هيومن رايتس تطالب السلطة الفلسطينية بالموافقة على العلاج الطبي لمرضى غزة

سيارة اسعاف تغادر غزة للضفة الغربية - توضيحية

طالبت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، اليوم الأربعاء، السلطة الفلسطينية بإصدار الموافقة اللازمة الخاصة بالعلاج الطبي للمرضى في قطاع غزة فورا.

وأكدت المنظمة في بيان وصل "سوا"، أن الإغلاق الذي تفرضه إسرائيل على غزة، بدعم مصري، فضلا عن النزاعات حول التمويل بين السلطة الفلسطينية و"حركة حماس "، يتسببان في صعوبة عمل المنشآت الطبية بسبب النقص الحاد في الكهرباء والأدوية الأساسية والمعدات والأدوات الطبية.

وذكر البيان أن أطباء في غزة قالوا لـ"أطباء من أجل حقوق الإنسان – إسرائيل" إنهم عاجزون عن توفير العلاج اللازم للعديد من الجرحى.

وطالبت المنظمة السلطات العسكرية الإسرائيلية إيقاف سياستها القاضية بمنع إعطاء تصاريح الخروج الطبي للفلسطينيين المصابين في الاحتجاجات.

وقالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن استخدام القوات الإسرائيلية المتكرر للقوة القاتلة في قطاع غزة منذ 30 مارس/آذار 2018 ضد متظاهرين فلسطينيين لم يهددوا حياة الآخرين قد يرقى إلى مستوى جرائم حرب.

وأشارت، إلى أن القوات الإسرائيلية قتلت أكثر من 100 متظاهر في غزة وأصابت الآلاف بالذخيرة الحية.

ودعت المنظمة الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى تبني قرار يدعو إلى إيجاد إجراءات لضمان حماية الفلسطينيين في غزة، "كما يجب أن تقوم لجنة أممية مخوّلة بالتحقيق في جميع الانتهاكات والتجاوزات بتحديد المسؤولين الإسرائيليين عن إصدار أوامر إطلاق نار غير القانونية".

وأردفت: " تُبرز عمليات القتل ضرورة قيام المحكمة الجنائية الدولية ب فتح تحقيق رسمي حول الوضع في فلسطين. على باقي الدول فرض عقوبات ضد المسؤولين عن الانتهاكات الحقوقية الخطيرة.

وقالت سارة ليا ويتسن، مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: "أَلحَقَ استخدام إسرائيل القوة القاتلة، من دون وجود تهديد وشيك للحياة، خسائر فادحة في أرواح الفلسطينيين وإصابات بالغة في أطرافهم. على المجتمع الدولي إنهاء الأمر الواقع، حيث تقوم إسرائيل بتحقيقات تبرر أفعال قواتها، بينما تمنع الولايات المتحدة أي محاسبة دولية باستخدام الفيتو في مجلس الأمن. على المجلس، بدل ذلك، فرض عواقب حقيقية على الاستهتار الفاضح بأرواح الفلسطينيين".

وقدمت الكويت قرارا إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة يستنكر استخدام إسرائيل للذخيرة الحية ضد المتظاهرين في غزة، وإطلاق الجماعات المسلحة الفلسطينية الصواريخ ضد المستوطنات الإسرائيلية، كما يدعو لوضع حد لإغلاق غزة، ويحث الأمين العام للأمم المتحدة على دراسة خيارات تزيد من حماية الفلسطينيين في غزة، بحسب البيان.

وقدمت الكويت القرار أمام الجمعية العامة بعد استخدام الولايات المتحدة حق النقض ضده في مجلس الأمن في 1 يونيو/حزيران.

وذكرت هيومن رايتس ووتش أنها قابلت 9 أشخاص شهدوا إطلاق القوات الإسرائيلية النار على متظاهرين في غزة يوم 14 مايو/أيار، أعلى حصيلة للقتلى والجرحى حتى الآن في يوم واحد مع مقتل أكثر من 60 شخصا.

كما قابلتْ آخر شِهِدَ قتل صحفي بالرصاص في 6 أبريل/نيسان.

وتابعت:" ممن شهدوا حالات إطلاق النار أصيبوا هم أنفسهم بعيارات نارية، وقع إطلاق النار في أماكن الاحتجاجات بالقرب من السياج الفاصل بين قطاع غزة وإسرائيل، بما في ذلك شرق جباليا ومدينة غزة وخان يونس ورفح. تُظهر رواياتهم، إلى جانب الصور ومقاطع الفيديو، نمطا يتمثل في قيام القوات الإسرائيلية بإطلاق النار على أشخاص لا يشكلون خطرا وشيكا على الحياة، مستخدمةً الذخيرة الحية. على إسرائيل تقديم تعويض مناسب لجميع الحالات التي أطلق فيها جنودها النار على أشخاص بشكل غير قانوني أو قتلوا أفراد عائلاتهم".

وقال 6 من الشهود الذين قابلتهم هيومن رايتس ووتش إنهم كانوا على مسافة 200 إلى 300 متر من السياجين المتوازيين اللذين يفصلان بين الحدود الشرقية لغزة وإسرائيل في 14 مايو/أيار، عندما أطلقت القوات الإسرائيلية النار عليهم أو على أناس قربهم بالذخيرة الحية.

ولفتت إلى أن من بين الضحايا صحفيون وعمال دفاع مدني ومتطوعون كانوا يحاولون إجلاء الجرحى، وطفل كان يهرب بعيدا عن السياجين.

"قال 3 شهود آخرين إن الجنود أطلقوا النار عليهم عندما كانوا على مسافة 30 و40 متراً من السياجين. من بين الشهود الثلاثة فتى (14 عاما)، ورجل (48 عاما)، أُطلق عليهما النار في حادثتين منفصلتين. قالا إنهما لم يلقيا الحجارة أو يحاولا إيذاء الجنود الإسرائيليين. قال ثالث إنه اقترب من السياجَين وألقى بالحجارة على القوات الإسرائيلية، إلا أنه أُصيب لاحقا بينما كان يحاول إجلاء آخر أصيب بنيران أُطلقت عليه. تتفق الروايات مع عدة تقارير إخبارية ومقاطع فيديو تُظهر تعرض الفلسطينيين لإطلاق نار خلال وقوفهم أو هربهم بعيدا عن السياجَين".

"وقال من قابلتهم هيومن رايتس ووتش إن معظم حوادث إطلاق النار التي شهدتها خلال احتجاجات 14 مايو/أيار تضمنت قيام القوات الإسرائيلية بإطلاق النار على المتظاهرين في أرجلهم. لكن وصف الشهود أيضا 7 حالات أخرى أطلقت فيها القوات الإسرائيلية النار على الأجزاء العليا من أجساد متظاهرين لم يشكلوا أي تهديد وشيك للحياة، ما يشير إلى احتمال وجود نية لدى الجنود الإسرائيليين لقتلهم. قال أحد الشهود إنه أُصيب برصاصة على مسافة 200 متر من السياجين اخترقت ظهره وخرجت من صدره. قال آخر إنه رأى عامل دفاع مدني يُصاب بعيار ناري قاتل في صدره على مسافة 200 مترا من السياجَين. قال شاهد آخر إنه رأى رجلا في الخمسينات من العمر يُصاب برصاصة في رأسه عندما اقترب لمسافة 15 مترا من السياج بينما كان يحمل العلم الفلسطيني. قال شاهدان إنهما شاهدا رجلا يُصاب بطلق ناري في رأسه حلال إجلائه من جانب السياجين بعد إطلاق النار عليه في ذراعه"، وفق البيان.

وشارك الفلسطينيون بين 30 مارس/آذار و8 يونيو/أيار في مظاهرات أسبوعية قرب السياجين الفاصلين بين غزة وإسرائيل للاحتجاج على إغلاق غزة منذ 11 عاما ، وإحياءً لذكرى شتات مئات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين عند تأسيس إسرائيل عام 1948.

المظاهرات في 14 مايو/أيار كانت أيضا ضد افتتاح السفارة الأمريكية يومها في القدس .

وخلال الاحتجاجات في هذه الفترة، أطلقت القوات الإسرائيلية النار على المتظاهرين وقتلت 118 شخصا خلال المظاهرات، بينهم 14 طفلا، وأصابت 3,895 بالذخيرة الحية ما اضطرهم إلى دخول المستشفى.

وقال أطباء إن 40 شخصا على الأقل احتاجوا إلى بتر أطرافهم وأصيب مئات آخرون بجروح خطيرة.

وخلال الاحتجاجات الأسبوعية، أطلق الجيش الإسرائيلي النار على المتظاهرين وقتلهم وفقا لسياسة مسبقة، بحسب تصريحات علنية لمسؤولين إسرائيليين ومذكرة قُدمت أمام محكمة إسرائيلية، تسمح باستخدام الذخيرة الحية ضد كل من يحاول الاقتراب من السياجَين أو عبورهما أو إلحاق الضرر بهما.

ورفض القادة الإسرائيليون النداءات المتكررة من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والالتماسات التي قدمتها منظمات حقوقية لتغيير تلك الأوامر، بل وأثنوا على تصرفات الجيش.

يبدو أن المسؤولين الإسرائيليين، بمن فيهم القادة العسكريون، أعطوا الضوء الأخضر لاستخدام الذخيرة الحية ضد المتظاهرين. من بين المسؤولين رئيس الأركان الجنرال غادي إيزنكوت، ووزير الأمن أفيغدور ليبرمان، ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو .

ونقلت الأمم المتحدة أن 4 إسرائيليين أصيبوا خلال احتجاجات غزة بين 30 مارس/آذار و7 يونيو/حزيران، أولهم جندي أصيب بجروح طفيفة في 14 مايو/أيار. قال متحدث عسكري إسرائيلي لصحيفة "ذي غارديان" إنه لم يقم أي أحد بعبور السياجين في 14 مايو/أيار. نقلت الصحيفة عنه قوله "لم تتلقّ قواتنا أي نيران مباشرة مستمرة".

وذكر البيان: " تسمح المعايير الدولية لحقوق الإنسان المتصلة بإنفاذ القانون، والتي تنطبق على الاحتجاجات في غزة، باستخدام الذخيرة الحية فقط لمنع التهديد الوشيك بالموت أو الإصابة الخطيرة كملاذ أخير".

ورفض المسؤولون الإسرائيليون صراحة معايير حقوق الإنسان وجادلوا بأن الذخيرة الحية ضرورية لمنع المتظاهرين من اختراق السياجين، قائلين إن حماس نظمت الاحتجاجات بهدف استغلالها من قبل مقاتليها المسلحين لقتل أو أسر الجنود أو المدنيين. لا يمكن تبرير استخدام الذخيرة الحية عبر النظر لكل فلسطيني يحاول الوصول إلى السياجين كتهديد وشيك للحياة تلقائيا.

وقالت هيومن رايتس ووتش إن القوات الإسرائيلية أطلقت النار أيضا على مسعفين وصحفيين وأطفال وآخرين كانوا على بُعد مئات الأمتار من السياجين. إضافة إلى ذلك، ولأن الفلسطينيين في غزة يستحقون الحماية بموجب "اتفاقيات جنيف" بصفتهم سكانا يخضعون للاحتلال، فأي قتل عمد بحقهم يشكل جريمة حرب.

وقال مسؤول عسكري إسرائيلي كبير لصحيفة "واشنطن بوست" إن الأسلحة الوحيدة التي تستخدمها القوات الإسرائيلية هي الذخيرة الحية والغاز المسيل للدموع، ولا تستخدم مدافع المياه أو باقي الإجراءات المطبقة في الضفة الغربية نظرا لافتقارها إلى المدى الكافي، على حد تعبيره.

بالإضافة إلى سياج الأسلاك الشائكة التي تفصل غزة عن إسرائيل بارتفاع مترين وأجهزة استشعار إلكترونية وخنادق وأبراج مراقبة عسكرية على طول محيط غزة، بنى الجيش الإسرائيلي عام 2015 سياجا حول 12 مستوطنة إسرائيلية قرب غزة مع أجهزة استشعار إلكترونية تكتشف أي احتكاك بالسياج وتنبّه الجيش تلقائيا. هذا يضعف أكثر الادعاء أن المتظاهرين كانوا يشكلون خطرا وشيكا.

وتابع البيان: " تشير الصور ومقاطع الفيديو والبيانات التي أدلى بها الجراحون إلى إطلاق القوات الإسرائيلية النار على المتظاهرين باستخدام بنادق هجومية عسكرية كثيفة النيران. وثقت مقالات المجلات الطبية، ومنها بقلم جراحي الصدمات في الجيش الإسرائيلي، كيف تتسبب الجروح الناجمة عن طلقات الرصاص الصادرة من البنادق بأضرار شديدة في الأنسجة الرخوة، وتُحدث مضاعفات كثيرة. قالوا إن "أي تأخير في معالجة موقع الإصابة قد يؤدي إلى بتر الأطراف".

وتدرس المدعية العامة لـ "المحكمة الجنائية الدولية"، فاتو بنسودة، جرائم خطيرة مزعومة ارتكبت في فلسطين منذ 13 يونيو/حزيران 2014، بما في ذلك جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. في 22 أيار/مايو، قدمت فلسطين "إحالة" تطلب من المدعية العامة التحقيق في الجرائم بموجب اختصاص المحكمة الجنائية الدولية، بما في ذلك الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب المتمثلة في القتل العمد أو التسبب في معاناة كبيرة أو "عمدا" للمدنيين وسكان المناطق المحتلة. الجرائم ضد الإنسانية هي أعمال إجرامية تُرتكب على نطاق واسع أو منهجي كجزء من "هجوم موجه ضد أية مجموعة من السكان المدنيين"، ما يتضمن خطة أو سياسة لارتكاب الجريمة.

وتشمل هذه الأفعال القتل والاضطهاد لأسباب سياسية و"الأفعال اللاإنسانية الأخرى ذات الطابع المماثل التي تتسبب عمدا في معاناة شديدة أو في أذى خطير يلحق بالجسم أو بالصحة العقلية أو البدنية"، وفقا لـ "نظام روما الأساسي".

نظرا لوجود أدلة قوية على ارتكاب جرائم خطيرة في فلسطين منذ عام 2014، بما في ذلك عمليات توطين جديدة للسكان ضمن الأراضي المحتلة، دعت هيومن رايتس ووتش بنسودة إلى فتح تحقيق رسمي يتوافق مع نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.

قالت ويتسن: "الإفلات من العقاب على قتل الناس وتشويههم بصورة غير مشروعة في غزة من شأنه مواصلة حلقة العنف التي قد تزهق الأرواح وتمزق العائلات مستقبلا. التحقيق الذي يجريه مجلس حقوق الإنسان الأممي يجب أن يحدد المسؤولين المتورطين في الانتهاكات الحقوقية الخطيرة، ويدعو إلى فرض عقوبات عليهم".

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد