخي للأمة، وإبقاء شوكة المقاومة منتصبة في حلقه، وقادرة على جدع أنفه.
إن الأمانة التاريخية تستدعي الاعتراف لإيران بأنها قدَّمت الكثير ل حماس ؛ الحركة والمقاومة، وأن عطاءاتها ليست من ذلك الذي يتم اتباعه بتصريحات المنِّ والأذى، ولكن في سياق أنه الواجب، وأنه يأتي من واقع الإحساس بالمسئولية والأمانة التاريخية تجاه قضية الأمة المركزية.
ففي الوقت الذي تتكالب فيه الدول على شيطنة حركة حماس واتهامها بالتطرف والإرهاب، والذي تشارك فيه - للأسف - بعض دول المنطقة العربية، فإننا ننتظر من قيادتنا في الخارج - وخاصة الأخ خالد مشعل - التحرك باتجاه إيران، لبعث تطمينات لشعبنا في الداخل تزيل ما التبس من توتر وسوء تفاهم فيما بيننا من تحالف وارتباطات، والتأكيد على جوهر العلاقة الاستراتيجية مع طهران.
ومن الجير ذكره، فيما يخص الملف الفلسطيني، أننا وإيران وحزب الله في قارب واحد، وهما يمتلكان الجرأة على تظهير هذه العلاقة، ووضعها في سياقها الديني والأخلاقي والسياسي كأهم قضية من قضايا الأمة الإسلامية، لشعب اغتصب المحتل الإسرائيلي أرضه، واعتدى على مقدساته، وأن من واجب الجميع دعمه لاستعادة حقه وتحرير وطنه السليب.
إن إيران تجاهر باعتزاز بأنها تدعم المقاومة الفلسطينية؛ باعتبار أن ذلك هو واجب وحق تفرضه أمانة المسئولية تجاه مظلومية شعبٍ عربي مسلم.. ولذلك، هي تتقدم - أحياناً – على كل دولنا العربية والإسلامية في دعمها ورعايتها لقضيتنا، واحتضانها الحقيقي للمقاومة الفلسطينية.. وهي برغم الحصار الذي فرضه العالم عليها، نجدها لم تبخل في العطاء، كما أنها لم تترد في استعداداتها الدائمة لمدِّ يد العون بسخاءٍ للمقاومة.
إننا نتطلع إلى رؤية مشاهد العلاقات الأخوية والوشائج القوية مع إيران وحزب الله، وأن من بإمكانه رسم ملامح هذه المشاهد والصور اليوم هو زيارة يقوم بها الأخ خالد مشعل؛ رئيس المكتب السياسي للحركة، لطهران، وذلك بهدف تبديد الشكوك من ناحية، والرد على كل من يحاولون إظهار حال الحركة وكأن قياداتها قد ضاقت بها الأرض بما رحبت، من ناحية أخرى.
خالد مشعل ومعزوفة الرحيل
اليوم، هناك من يحاول – إعلامياً - التشفي بأن أيام الأخ خالد مشعل باتت معدودة في العاصمة القطرية، وأن الأخ (أبو الوليد) يبحث له عن مأوى جديد، وأن استانبول قد تكون محطته القادمة.. لا تخلو هذه اللغة الإعلامية – بالطبع - من غمزٍ ولمزٍ وشماتة، ومحاولات بائسة لتبهيت المواقف القطرية، والتشكيك فيها بطريقة تفتقد إلى النبل والمرؤة.!!
إن قطر بمواقف أميرها الشيخ تميم؛ صاحب المآثر والأيادي البيضاء والمواقف الرجولية تجاه قضايا أمتنا العربية، لا يمكن أن تخذل الفلسطينيين أو أن تسمح بتشويه صفحاتها بمثل هذا اللغط الإعلامي المشبوه.
