بينما يغادر وفد حركة حماس العاصمة المصرية بعدما أجرى مباحثات متكررة حول مسألة المصالحة الفلسطينية ، يصل، حسب المصادر الإعلامية، وفد حركة فتح إلى القاهرة لذات الهدف، وبينما أشارت مصادر صحافية إلى أن حركة حماس وافقت من حيث المبدأ على الورقة المصرية الهادفة إلى جسر الهوّة بين الحركة وفتح، أشارت مصادر إعلامية ـ أيضاً ـ إلى أن الأخيرة، نفت أن تكون هناك إشارات لتقدم ملحوظ على إمكانية إطلاق قاطرة المصالحة، مع التأكيد على ضرورة تنفيذ اتفاق 2017، خاصة فيما يتعلق بتمكين حكومة الحمد الله على القيام بعملها في قطاع غزة ، كما هو الأمر عليه في الضفة الغربية، مع التذكير بأن الاتفاق المشار إليه، وفي مقدمته الأساسية، اقرّ بمثل هذا الأمر بشكل واضح لا يقبل التأويل.


مباحثات القاهرة الحالية، هي الأولى بعد نجاح الجهود المصرية في منتصف الشهر الجاري في التوصل إلى وقف اطلاق النار بين فصائل غزة وإسرائيل، بعد جولة حربية هي الأولى على القطاع بعد الحرب الإسرائيلية الثالثة عليه، ولا شك أن نتائج هذه الحرب الأخيرة، ورغم قصرها ستترك آثارها على الجهود المصرية لإقناع الطرفين، بضرورة العمل بإرادة واضحة على تجاوز الخلافات من أجل إطلاق عملية المصالحة، بشكل فعّال، على الأقل لمواجهة أي حرب جديدة، تشنها قوات الاحتلال، إثر الأزمة الحكومية الداخلية لدى الائتلاف الحكومي الإسرائيلي، وبعد تسلم نتنياهو وزارة الأمن خلفا للوزير السابق ليبرمان، خاصة وأن إمكانية قيام نتنياهو بتصدير أزمة حكومته التي باتت ترتهن لائتلاف حكومي مقلّص وهشّ، إلى حرب مع قطاع غزة، ما يؤمّن له تأييد رؤيته بضرورة عدم عقد انتخابات برلمانية مبكرة، والانتظار لعقدها في موعدها الثابت بعد عام من الآن.


الورقة المصرية المشار إليها، حاولت وبشكل إبداعي، تلبية جزئية لاشتراطات كل طرف من طرفي الأزمة، حماس وفتح، وهي من عشرة بنود وعلى أربع مراحل، وأهمية هذه الورقة أنها حددت بالتفصيل، مع برنامج زمني لتنفيذ كل بند وكل مرحلة، وبشكل متواز، ما يضمن التزامات متزامنة لتنفيذ كل طرف من الطرفين ما يتم الاتفاق عليه، ما يجعل الانتقال إلى المرحلة اللاحقة، مؤمّناً من قبل كل طرف منها.


ويمكن تلخيص هذه الورقة في بندين أساسيين في اطار مرحلتين متتابعتين زمنياً وعملياً، الأولى، عودة وزراء الحكومة إلى قطاع غزة، دون إجراء تغييرات جذرية، لحين توصل اللجنة الإدارية القانونية التي تم تشكيلها بالتوافق، إلى وضع إطار محدد لتنفيذه، وفي هذه المرحلة، تبدأ مشاورات لتشكيل حكومة وحدة وطنية، وبينما تتسلم الحكومة الحالية مقاليدها في قطاع غزة، خلال أسبوع، فإن تشكيل حكومة الوحدة الوطنية سيتم خلال مدة أقصاها خمسة أسابيع.


أما المرحلة الثانية، فتتعلق بصلب عملية المصالحة واستعادة الوحدة الوطنية على أسس من الشراكة في اطار منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الوطنية، وتتمثل بعقد اجتماع تطوير وتفعيل منظمة التحرير الفلسطينية في القاهرة، لمدة ثلاثة أيام، بهدف وضع الآليات المناسبة لتنفيذ ما ورد في اتفاق 2011، بشأن المجلس الوطني والانتخابات البرلمانية للمجلس التشريعي والمصالحة المجتمعية وضمان الحريات العامة في كل من الضفة والقطاع.


وكل ما تبقّى من هذه الورقة، بنود تتعلق بإجراءات من شأنها تسهيل تحقيق المرحلتين المشار إليهما، كإنهاء الإجراءات المتخذة ضد قطاع غزة وإعادة رواتب الموظفين وتأمين الوقود، ورصد الميزانيات التشغيلية للوزارات.. إلخ، ويمكن اعتبار تنفيذ هذه البنود التفصيلية، تأكيداً على حسن النوايا وتوفر الإرادة لدى الجانبين لإنهاء أزمة الانقسام من ناحية، وشكلاً من أشكال إشعار المواطن الفلسطيني، بأن هناك إجراءات على الأرض، يمكن معها استعادة الأمل بأن مساعي وجهود القاهرة قد أخذت طريقها إلى النجاح بعد إحباطات متكررة خلال الجولات السابقة وما بعدها.


ومن جديد، فإن مثابرة القاهرة على المضي قدماً، رغم كل الإحباطات وعدم الاستجابة العملية للاتفاقات، تشكل عاملاً يبعث الأمل من جديد بإنهاء حالة الانقسام، إلاّ أن ذلك، يرتبط بشدةٍ بمدى استجابة الجانبين لهذه الجهود!

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد