لم يَعد بإمكانك أن تتخيل شكل الوطن وأنا وأنت لا زلنا نعيش في ظل الانقسام الأسود، فقد انعدمت الثقة بين حركتي فتح و حماس ، وأصبح الرهان على تجاوز هم مرحلة الانقسام ضرباً من ضروب الخيال، وكيف لا وهم يتنافرون أكثر فأكثر.
سألت أحد القيادات الفلسطينية في غزة عن المصالحة فقال لم نتحدث في هذا الموضوع مع أحد منذ مارس الماضي ويقصد بعد تفجير موكب رئيس الوزراء رامي الحمد الله، وسألت آخر في رام الله عن جهود الوفد الأمني المصري فقال نحن نشعر أن الوفد ليس نزيهاً ولدينا تحفظات على أدائه، وقال ثالث أتمنى أن تبقى السلطة الفلسطينية والرئيس أبومازن على موقفهم رافضين ل صفقة القرن ولا يحدث أي تغيير على الموقف.
تواصل القيادات السياسية في الأراضي الفلسطينية بيع الوهم وتطبيق مشاريع الوهن وتنفيذ سياسة تغييب الجماهير عن صناعة القرار والمشاركة فيه، ذهبت وفود المصالحة مجدداً إلى مصر للبحث والفحص عن قالب جديد للنجاة، ولكن المؤشرات توحي بأنه سيتم استبدال لاعب جديد مكان الآخر في ملعب غزة الكبير، في وقت نحتاج فيه إلى تغيير المدرب وليس اللاعبين لأن صاحب فكرة الانقسام لن يكون صاحب فكرة المصالحة، ومن تعود على الهزائم لن يجد الطريق للانتصار.
الصراع الفلسطيني الفلسطيني يتغير ويتطور بمتغيرات الإقليم، وبتطورات العلاقة مع الاحتلال الإسرائيلي والتي ينسجها بشكل رائع مع الأنظمة العربية، وقد سعت إسرائيل الي اخراج تلك العلاقات من السر الي العلن ويساعدها في ذلك الحلفاء العرب، هذا حال الاحتلال الإسرائيلي فماذا عن حالنا؟
اليوم نحن على مفترق طرق كبير، حركة حماس تتمسك باتفاق القاهرة 2011م، وتريد تطبيقه على أرض الواقع وهو الاتفاق الشامل الذي يُنقذ الوطن من الانقسام السياسي ويُعيد الهيبة للنظام السياسي، ويوحد الفلسطينيين على البرنامج السياسي لمنظمة التحرير الفلسطينية، خاصة بعد أن عدلت حركة حماس من ميثاقها العام في بداية عام 2017م، فقد نص الاتفاق في بنوده الخمس الرئيسية على تطوير منظمة التحرير الفلسطينية وعقد الاطار القيادي الموحد، واجراء الانتخابات والأمن والمصالحة الداخلية وتشكيل لجنة للتوافق الوطني، وذلك الاتفاق يُعد مرجعاً وطنياً لا يُمكن التغاضي عنه لأنه بمثابة المنقذ الحقيقي للوضع الراهن وهو ذو بُعد استراتيجي كامل.
في حين أن السلطة الفلسطينية والرئيس أبومازن يُريدون في هذا الوت تنفيذ اتفاق القاهرة الأخير أكتوبر 2017م، وهو بمثابة اتفاق مرحلي يُمكن حكومة الوفاق الوطني من عملها في قطاع غزة والسيطرة على المعابر والوزارات والامن، وهذا من حقها كحكومة وفاق وطني، ولكن الواقع في القطاع لا يُعاني من هذه المشكلة بالتحديد، فلابد من البحث عن الحلول الجذرية والنهائية لمشاكل النظام السياسي والتي انتجت المشاكل الخدماتية وعززت فرص وجود الانقسام، فلابد من تفعيل منظمة التحرير الفلسطينية واجراء الانتخابات وتوحيد الأجهزة الأمنية، وانهاء المشاكل المترتبة عن الانقسام وتفعيل المصالحة المجتمعية، ومن ثم البحث عن تمكين الحكومة في القطاع.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية