الشعبية في رفح تؤبن رفيقها رفعت فرحات

حفل تابين الشهيد رفعت فرحات

أقامت الرابطة المهنية في منظمة الشهيد علم الدين شاهين بمنطقة رفح الغربية حفلاً تأبينياً لرفيقها الراحل رفعت فرحات " أبومحمد" بمناسبة مرور أربعين يوماً على رحيله، بمشاركة واسعة من قيادات وكوادر وأعضاء الجبهة وممثلي القوى الوطنية والإسلامية وعائلة وأصدقاء الراحل.

وازدانت القاعة بأعلام فلسطين ورايات الجبهة وبصورة الرفيق الراحل وقادة ورموز وشهداء الجبهة.

وافتتح الرفيق سعيد عيسى الحفل مرحباً بالحضور، داعياً إياهم للوقوف دقيقة صمت احتراماً لروح الرفيق الراحل وللشهداء، ومن ثم عزُف السلام الوطني الفلسطيني.

وألقى الرفيق أحمد بركات عضو قيادة منطقة رفح الغربية كلمة الجبهة رحب بها بالحضور نيابة عن قيادة وكوادر وأعضاء الجبهة، موجهاً التحية إلى عائلة فرحات، وإلى شهداء الثورة الفلسطينية وفي مقدمتهم شهداء مدينة رفح، وإلى أسيراتنا وأسرانا البواسل في سجون الاحتلال، وفي مقدمتهم القائد الوطني والملهم والمعلم الرفيق أحمد سعدات " أبو غسان" والرفيقة القائدة الثورية خالدة جرار " أم يافا".

وأشاد بركات في كلمته بمناقب الرفيق رفعت قائلاً: " تعجز الكلمات أن تحوط وتلم بمناقب الرفيق رفعت أبو محمد والتي اتسم بها طوال حياته وميزت شخصيته، فقد كان الرفيق دوماً بسيطاً ومعطاءً وإنساناً بمعنى الكلمة، وطيب المعشر، دائم الابتسامة، محباً لعائلته ولعائلته ولأصدقائه، خدوماً لأبناء شعبه وخصوصاً في الجانب الطبي، مبتعداً دائماً عن المظاهر البراقة، يحتل قلبك في أول لقاء وحديث وجلسة معه. لم يبتعد عن حقيقة أنه فلسطيني لاجئ، فظل دائماً في بوتقة هذا الاستحقاق الوطني والذي يستدعي تربية وطنية خالصة في السلوك وفي معترك الحياة".

وأضاف  بركات بأن الرفيق أبومحمد عانى منذ نعومة أظافره كغيره من أبناء جيله من مرارة اللجوء، مهجراً مع عائلته من بلدة البطاني الغربي قضاء المجدل إلى قطاع غزة حيث حطت العائلة الرحال واستقرت في مخيم رفح الشابورة، وهناك تربى على قيم ومبادئ اللجوء.

وتابع قائلاً: " درس الابتدائية والاعدادية في مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين، ومن ثم الثانوية. وبعد رحلة لجوء أخرى وانتقال العائلة إلى الجزء الآخر من رفح المصرية، التحق بمعهد الفالوجا للتمريض عام 1984، حيث درس عام فيه، ومن ثم سافر للجزائر ليدرس الحقوق في احدى الجامعات الجزائرية إلا أنه لم يستكمل تعليمه لظروف خاصة، وعاد بعدها إلى دراسة التمريض في معهد الفالوجا، حيث تخرج منه وحصل على دبلوم التمريض بعد دراسته لثلاثة سنوات، وبعد التخرج عمل في مستشفى فلسطين التابع لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني بالقاهرة حتى عودته إلى أرض الوطن عام 1992".

وأشار بركات بأن الشهيد رفعت انضم إلى صفوف الجبهة الشعبية عام 1988 في ساحة مصر، وواصل نشاطه السري فيها، وفي خوض معترك النضال وفي تنفيذ المهام الموكلة له في هذه الساحة تزامناً مع اندلاع انتفاضة شعبنا في فلسطين المحتلة، وقد تعرض أكثر من مرة للملاحقة من قبل السلطات المصرية، وقد انقطع به الاتصال فترة من الزمن  حتى تم الاتصال به قبل العودة إلى الأراضي المحتلة عام 1992.  حيث عمل في برنامج تابع للهلال الأحمر الفلسطيني لمدة عامين، ومن ثم عمل في قسم العظام في مستشفى ناصر بخان يونس واستمر في عمله حتى وفاته.

وأكد بركات بأن الرفيق الراحل مثّل  الجبهة في الانتخابات البلدية عام 2005 تحت اسم " قائمة أبناء البلد"، وبعدها ظل متواصلاً مع الجبهة، مهتماً بأدق  التفاصيل، مشيراً أنه تربى في مدرسة المبادئ والعطاء والتضحيات، هذه المدرسة التي قدّمت أكثر من أربعة آلاف شهيداً، وفي مقدمتهم ابن خالته الشهيد علم الدين شاهين.

وفي الموضوع السياسي شدد بركات على  أن الوفاء للشهداء ولتضحيات جماهير شعبنا، تستدعي من جميعاً الذهاب إلى انهاء الانقسام وإنجاز المصالحة كممر إجباري ولا خيار منه، باعتباره الخطوة الأولى التي توحد شعبنا لمواجهة المخاطر الحقيقية التي تستهدف شعبنا وفي مقدمتها صفقة القرن .

كما شدد على ضرورة الحفاظ على وصية الشهداء باستمرار المقاومة بكافة أشكالها وعلى رأسها المقاومة المسلحة فهي الوسيلة لأنجع لانتزاع حقوقنا ولإفشال كل المؤامرات التصفوية على شعبنا.

 وفي هذا السياق أكد بركات على استمرار مسيرات العودة بزخمها الشعبي والجماهيري كمحطة نضالية هامة على طريق تحويلها إلى انتفاضة شعبية عارمة في عموم الأراضي المحتلة لمواجهة الاحتلال.

كما دعا بركات لضرورة انهاء العقوبات المفروضة على القطاع وتعزيز صمود شعبنا، محذراً من الإقدام على إجراءات أخرى لأن من شأنها تعزيز حالة الشرخ والشرذمة، مشيراً  أن هذا الشعب الذي يقدم التضحيات تلو التضحيات يستحق منا الكثير.

واعتبر بركات أن بناء المؤسسة الوطنية الجامعة وإعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية وتخليصها من حالة الهيمنة والتفرد تستدعي تغليب لغة الحوار الوطني الشامل على اللقاءات الثنائية، و تتطلب أيضاً تنفيذ قرارات الإجماع الوطني في القاهرة 2011 ومخرجات اللجنة التحضيرية في بيروت 2017 وبما يؤسس لعقد مجلس وطني توحيدي جديد بمشاركة الكل الوطني، من أجل رسم استراتيجية وطنية كفاحية لمواجهة التحديات الراهنة.

وشدد بركات بأن الوفاء لروح الشهيد رفعت أبومحمد، الذي سخر حياته في خدمة أبناء شعبنا وفي التخفيف من آلامهم خلال عمله في الحقل الطبي، تستدعي من كل الجهات المسئولة والقوى الوطنية والإسلامية إلى أن يبقى حلم أهالي رفح ببناء مستشفى في المدينة أمر واقع.

وفي ختام كلمته، عاهد الرفيق الراحل وكل الشهداء بأن تبقى الجبهة وفية للمبادئ والقيم التي عاشوا وناضلوا ورحلوا من أجلها.

من جهته، قال الأستاذ شرف الحاج يوسف في كلمة أصدقاء الراحل "  رحلت عنا يا رفعت ولكن روحك ستظل نجمة تسطع في سماء فلسطين، يا ابن هذه الأرض التي تعرف معادن الرجال، كيف لا وأنت المعدن النفيس والذي حملت جرح الوطن منذ صغرك، وكم غامرت بحياتك ومستقبلك ملبياً دعوة العديد من المناضلين والمقاتلين في سجون الاحتلال وفي السجون العربية في سنوات غربتك".

وأضاف قائلاً: " بالأمس كنا رفقة واليوم قد فرقنا الزمن، فقد كنت الصادق الصدوق، الذي ينأى عن الاستعراض أو الاستعلاء، بشوشاً حنوناً متواضعاً، في صمته أقوى بلاغة من أي قول، تعض على جرحك، سخياً في عطاءك حتى لو على حساب صحتك، فكم من خدمات قدّمتها لجرحى ومرضى وبشتى الميادين الوطنية والصحية والاجتماعية والرياضية".

وتابع قائلاً " كنت خلوقاً فنعم الخلق أنت، جواداً كريماً فنعم الكرم أنت، على دربك وعهدك يا رفعت لن نتخلى".

من جانبه، توجه الأستاذ صبحي فرحات في كلمة عائلة الراحل بالشكر إلى الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، والذين كانوا سنداً وعوناً للعائلة في مصابها الجلل ما يعكس لمسة وفاء للراحل أبومحمد، ويؤكد على مواقف الجبهة الوطنية وبتاريخها النضالي الكبير، وبسعيها الدؤوب للوحدة الوطنية الفلسطينية.

كما توجه بتحية الفخر والاعتزاز إلى الشهداء الذين ارتقوا إلى علياء المجد من أجل الوطن والأرض والكرامة والحقوق والثوابت وخص بالذكر شهداء الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وكل فصائل العمل الوطني والإسلامي، كما خص الشهيد المقاتل باسل الأعرج بتحية خاصة.

كما حيا الأسرى والأسيرات في سجون الاحتلال، وخصوصاً المناضل الوطني الكبير الرفيق أحمد سعدات، والذي عرفه شعبنا صلباً وشجاعاً ووحدوياً لا يساوم أبداً على الثوابت والحقوق.

وقال الأستاذ فرحات " لقد فارقنا العزيز رفعت أبو محمد جسداً ولكنه لم يفارقنا روحاً، فهو الإنسان الذي لم يأخذه الالتزام تجاه القضايا الوطنية والإنسانية وفي عمله عن التزامه الخاص كأب وكجزء من عائلة فرحات، فقد كان أباً حنوناً محباً لأبنائه ولعائلته ويشرف على شئون العائلة ويتحسس همومهم، وكان مهتم بكل تفاصيل حياة أبنائه وأحفاده واخوانه، كما وكان ملتزماً تجاه كافة أقاربه ومعارفه دون تقصير أو تنصل من أي مسئوليات صغرت أو كبرت".

وأضاف فرحات " بأن الراحل نشأ وترعرع في عائلة وطنية متجذرة كالشجرة في حبها لفلسطين ولأبناء شعبنا، ارتوت هذه الحالة من عين ماء زلال، فأعطت وتعطي أكلها كل حين فقدمت من خيرة شبابها الشهيد والجريح والأسير".

وقال فرحات: " كنت أتمنى أن أقف في هذا اليوم ككل الآباء بإشهار ابني الشهيد محمود وأنت يا رفعت بجانبي، ففقدتكما انتما الاثنين ".

وأضاف فرحات بأن الراحل كان حريصاً دائماً على مساعدة جيرانه وأصدقائه، فلقد حوّل منزله لعيادة لعلاج المرضى وتجبير الكسور بدون أي مقابل، مشيراً أنه دأب على علاج وتجبير العديد من شباب المقاومة الذين تعرضوا لإصابات أو لكسور.

وشدد فرحات في كلمته بأن الوفاء لروح العزيز الراحل رفعت " أبو محمد" وكل الشهداء الأكرم منا جميعاً تقتضي العمل من أجل ترسيخ قيم الوحدة والتعاون بين أبناء الوطن الواحد، فالوحدة الوطنية والتضحيات الكبيرة التي تجسدت في ميادين العودة منذ أكثر من ستة شهور يجب أن تكون عامل مشجع ودافع للكل الوطني لانجاز الوحدة الوطنية التي نستطيع من خلالها مواجهة كل المخاطر التي تحدق بشعبنا وقضيته.

وقد تخلل الحفل التأبين إلقاء الرفيق وسيم فرحات نجل الرفيق الراحل قصيدة شعرية استحضر فيها روح ومناقب والده الراحل.

وفي ختام الحفل، سلمت لجنة مكونة من محافظة رفح ومنظمة الشهيد علم الدين شاهين وممثلي عن القوى الوطنية والإسلامية عائلة الرفيق الراحل درع الوفاء والعهد  للرفيق الراحل.

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد