لم يكن نجاح المكون العربي الفلسطيني، في مناطق 1948، أبناء الجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل المختلطة منذ العام 1992، بزيادة تمثيله وارتفاع حصيلة التصويت لصالح الأحزاب والكتل العربية المعادية للمشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي الصهيوني، وتراجع نسبة التصويت العربي عن الأحزاب الصهيونية، لم يكن ذلك "ضربة معلم" أو "فشة خُلق" عربية ضد الأحزاب الصهيونية وخاصة "العمل" و"الليكود"، بل جرى ذلك، برؤية منهجية تدريجية مسنودة بالوعي والخيار، وحصيلة للخبرات والتجارب التي مر بها الشعب العربي الفلسطيني بسلسلة من المآسي والحرمان، داخل مناطق 48.
فالنتائج السياسية والاجتماعية التي تحققت للوسط العربي الفلسطيني في عهد حكومة رابين، وبرلمان 92 – 96، لم تتحقق من قبل منذ العام 1948، ولذلك شكلت هذه النتائج أرضية للإحساس بالثقة بالنفس، وبالقدرة على تحقيق النتائج، وحوافز نحو العمل من أجل الذات الوطنية، ومن هنا تم طرح شعارات وبرامج عملية واقعية تقوم على ما يلي:
1- انخفاض نسبة التصويت العربي للأحزاب الصهيونية.
2- زيادة نسبة التصويت للأحزاب العربية.
3- أن تصل نسبة التمثيل العربي في الكنيست إلى 15 مقعداً، وبذلك يحصل التمثيل الفلسطيني على أن يكون الكتلة الثالثة بين الكتل البرلمانية، فقد سبق لحركة "شاس" بقيادة أرييه درعي أن حصلت على 15 مقعداً، فكان يتحكم بتشكيل الحكومة، وسبق أن حصل ليبرمان على 15 مقعداً فاحتل الموقع الأهم لدى الحكومة، وكلاهما درعي وليبرمان، وصفا على أن كلاً منهما هو "ملك إسرائيل" بما يملك من تمثيل، وهكذا كان التطلع ولا يزال أن يحصل الوسط العربي الفلسطيني على 15 مقعداً، وبذلك يضمن تحسينا مطردا لأبنائه، ويحفظ لهم كرامتهم وحقوقهم، بل يمكن استعادة ما فقدوه من حقوق، وفرض المساواة التي يستحقونها وانتزاعها، من جوف حوت المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي.
انتخابات الكنيست المقبلة يوم 17/3/2015، انتخابات خطرة على مجمل الوضع العربي الفلسطيني سواء في مناطق 48 أو مناطق 67، فالقوانين العنصرية التي صاغها وشرعها اليمين الإسرائيلي المتطرف بقيادة حكومة نتنياهو وأحزابه، تسعى لعزل المكون العربي الفلسطيني في مناطق 48، وإضعاف دوره، وشل فعاليته، والعمل على حرمانه من حقوق المواطنة على أرض وطنه المنهوب، ولذلك تسعى القوى السياسية الثلاث: الجبهة الديمقراطية والحركة الإسلامية والتجمع الوطني الديمقراطي، ومطلوب منها أن تتصرف بتعقل وسعة أفق، وبحس عال من المسؤولية، بعيداً عن الأنانيات الحزبية، وردات الفعل المتشنجة تجاه بعضها البعض، لأن حصيلة سياسة ضيق الأفق هو خسارة الكتل البرلمانية الثلاث، وانعكاس ذلك على مجمل المكون العربي الفلسطيني، بل ولمجموع مكونات الشعب العربي الفلسطيني الثلاثة: 1- أبناء 48، 2- أبناء 67 الضفة و القدس والقطاع، 3- أبناء اللاجئين في بلدان الشتات والمنافي.
الوسط العربي الفلسطيني، في مناطق 48، يصفه البعض على أنه مثيل لدور اللوبي اليهودي في قلب الولايات المتحدة، وإن كان الأول ثرياً ويتحكم بالإعلام الأميركي النافذ، ولكن الثاني يملك تمثيل خُمس المجتمع والمصوتين في مناطق 48، ما يؤكد قدرته على تحقيق الإنجازات إذا استطاع تحقيق ثلاثة شروط أولها زيادة نسبة التصويت لصالح الأحزاب العربية، وثانيها زيادة نسبة التمثيل داخل البرلمان الإسرائيلي، وثالثها أن يعقد تحالفات تكتيكية ذات طابع مطلبي مع كتل برلمانية أخرى مثل "ميرتس" وكتل دينية، لها مطالب حسية معينة تتقاطع مع مطالب الوسط العربي الفلسطيني في مناطق 48.
نضال المكون الفلسطيني وحضوره وتأثيره على الأحداث المعيشية واليومية والسياسية داخل مناطق 48، ونيله تطلعاته في المساواة وإقرار الشراكة من قبل المجتمع الإسرائيلي، يشكل قوة ورافعة للمكونين الآخرين للفلسطينيين سواء في مناطق 67، أو لفلسطينيي الشتات واللجوء، فالمكون الفلسطيني الواحد يؤثر تأثيراً مباشراً على المكونين الآخرين، تلك هي المعادلة التي يجب أن تقود التفكير والإجراءات والسياسات الفلسطينية في منظمة التحرير ومؤسساتها وفي مقدمتها السلطة الوطنية في رام الله ، فالعقلية والمؤسسة اليمينية والعنصرية الإسرائيلية تتعامل مع فلسطينيي النقب البدو، باعتبارهم من الفلسطينيين مثلما تتعامل مع أهل الغور الفلسطيني، وتتعامل مع فلسطينيي القدس الشرقية، باعتبارهم أعداء طارئين على القدس، وتعمل على ترحيلهم وطردهم وفقدانهم لحقوقهم في بلدهم و"تشليحهم" مواطنتهم، كما تفعل مع سائر الفلسطينيين المحرومين من استعادة ممتلكاتهم في مناطق 48، رغم أنهم مواطنون في مناطق 48، وقتلت الشاب خير الدين حمدان ابن كفركنا، كما تفعل في مناطق 67، وحصيلة هذا كله، يحتاج إلى مزيد من اليقظة وحُسن الاختيار، وانعكاس ذلك على تأدية الواجب نحو تعزيز مكانة ودور وتأثير الوسط العربي الفلسطيني على السياسات العنصرية الإسرائيلية، وفي طليعة ذلك زيادة التمثيل العربي الفلسطيني في الكنيست، وهذا لا يتم إلا بفعل توسيع حجم التصويت ورفع نسبة المصوتين العرب لتكون النتائج كما هو مطلوب، بالحفاظ على التمثيل الفلسطيني للكتل الثلاث وزيادة عددها لتكون الكتلة الثالثة في البرلمان.

h.faraneh@yahoo.com

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد