خطة جديدة لمواجهة الفساد المتفشي في إسرائيل
القدس / سوا / تنكب سلطات القانون في إسرائيل على بلورة خطة جديدة لمواجهة ظاهرة الفساد الآخذ في التفشي كما يستدل من تورط عدد كبير من الوزراء والنواب ورؤساء البلديات والناشطين بفضائح رشاوى بملايين الدولارات. واليوم هناك عدد من رؤساء الحكم المحلي والنواب والوزراء السابقين قيد التحقيق أو الاعتقال أو من ينتظرونه بعد تقديم لوائح اتهام ضدهم آخرهم وزير الأمن الأسبق وعضو الكنيست المستقيل بنيامين بن اليعازر (العمل) المرشح هو وولداه لاتهامهم بإساءة الصلاحيات وتلقي رشاوى كبيرة مكنتهم من اقتناء بيت ضخم في يافا يقدر بتسعة ملايين دولار.
ويبحث مسؤولو وزارة القضاء الإسرائيلية مع أكاديميين وقادة الشرطة عن وسائل جديدة لمكافحة ظاهرة الفساد التي اعتبرها مراقبون ومسؤولون أخطر من قنبلة إيران على إسرائيل.
ويقود المستشار القضائي للحكومة يهودا فاينشطاين هذه المساعي الاحترازية لتوفير ما يضاف للوسيلة القانونية الجنائية، وسيقدم سلة توصيات لوزير الداخلية الجديد بعد الانتخابات العامة في آذار/ مارس المقبل. وتشمل الخطة الجديدة تغييرات في القانون القائم، وتعديل معايير الميثاق الأخلاقي للسياسيين وتشكيل محكمة طاعة وانضباط لمنتخبي الجمهور برئاسة قاض متقاعد.
ويوضح النائب الإسرائيلي العام شاي نيتسان في حديث لصحيفة «يديعوت أحرونوت» أن الطاقم المذكور يتطلع لتجفيف المستنقع الآسن بدلا من ملاحقة البعوض الفاسد، لافتا إلى أن ذلك يتطلب تغييرات بنيوية تساهم أيضا في إفهام الجمهور حقيقة أن الفساد في الحكم المحلي ينطوي على كارثة.
المال والسلطان
ويؤكد نيتسان أن مكافحة الفساد تتم بالأساس بواسطة فرض القانون الجنائي بشكل صارم عبر التحقيقات والاعتقالات والإدانات. ليس هذا فحسب بل هو يعتقد بضرورة تعديل التشريعات وبالتربية ويقدم مثالا على ذلك يكمن بتعيين مهندس ومحاسب ومستشار قضائي في السلطة المحلية يكونون مستقلين عن رئيسها وأجهزتها. ويتابع «وتبقى التربية الوسيلة الأهم فكل مجتمع جدي يهدف لمكافحة وباء الفساد عليه أن يلفظ من داخله كل من يدان به بخلاف الواقع الحالي في إسرائيل حيث يبقى المدانون بالفساد نجوما في التلفزيون والمحافل العامة وعلينا تغيير هذا الواقع لأن الرسالة الاجتماعية ـ التربوية هنا في غاية الأهمية»، محذرا من خطورة لقاء الصلاحيات والأموال ومن الاكتفاء بالقناة الجنائية فقط. ويضيف «من لا يتوقع المزيد من فضائح الفساد فهو لا يدرك طبيعة البشر وعلينا مواجهة الفاسدين بمجهود أكبر».
ملايين الدولارات
وأوصت الشرطة الإسرائيلية بتقديم لائحة اتهام ضد بنيامين بن اليعازر (78 عاما) النائب العمالي الذي اضطر لتقديم استقالته في الصيف الماضي بعد الكشف عن التحقيق معه بقضايا رشاوى وتبييض أموال وخيانة الأمانة.
من جهته نفى بن اليعازر وهو من مواليد بغداد التهم المنسوبة له بحيازة ملايين الدولارات من رجال أعمال. وزعم أنه سيثبت براءته في المحكمة. وعثرت الشرطة الإسرائيلية على تحويلة مالية بقيمة 400 ألف دولار من رجل الأعمال دولد مينيكشفيلي لحساب بن اليعازر وشيك بقيمة 350 ألف دولار في صندوق داخل بيته بعد صرفه شيك من صراف في تل أبيب. وتعتقد الشرطة أن بن اليعازر حاز على أموال كثيرة من رجال أعمال آخرين كثر وقام بإيداعها بحسابات أبنائه عبر صرافين.
علاقات مع حسني مبارك
وتعتقد الشرطة أن بن اليعازر حاز على أموال طائلة من رجال أعمال عندما شغل وزارة البنى التحتية والتجارة والصناعة مقابل تقديم خدمات لهم . وتتهم الشرطة ولديه أوفير وياريف بتبييض أموال وبمساعدة والدهما على تلقي الرشوة من رجال أعمال تدخل بن اليعازر من أجل تيسير أمورهم واستثماراتهم في مصر مستغلا علاقاته الجيدة مع نظام حسني مبارك. وقال الناطق بلسان وزارة القضاء للإذاعة العامة أمس إن النيابة العامة تتجه نحو توجيه لائحة اتهام ضد بن العازر رغم سنه وحالته الصحية بسبب خطورة المخالفات التي تورط بها وتوفر أدلة ضده. ومع ذلك لا يستبعد التوصل لصفقة مع بن العازر يعترف بموجبها بما ينسب له لكن ذلك لن يحميه من عقوبة السجن الفعلي.
أخطر من إيران
وما زالت الشرطة تعتقل العشرات من رؤساء الحكم المحلي والناشطين من حزبي «يسرائيل بيتنا» و «البيت اليهودي» ومعهم وزير السياحة السابق ستاس ستاجنيكوف وهو مهاجر من أصل روسي بشبهة التورط بسرقات أموال جمهور وتلقي رشاوى شاركت فيها عضو الكنيست فايينا كيرشينباوم نائبة وزير الداخلية التي حازت بناتها على وظائف وتحويلات مالية من جهات مختلفة بتوجيه منها.
يشار إلى أن رئيس حكومة إسرائيل السابق إيهود أولمرت سبق وأدين بتلقي وتقديم الرشاوى وحكم عليه بالسجن الفعلي ست سنوات ويتوقع أن يصبح خلف القضبان في شباط/ فبراير المقبل، إلى جانب رئيس إسرائيل الأسبق موشيه قصاب المدان باعتداءات جنسية.
وتزامنا مع ذلك كشفت دراسة لـ «المعهد الإسرائيلي للديمقراطية» أمس عن اعتقاد نصف الإسرائيليين بأن الفساد متفش في إسرائيل فيما يبدي ثلثاهم عدم ثقتهم بالحكومة وبالنظام الحاكم. ويؤيد 65 % من الإسرائيليين تجديد المظاهرات الاجتماعية التي عصفت بالبلاد في صيف 2011 احتجاجا على غلاء المعيشة.
في المقابل يوضح المحامي البارز، يحيئيل جوتمان، أن الإعلام يبالغ في تصوير الفساد كظاهرة متفشية جدا في إسرائيل، لافتا إلى أن فضحها وملاحقة المتورطين بها ينطوي على وجه إيجابي منير. ويتابع «طالما كان الفساد قائما لكن الكشف الإعلامي اليوم قد زاد».
لكن مؤتمر هرتسيليا للمناعة القومية السنوي يؤكد في ضمن تلخيصاته السنوية أن الفساد خطر داهم لا يقل عن التهديدات الخارجية وعلى رأسها قنبلة إيران النووية.