إن مسيرة علاقة حركة حماس مع قطر منذ التسعينيات كانت كلها صفحات مشرفة، ومواقف عربية أصيلة، ودعم ومساعدات مالية لحكومة إسماعيل هنية السابقة، وكذلك للسلطة الوطنية في رام الله ، ومنح لطلاب الدراسات العليا، ومشاريع البنى التحتية في قطاع غزة ، والتي بلغت حوالي نصف مليار دولار، وأخيراً وليس آخراً؛ التبرع بمليار دولار تعهدت بها قطر لمؤتمر المانحين بالقاهرة لدعم مشاريع إعادة الإعمار بعد الحرب العدوانية الأخيرة على قطاع غزة عام 2014م، ثم قيامها بالتعاون مع المجتمع الدولي وسويسرا بدفع رواتب الموظفين في الحكومة من كوادر حركة حماس في قطاع غزة، كمحاولة لإنجاح المصالحة والتمكين لحكومة د. رامي الحمد الله للمضي قدماً، وتخطي العقبات والعراقيل التي تضعها إسرائيل وبعض الجهات الدولية لإفشال فرص عمل الحكومة في قطاع غزة وتعقيد عملية بسط سيطرتها على القطاع، وإبقاء الحالة الفلسطينية متعثرة تراوح مكانها.
لقد تابعنا ما أوردته بعض المصادر الإسرائيلية من تسريبات حول قرب رحيل الأخ خالد مشعل من العاصمة القطرية، وما ذكرته صحيفة (إندليك) التركية من أن الأخ خالد مشعل وخلال زيارته الأخيرة لتركيا قد طرح مع رئيس الحكومة التركية؛ أحمد داود أوغلو، ترتيبات إنتقاله للإقامة في استانبول.
وتأسيساً على كل ما سبق من ترهات بشأن رحيل الأخ خالد مشعل عن الدوحة بضغط من الحكومة القطرية، أقول: إن سمو الأمير تميم ووالده من قبله الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني قد أظهرا الكثير من المواقف النبيلة، والسياسات الحكيمة تجاه قضيتنا وشعبنا، والتي تجعلنا نحترم هذا البلد وهذه العائلة الكريمة، ونقول لكل مروجي مثل هذه الإشاعات: موتوا بغيظكم، فإذا ما قرر الأخ خالد مشعل الانتقال إلى مكان آخر فهو سيكون بمحض إرادته الخاصة أو بدوافع لها علاقة بحسابات حركة حماس، وليس بضغط من أحد.
ولعل فيما تحدث به السيد جابر الحرمي؛ رئيس تحرير جريدة "الشرق" القطرية، ردَّاً على تلك الحملة الإعلامية المغرضة، والتي صاحبت تحركات المصالحة القطرية المصرية، قائلاً: إنها لم تتطرق لحركة حماس، وليست على حسابها، ولا دخل لحركة المقاومة بكل ما يجري في هذا الشأن.
وقد نقلت وكالة أنباء "فارس" الإيرانية عن الحرمي كذلك، قوله: إن "حماس لم تكن ضمن الأزمة القطرية المصرية أو الأزمة مع الدول الخليجية على الإطلاق، ولم يطرأ أي جديد على العلاقة القطرية مع حماس".
وأضاف: إن "العلاقة بين قطر وحماس لم تكن طارئة بل هي ممتدة". وحول نقل المكتب السياسي لحماس، ذكر بأنه لم يتم التحدث من أي طرف بشأن عملية نقله، ولا يوجد أي شيء من هذا القبيل.
ورحّب السيد الحرمي بالتقارب بين حركة حماس وإيران، وقال: "إن التقارب مع جميع الأطراف التي يمكن أن تدعم القضية الفلسطينية هو أمر طبيعي جداً، وإن جرى اختلاف فمرجعه الأزمة السورية، غير أن ذلك لا يمنع التعامل مع إيران في قضايا أخرى. وتابع بأن "قطر لا تتدخل في قرارات حماس، وتحترم رؤيتها السياسية، والعلاقة مع إيران لا تمثل هاجساً لديها".
04 يناير, 2015
وقد أكد على هذه المعاني – أيضاً - السفير الإيراني السابق محمد الإيراني، حيث أشار إلى أن علاقتنا مع حماس لم تنقطع أبدًا، وأنها يجب ألا تتوقف عند تفاصيل مواقف الطرفين من الأزمة السورية؛ لأن أساس العلاقة قائم على دعم القضية الفلسطينية.
وأضاف السفير والخبير بقضايا الشرق الأوسط، في حواره مع صحيفة "مردم أمروز" الإيرانية، قائلاً: "إن على إيران أن تقدم الدعم والعون لكافة فصائل المقاومة الفلسطينية التي تقاتل الاحتلال، وعلى رأسها حماس؛ لأن القضية الفلسطينية، هي مسألة محورية في السياسة الخارجية للجمهورية الإسلامية الإيرانية".
وأشار السفير إلى أنه لا ينبغي التوقف كثيرًا عند ما تثيره الصحافة الإسرائيلية حول احتمالية نقل مكاتب حركة حماس من الدوحة إلى طهران.. مؤكداً أن الاحتلال منزعج كثيراً من علاقات حماس بطهران، وأن أي تقارب بين الطرفين يشكل حالة إزعاجٍ له.
وأوضح السفير أن إيران وتركيا لن تكون بديلا لحماس عن قطر؛ لأن العلاقات ليست قائمة على البدائل، وأن علاقة حماس بقطر قديمة ومتينة، ولا يوجد قرائن تدل على تخلي قطر عن دعم حماس.
من هنا، يتبين أن هناك جهات تحاول العبث بورقة العلاقات الحمساوية الإيرانية القطرية.. ولذلك، فإن زيارة الأخ خالد مشعل لطهران باتت مطلباً تستدعيه الضرورة، وذلك بهدف الرد القاطع على كل هؤلاء، وهي غدت - كذلك - حاجة ملحة للجم ألسنة كل من يعمل على التشكيك بمتانة هذه التحالفات والارتباطات العربية والإسلامية للحركة، وإظهارها وكأنها مأزومة في كل علاقاتها الإقليمية.
إنني لا أنسى تلك المقابلة التي أجرتها فضائية روتانا الخليجية – برنامج في الصميم - لقاءً مع الأخ أبو الوليد بتاريخ 20 يوليو 2013م، وذلك بعد رحيله من دمشق، إثر تصاعد المواجهة الشعبية مع النظام هناك، واستقراره بالعاصمة القطرية الدوحة، حيث استدعى خلال الحوار بيتاً من الشعر للطغرائي الأصبهاني في "لاميَّة العجم"، يشرح واقع السفر والترحال في حياته، قائلاً: "إن العـــــــــلا حــــــدثتني وهي صــــــــــادقةٌ***فيما تُحـــــــــــــــــــــــــدثُ أن العزَّ في النقلِ"، والتي تحمل المعنى الكريم الذي ذكره الشنفري في "لاميَّة العرب": "وفي الأرض منأى للكريم عن الأذى *** وفيها لمن خاف القلى متحول".
نعم؛ إن حركة حماس ربما تمر بظروفٍ سياسية ومالية صعبة، خاصة بعد انتكاس حركة النهوض العربي، وتراجع العلاقة مع مصر وبعض دول الخليج، وهي كذلك تعاني من الحصار المفروض على قطاع غزة، واستمرار الخلاف مع الرئيس أبو مازن، وأيضاً باستمرار مسلسل الكيد والتضييق الذي تقوم به حكومة نتانياهو، حيث تبذل إسرائيل كل الجهد عبر كل حلفائها من الأمريكيين والأوروبيين لإذهاب هيبة حركة حماس، وكسر شوكة مقاومتها، مستغلة بذلك حالة الانقسام داخل الشارع الفلسطيني؛ الرسمي والشعبي، وإخفاق حكومة التوافق في العمل على جمع شمل الفلسطينيين، والتعبير بلغة جامعة عن الكل الوطني والإسلامي.
مع كل هذه المظاهر التي تبعث على اليأس والإحباط، فإن حركة حماس ما تزال بخير، وقد نجحت – نسبياً – في الاستفادة من تجربة الحكم ودروس المواجهات المسلحة مع الاحتلال، وهي اليوم أشد قوة، وأفضل حكمة في تشاورها وتعاملها مع باقي فصائل العمل الوطني والإسلامي، وأبعد نظراً وأقدر حيلة على إدارة خلافاتها السياسية مع السلطة ودور الجوار العربي، ولكن المطلوب منها اليوم تظهير مواقف أكثر إيجابية وتعاون مع إيران؛ أحد أهم الدول المركزية في المنطقة، وذلك بهدف تعزيز مساحات الرؤية والأمل لدى شعبنا بأن حلفاءنا في المنطقة هم من أصحاب الشدة والبأس، والقدرة والاقتدار، وأن هناك - إلى جانب إيران -دولتين مهمتين، هما تركيا وقطر، إضافة إلى عدد آخر من الدول العربية في شمال أفريقيا والسودان واليمن ولبنان.
فاغترب تتجدد..
من خلال دراساتنا التاريخية لحركات التحرر الوطني، فإننا نجد - دائماً - أن قيادات تلك الحركات تواجه صعوبة في الاستقرار، حيث تحكم علاقاتها مع الدول المضيفة اعتبارات سياسية وأمنية ذات أبعاد استراتيجية، وقد شاهدنا رحلة الأخ الشهيد ياسر عرفات، حيث تنقلت به قدماه عبر العديد من العواصم العربية، من مصر إلى عمان إلى بيروت إلى تونس، ليحط رحاله عام 1994م على أرض الوطن.. ويستمر في مشواره النضالي الطويل إلى أن لقى الله شهيداً، وورى جسده الثرى على أرضها الطهور.
ومهما اتسعت عواصم الدول أو ضاقت بالأخ خالد مشعل، فإنه سيبقى يتطلع إلى موطنٍ داخل أرض بلاده (المحررة) يستقر فيه، وذلك كي يستمر في تفانيه وبذل عطائه وجهاده لخدمة شعبه وأمته، وأن كل العواصم العربية والإسلامية - مع عظيم شكرنا وتقديرنا لكل ما قدمته لفلسطين وقياداتها في مراحل زمنية متفاوتة – ليست هي الغاية والمبتغى، كما أنها ليست محط رحال الثائر، الذي يطلب حقاً ويقاتل من أجله.
لإخواننا في قطر، حيث المآثر السائرة ومواقف العطاء الخيّرة، نقول: شكراً لكم فأنتم أهل الجود والكرم الحاتمي.. ولإخواننا في إيران ألف شكرٍ لكم على رجولتكم في دعم المقاومة عسكرياً ومالياً.. ولتركيا أردوغان؛ الحاضنة لجرحانا، وقطار الرحمة لشعبنا المنكوب، ولمواقفها السياسية في الدفاع عن القضية الفلسطينية في كل المحافل الدولية، ألف شكر وتقدير وعرفان.
إن صفحات التاريخ لن تنسى لكم جميعاً ما قدمتموه لقضية فلسطين وأهلها، فأنتم بالنسبة لنا الأعظم مكانة في المهج والأرواح؛ إخواناً على سرر متقابلين.
إن علاقتنا مع طهران هي كما وصفها أخي وصديقي د. مصطفى اللداوي؛ الخبير بشئون حركة حماس، في مقالة له بعنوان: "إيران دعمٌ متواصل وعطاءٌ غير مشروط"، بتاريخ 8 يناير 2015م، حيث ذكر بأنه منذ نجاح الثورة الإسلامية في إيران بقيادة الإمام الخميني عام 1979م، وهي تساند القضية الفلسطينية، وتقف إلى جانب أهلها، وتناصر شعبها، ولا تتأخر عن مساعدتهم ونصرتهم، ولا تألوا جهداً في تقديم يد العون لهم، وتخفيف العبء عنهم، ومساعدتهم في رفع الحصار المفروض عليهم أو التخفيف منه، وأنها لم تتوقف يوماً عن الدفاع عن قضيتهم، والتصدي لعدوهم، والتعبئة والتحريض من أجلهم، وقد تحملت الكثير من الأعباء بسبب موقفها، ودفعت ضريبة سياستها، وأتهمت بالإرهاب؛ لأنها تساند الفلسطينيين في مقاومتهم، وتمدهم بأسباب الصمود وعدة القتال وعتاد المقاومة، وهي ترى أنها تقوم بالنصرة وبهذا الدور الطليعي إيماناً منها بالواجب الملقى عليها، والذي تعتقد بأنه تكليفٌ إلهي، وواجبٌ ديني، والتزامٌ رباني، وعلى المسلمين جميعاً القيام به، والتصدي له؛ لأن القضية الفلسطينية مسؤولية الجميع، وتتعلق بكرامة الأمة كلها.
وكما أشار د. مصطفى اللداوي في مقالة أخرى له، بعنوان: "إيران وحماس حلفٌ لا ينتهي"، بتاريخ 22 ديسمبر 2014م، حيث ذكر بأن إسرائيل راهنت كثيراً على دوام القطيعة، واستمرار الاختلاف، وتباعد الشقة بين الطرفين، وعمدت بإصرارٍ على ايقاظ الفتنة، وتسعير أوراها، ولعلها كانت كشيطانٍ تنفخ في نار الاختلاف، وتؤجج أسبابه، وتشجع أطرافه، وتصب الزيت على ناره لتشتعل وتزداد، وتضطرم أكثر وتخرج عن دائرة التحكم والسيطرة، ليصعب بعد ذلك اطفاؤها أو السيطرة عليها، فحياتها رهنٌ بالاختلاف، وأمنها منوطٌ بالقطيعة، وسلامتها مرتبطةٌ بالانقسام والفرقة، إذ ليس من صالح الكيان الصهيوني أن تتفق إيران وحماس من جديد... فالمصالحة بين إيران وحركة حماس، تعني عودة المقاومة في أبهى صورها، وأقوى معانيها، وتعدد أشكالها، وتمايز قدراتها، وقد باتت اليوم أكثر خوفاً بعد الدعوات الإيرانية لتسليح الضفة الغربية، وهي تعلم أنها قد تنجح في تزويد المقاومة بما تريد، وتسليحها بما يلزم، لتكون الجبهة الأقرب، والأكثر خطورةً والأشد بأساً..
وأضاف: إن عودة الدفء إلى العلاقة بين إيران وحركة حماس، تعني عودة الرعاية والمتابعة، والدعم والتمويل والإسناد، وعودة الحليف والنصير، الشريك في المعركة، والمؤازر في الأزمة، والصادق القريب في المحنة، ما يعني أن المقاومة لن تكون وحدها، ولن تشعر بالضعف والخور، ولا بالإقصاء والإبعاد، ولا بالذل والحاجة، ولن يستفرد عدوٌ بها، ولن يتآمر غيره عليها، ولن تكون لقمةً سائغةً، ولا هدفاً ممكناً وسهلاً أمام الخصوم والأعداء.
في الحقيقة، أن استعادة العلاقة تعني استعادة العمق، وتأكيد الانتماء، والاطمئنان إلى المستقبل، وترتيب الأولويات؛ لتكون القضية الفلسطينية هي القضية الأساس، والمشكلة الأعظم، والهمِّ الأكبر للأمة العربية والإسلامية على السواء.
وأضاف د. اللداوي، قائلاً: ليس لدينا أدنى شك في أن قيادة الجمهورية الإسلامية في إيران فرحةً بالمصالحة، وسعيدةً بالوفاق، وراضيةً عن استعادة العلاقات، وصادقةً في المضي فيها، كما أن حركة حماس وأبنائها فرحين بانتهاء أيام القطيعة، ومرحلة الاختلاف، ولعلهم أكثر فرحاً من غيرهم، كونهم يعلمون أن إيران كانت لهم داعماً أساسياً، وحليفاً صادقاً، وسنداً مقاوماً، تدعم بالمال، وتزود بالسلاح، وتحض على المقاومة وتشجع عليها، وتنفق في سبيلها بكل سخاء، وتعطي بلا حساب، تحركها الثقة، ويدفعها الواجب، ويسيرها التكليف الديني، الذي ترى فيه وجوب النٌصرة، ولزوم المساعدة والمساهمة، والذي ينص على أن يكون لهم في المعركة دور، وعليهم في التحرير واجب، وهذا ما يجعل حلفهم مع حماس والفلسطينيين دائماً أبداً ولا ينتهي.
وختاماً: الوطن على بعد خطوة
إن رسالتنا - اليوم - للأخ خالد مشعل، إننا نريد رؤيتك - اليوم قبل الغد - في طهران، وذلك للتأكيد على متانة العلاقة مع الجمهورية الإسلامية.. وكذلك نقول للأخ (أبو الوليد): تذكر أننا دائماً بانتظارك على أرض فلسطين المحررة، وأن قطاع غزة؛ أرض المجد والعزة، هو المحطة القادمة لعودتك إلى أرض الوطن، وليس "نُقلة الرحيل" إلى بلد آخر.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية