263-TRIAL- تفصلنا قرابة ثلاثة أشهر عن انتخابات الكنيست العشرين في إسرائيل، انتخابات مبكرة على وقع صراع قومي بالدرجة الأولى، إذ ان قرار تبكير هذه الانتخابات جاء إثر الانقسام الداخلي في الائتلاف الذي قاده نتنياهو بعد فوز الليكود في الانتخابات العامة قبل عشرين شهراً، هذا الانقسام الذي تولد إثر الخلاف حول القانون المسمى "بدولة قومية يهودية"، صحيح أن هناك خلافات ذات طبيعة أيديولوجية ومصلحية بين مختلف الكتل البرلمانية في حكومة نتنياهو السابقة، لكن أساس هذه الخلافات كان حول هذا القانون الذي كان من شأنه في حال المصادقة عليه أن يكشف مدى عنصرية الكيان الإسرائيلي من ناحية، والمس أكثر من أي وقت مضى بالعرب الفلسطينيين الذين شكلوا شوكة في خاصرة "نقاء" الدولة العنصرية. العرب الذين يشكلون 21 في المئة من سكان الدولة العبرية حسب الإحصاءات الإسرائيلية، هم المستهدفون في الأساس من هذا القانون، الذي أدى الخلاف حوله، إلى الدعوة لانتخابات برلمانية عامة مبكرة، الأمر الذي لا بد من أن يشير بوضوح إلى أن الصراع القومي، بين أغلبية يهودية قومية مصطنعة، وعنصرية، وبين المواطنين العرب أصحاب الأرض والوطن الشرعيين، إنها انتخابات قومية بامتياز. هذه الانتخابات ستتم وللمرة الأولى وفقاً لقانون انتخابي، يستهدف اقتلاع الأحزاب الصغيرة من أي تمثيل برلماني، إذ ان نسبة الحسم باتت 3.25 بالمئة، الأمر الذي يهدد إمكانية نجاح الأحزاب الصغيرة، ومنها الأحزاب العربية بعدم الوصول إلى الكنيست، ما يضغط وبالضرورة على هذه الأحزاب إلى التوحد، بكتلة موحدة واحدة، أو كتلتين في حال فشل التوصل إلى تشكيل كتلة واحدة، أسباب تقنية تدفع العرب إلى التوجه لهذه الانتخابات أكثر توحداً، بعدما تهربوا طوال العقود الماضية من أن يقدموا إلى الانتخابات البرلمانية العامة في إسرائيل بشكل موحد، رغم الدعوات المتكررة بضرورة أن يشكل التمثيل العربي في الانتخابات، نسبتهم الانتخابية السكانية، أي 21 في المئة من الكنيست، وبحيث تصبح الكتلة العربية، مقررة في أعمال التشريع، لكن ذلك لم يحدث من قبل، الأمر الذي صبغ العلاقة بين المواطنين العرب، والأحزاب العربية في مناطق 1948، بعدم الثقة، وأدى إلى عزوف الناخبين العرب عن الذهاب للتصويت في صناديق الاقتراع، الأمر الذي أدى إلى أن تظل نسبة التمثيل العربي نسبة محدودة أقل تأثيراً مما كان ينبغي. والآن، وحيث أن هذه الانتخابات، هي ذات طبيعة قومية بالدرجة الأولى، بالإضافة إلى العامل التقني المرتبط بنسبة الحسم، فإن هذين العاملين يجب وبالضرورة أن يدفعا الأحزاب العربية إلى التوجه إلى هذه الانتخابات بشكل موحد. كافة الأطر الحزبية العربية الرئيسة في إسرائيل، اجتمعت لدراسة تشكيل موحد لخوض انتخابات الكنيست العشرين، إلاّ أنها حتى الآن لم تتفق على رأي موحد، وبطبيعة الحال فإن الأمر يستلزم مزيداً من الجهد ومزيداً من الوقت، وهناك من يرى أن هزيمة اليمين بقيادة نتنياهو، تفرض على العرب التوجه في كتلة واحدة، ما يدفع الناخب العربي إلى استعادة الثقة بالمرشحين، ويندفعون إلى صناديق الاقتراع لمواجهة المد اليميني العنصري، ويستعيد المواطن العربي ثقته بقيادته الحزبية. غير أن هناك من يرى، أن كتلة موحدة واحدة، قد يكون من الصعب التوصل إلى تشكيلها على ضوء الخلافات ذات الطبيعة الأيديولوجية بين مختلف الأحزاب العربية، لكن ليس هذا هو السبب الوحيد الذي يبرر تشكيل كتلتين عربيتين لخوض الانتخابات، إذ يرى أصحاب هذا الرأي، أن كتلة واحدة، تدفع الناخب العربي إلى الاطمئنان إلى الفوز، ما يجعله أكثر ميلاً إلى عدم التوجه إلى صناديق الاقتراع، ثم ان غياب المنافسة، يسبب ميلاً إلى عدم وجود الحافز القوي الكافي للتوجه إلى صناديق الاقتراع، اما في حالة وجود كتلتين، فإن التنافس فيما بينهما سيدفع الناخبين إلى التوجه إلى صناديق الاقتراع لانتخاب مرشحيهم في ظل منافسة حامية وقوية بين الكتلتين. الباحثون العرب في مناطق 1948، إضافة إلى بعض الاستطلاعات، يمنحون كتلة عربية موحدة 15 مقعداً، بدلاً من 11 في الوضع الأخير، وهو ما يمكن هذه الكتلة من أن تصبح أكثر نفوذاً، خاصة إذا ما نجحت أحزاب الوسط واليسار في إسرائيل إلى الوصول إلى النسبة الأعلى في مقاعد الكنيست القادمة، وبحيث يحسب حساب الكتلة العربية الموحدة في التشكيل الحكومي بعد إسقاط حكم اليمين العنصري، وهكذا يرتد السحر على الساحر، فقد هدف رفع نسبة الحسم إلى تقليل فرص العرب في التأثير في البرلمان الإسرائيلي، وإذا ما تشكلت كتلة واحدة، ووصل 15 نائباً عربياً الى الكنيست، فإن رفع نسبة الحسم، يصبح إنجازاً عربياً بدلاً من كونه أداة استخدمها اليمين في مواجهة العرب في إسرائيل!!
Hanihabib272@hotmail.com

93

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد