شلح:مستعدون لدخول منظمة التحرير بشروط والمصالحة ستنفجر
2014/05/20
دمشق / سوا / لم يحد زعيم الجهاد الإسلامي رمضان عبد الله شلح كثيراً عن مواقفه خلال السنوات السابقة. تمسك بـ"البراغماتية المبدئية" بين الحفاظ على تحالفات الحركة في الساحة الفلسطينية والتحالفات الإقليمية على رغم العواصف التي هبت على المنطقة منذ توقيع اتفاق أوسلو إلى الربيع العربي.
ويستند شلح للواقع الفلسطيني والفجوة بين فتح و حركة المقاومة الإسلامية ( حماس ) ليؤكد في حديث إلى صحيفة الحياة اللندنية على ضرورة عدم المبالغة بالتوقعات إزاء المصالحة الفلسطينية لأنه لم يجر حل العقبات والتعقيدات الكثيرة، بل الالتفاف عليها أو الهروب منها لإعلان إنجاز الاتفاق. عليه، فان الجهاد لن تشارك في الانتخابات، لكنها مستعدة لدخول منظمة التحرير الفلسطينية على أسس سياسية وتنظيمية جديدة.
وحذر من أن دخول كل من فتح و حماس الانتخابات ببرنامجها السياسي سيفجر الوضع الفلسطيني.
ومقابل خروج قيادة حماس من دمشق بعد الاختلاف العميق مع النظام السوري حول التعاطي مع مطالب الشعب، أبقى شلح خطوطه مفتوحة مع أطراف النزاع داخل سورية وفي الإقليم. وهو يرى أن موافقة حماس على المصالحة كانت إحدى نتائج خروجها من سورية. لكنه حض إيران على أن تأخذ زمام المبادرة وتتحاور مع دول الخليج العربي.
وقال: سورية عقبة كبيرة، لكن ما آلت إليه المسألة السورية يجب أن يدفع الجميع إلى اللقاء والبحث عن حل وليس العكس. ما يجري في سورية حالياً حرب استنزاف للجميع، بل محرقة تأكل بنارها كل أطراف النزاع.
وهنا نص الحديث:
*ما موقف الجهاد الإسلامي من اتفاق المصالحة بين فتح و حماس؟
- لسنا طرفاً في الانقسام، وبالتالي لسنا طرفاً في اتفاق المصالحة. على رغم ذلك، من حيث المبدأ نرحب بالمصالحة وأي خطوة تخدم شعبنا وقضيته شرط عدم المساس بأي من الثوابت الوطنية.
* وما هي هذه الثوابت؟
- للأسف، لم يعد هناك إجماع على الثوابت في الساحة الفلسطينية. كل فصيل وكل طرف له ثوابته. لكن هناك خطوطاً حمراً يجب أن لا يتجاوزها الجميع. بالنسبة إلينا، ثوابتنا معروفة هي أن كل فلسطين أرضنا والعمل على تحريرها بالمقاومة حق مشروع. بالنسبة إلى منظمة التحرير برنامجها هو دولة في حدود 1967 من طريق المفاوضات. القاسم المشترك في هذه الحالة أن لا تؤدي أي خطوة إلى تكريس واقع الاحتلال، أو تفتح الباب لمزيد من التنازلات، أو تلغي المقاومة أو تسحب سلاحها الذي هو خط أحمر بالنسبة لنا.
* هل هذا يعني أنك قلق على سلاح المقاومة ومستقبلها في غزة ؟
- نعم قلقون، على رغم أننا سمعنا تطمينات من الطرفين من أن لا مساس بالمقاومة. لكن معالجة هذا الأمر تستدعي استمرار التواصل والتنسيق مع كل الفصائل، لا سيما «حماس».
* لماذا المصالحة الآن؟
- لأن الطرفين في أزمة، أزمة حكم غزة لـ «حماس»، وأزمة المفاوضات وانسداد افق التسوية لأبو مازن (الرئيس الفلسطيني محمود عباس )، إضافة إلى الموقف الشعبي الرافض للانقسام.
* هل ترى فرصة لنجاح المصالحة أم أن مصيرها سيكون مثل الاتفاقات السابقة في مكة والقاهرة والدوحة؟
- هناك آمال وتوقعات بنجاح المصالحة، لكن يجب أن لا نبالغ في حجم هذه التوقعات، لأن هناك عقبات وتعقيدات كثيرة.
* ما هي؟
- هي ذات العقبات التي حالت دون التوصل إلى اتفاق مصالحة في السابق، ولم ألحظ أنه جرى تذليلها، بل جرى الالتفاف عليها أو الهروب منها من أجل إعلان اتفاق. وفي التفاصيل هناك عقبة البرنامج وعقبة الحكومة والانتخابات والأجهزة الأمنية والمنظمة والمقاومة وغيرها من قضايا الاتفاق. ولأن الشيطان يكمن في التفاصيل كما يقال، فأي تفصيل صغير كفيل بأن يتحول إلى مشكلة تنسف الاتفاق.
* «حماس» توافق على دولة في حدود 67 وتقول بأن البرنامج السياسي ليس عقبة، وأن الحكومة المقترحة حكومة تكنوقراط ليس لها برنامج سياسي؟
- ليس المهم ما تقوله «حماس»، المهم ما سيفعله أبو مازن لأنه استلم المفاتيح. أبو مازن رئيس الحكومة المقترحة والناطق باسمها، وهو أعلن صراحة أن الحكومة التي سيشكلها تعترف بإسرائيل والاتفاقات الموقعة معها وستنبذ العنف، أي المقاومة. كما أن خطاب «حماس» قام على أن سبب الانقسام ليس الصراع على السلطة، بل بسبب وجود برنامجين في الساحة الفلسطينية، وبرأيي هذا صحيح، لكن هل ردمت الهوة بين البرنامجين وحلت معضلة البرنامج؟ هذا لم يحدث، وما تم هو الالتفاف عليها (المعضلة) أو الهروب منها، لكن لم يكد يجف حبر توقيع الاتفاق حتى رفع أبو مازن هذه المسألة كبطاقة حمراء في وجه «حماس». ماذا ستكون مفاعيل هذا الأمر داخل «حماس»؟ هنا الخطورة وهنا تهديد الاتفاق.
* لماذا فعل «أبو مازن» ذلك؟ هل هي رسالة إلى الأميركيين والإسرائيليين؟
- هناك من قال هذا، لكن الأمر برأيي لا يتعلق بالإسرائيليين أو الأميركيين. الإسرائيليون على رغم الموقف المعلن الرافض للمصالحة، فهم باعتقادي يكذبون، ولو كانوا ضد المصالحة لما سهلوا وصول الوفود والأشخاص المعنيين من مصر والضفة إلى غزة. الأمر يتعلق بأن أبو مازن يريد أن يقول لحركة «فتح» والجميع، أنه لم يتنازل عن برنامجه وأن المصالحة تمت كما يريدها هو.
* لماذا ترفض إسرائيل المصالحة في العلن وتؤيدها في السر؟
- الرفض المعلن تبيعه إسرائيل إلى جمهور معين في الداخل الإسرائيلي وفي العالم، يتعلق بموقفها من «حماس» وتصنيفها كحركة، بين قوسين، «إرهابية». أما التأييد في السر، فسببه فشل المفاوضات وخيار أبو مازن. إسرائيل لن تعطيه أي شيء ومصرة على الاستمرار في برنامج الاستيطان في الضفة وتهويد القدس ما يجعل حل الدولتين مستحيلاً، وهذا يضعف السلطة ويهدد وجودها.
في المقابل، لا غنى لها (إسرائيل) عن السلطة، وهي شريك في تأسيسها بموجب اتفاق أوسلو. إذن، كي تبقى هذه السلطة على قيد الحياة؟ يجب أن تحقق إنجازا ما، أو يقدم لها شيء ما. إسرائيل من جانبها ليست جاهزة لتعطيها أي شيء في المفاوضات، فلتفتح الطريق للسلطة وأبو مازن لتحقيق هذا الإنجاز على جبهة «حماس». أي، ليأخذا من «حماس» وليس من إسرائيل. هكذا أفهم حقيقة الموقف والتصرف الإسرائيلي في موضوع المصالحة.
*يبدو أنك واثق أن المفاوضات لن تأتي بنتيجة، ما مصدر هذه الثقة؟
- مصدرها فهمنا لإسرائيل وعملية التسوية والمفاوضات. وهنا لا بد أن نوضح أن التسوية قامت على أساس خاطئ. التسوية بين إسرائيل وبعض الدول العربية مثل مصر كان هدفها إغلاق ملف حرب 67، لكن نحن الفلسطينيين بيننا وبين إسرائيل ملفان: ملف النكبة 1948 وملف النكبة الثانية أو نكسة حزيران 67 كما سماها العرب. ملف 48 أو أصل الصراع وأُسُّ المسألة الفلسطينية، وهو يتفرع عنه ملف اللاجئين وحق العودة، وملف الفلسطينيين داخل مناطق 48. عبقرية من صمم أوسلو انه حصر الأمر بيننا وبين إسرائيل في ملف 67 وأن النزاع يسوى في هذه الحدود واعترفت المنظمة بما احتل عام 48 بأنه إسرائيل ولها حق في الوجود. اليوم، الإسرائيلي ينازع الفلسطيني على الضفة والقدس وطوى صفحة 48 وما يتفرع منها. ومع احتدام المعركة على ملف 67 يطلع علينا الإسرائيلي بمطلب الاعتراف بيهودية الدولة. يريد أن يأخذ هذا الاعتراف ليتخلص بالكامل من ملفي 48 أي يلغي حق العودة ويؤسس لترحيل أهلنا في 48 ويلغي كل السردية الفلسطينية لتاريخ الصراع. لذلك اللعبة كبيرة والعملية معقدة جداً، والإسرائيلي في ظل ميزان القوى الراهن. لن يقدم أي تنازل لأن لديه برنامج أن كل فلسطين له. لهذا السبب لا يمكن أن ننزلق إلى لعبة 67 لأنها حجر الرحى لكل اللعبة الصهيونية الراهنة.
*هناك اتفاق على إجراء انتخابات للسلطة، بموجب المصالحة، هل ستشاركون فيها؟
- أوضحت الأساس الذي ننظر به إلى عملية التسوية، لذلك لا يمكن أن نكون جزءاً من الإطار السياسي لاتفاق أوسلو. موقفنا هذا معروف ولم يطرأ عليه أي تغيير.
*وماذا عن المنظمة، أنتم و «حماس» تبدون استعداداً للمشاركة فيها، أليست المنظمة من وقع اتفاقات أوسلو والمسؤولة عن ملف المفاوضات؟
- هذا صحيح، لكن نحن في «الجهاد» نبدي استعداداً لدخول المنظمة على أسس سياسية وتنظيمية جديدة، ومئة خط تحت سياسية. كل اللقاءات التي جرت لبحث موضوع المنظمة تهربت من العنوان السياسي، وهذا الهروب برأينا سيفجر مشكلة أكبر من تلك التي حدثت بين «حماس» و «فتح» على السلطة، وحدث الانقسام بسبب دخول الجميع الانتخابات مع احتفاظ كل طرف ببرنامجه.
*هل تعتقد أن خروج قيادة «حماس» من سورية وتأزم علاقتها بإيران وما جرى في مصر كانا من أسباب قبول «حماس» بالمصالحة؟
- بالتأكيد إن فقدان الحليف، سواء كانت «حماس» أو غيرها، يضعف القدرة على الصمود، و «حماس» صمدت أمام الحصار لسنوات، لكن التغيرات التي حدثت في المنطقة بما سمي بـ «الربيع العربي» أولاً، ثم ما حدث في مصر وانتهاء حكم «الإخوان المسلمين»، وما وصلت إليه سورية اليوم، أحدثت نوعاً من خلط الأوراق، وسبب اضطراباً في العلاقات الإقليمية، و «حماس» تأثرت بذلك والجميع تأثر ويدفع فاتورة عالية.
*هل فقدت «حماس» إيران كحليف؟
- هذا تسأل عنه «حماس»، لكن اعتقادي أن العلاقة قائمة، إنما أقل من السابق.
* هناك من يقول إن الدعم الذي كانت إيران تقدمه لـ «حماس» تقدمه لـ «الجهاد» اليوم؟ هل هذا صحيح؟ وهل أصبح رهان إيران في فلسطين هو على حركة «الجهاد» فقط؟
- بالنسبة إلى الدعم، فهذه دعاية إسرائيلية وتحريض أجهزة استخبارات في المنطقة. نحن نعاني من ضائقة مالية مثلما تعاني «حماس» وكل شعبنا.
أما عن علاقتنا بإيران، فنحن في مبادئنا ومرتكزاتنا الفكرية والسياسية نحدد علاقتنا بأي طرف بناء على موقفه من قضية فلسطين وتأييده ودعمه لحقوقنا العادلة وأيضاً للمقاومة، والموقف من إسرائيل. إيران في العقدين الماضيين تفوقت في موقفها من فلسطين وإسرائيل والمقاومة. بعض الناس يشككون في نيات ودوافع إيران في دعم المقاومة. نحن ليس مهمتنا البحث في النيات. يهمنا الفعل. من يُقبل على ويدعمني كـ «جهاد إسلامي» هل أدير له ظهري، وألحق بمن أدار ظهره لي ولفلسطين، لآخذ منه شهادة بإسلامي أو عروبتي أو وطنيتي؟ هذا غير معقول وغير ممكن. كما أن إيران علاقتها مفتوحة بكل القوى الفلسطينية، بما في ذلك السلطة وحركة «فتح»، وليس «الجهاد» أو «حماس» فقط.
* دعوت إيران في مؤتمر في طهران أخيراً إلى أن تطمئن جيرانها وتجري حواراً مع دول الخليج، لماذا هذه الدعوة؟ هل لها علاقة بفوز الرئيس حسن روحاني؟
- لا ليس لها علاقة بالوضع الداخلي الإيراني، بل لها علاقة بسياسة إيران في المنطقة. نحن نثمن موقف إيران المتميز من قضية فلسطين، لكن هناك ملفات وقضايا أخرى حساسة في المنطقة جعلت الآخرين يقولون بأن إيران تشكل تهديداً لهم، بل في نظرهم هي عدو جديد في المنطقة بدلاً من إسرائيل. وهذا بالنسبة لنا منزلق خطير ونعتقد أن هدف القوى المعادية في الأمة بحيث أن حروب الاستنزاف الطاحنة التي تجري بين مكونات أمتنا ومجتمعاتنا يكون هدفها أو أحد أهدافها الرئيسة استبدال الصراع المذهبي والطائفي أو الصراع السني- الشيعي، بالصراع العربي- الإسرائيلي. وإذا كان العرب بعضهم اعترف بإسرائيل وعقد صلحاً معها، فإيران أولى بالتعايش معها، فهي بلد مسلم تجمعنا به روابط الدين والجوار والتاريخ، بغض النظر عن الاختلافات التي هي موجودة بين بعض الدول العربية أيضاً. من هنا كانت دعوتي كي تأخذ إيران زمام المبادرة وتدعو إلى لقاء والحوار مع الجميع لا سيما دول الخليج.
*هل تعتقد بأن هذا ممكن في ظل تدخل إيران في سورية؟
- أعرف أن موضوع سورية عقبة كبيرة. لكن ما آلت إليه المسألة السورية يجب أن يدفع الجميع إلى اللقاء والبحث عن حل وليس العكس. ما يجري في سـورية اليوم حرب استنزاف للجميع، بل محرقة تأكل بنارها كل أطراف النزاع، وهذا ما تتمناه إسرائيل وحلفاؤها حيث أن أعداءهم من كل الأطراف في سورية والمنطقة يتقاتلون، فماذا يريدون أفضل من ذلك.
ويستند شلح للواقع الفلسطيني والفجوة بين فتح و حركة المقاومة الإسلامية ( حماس ) ليؤكد في حديث إلى صحيفة الحياة اللندنية على ضرورة عدم المبالغة بالتوقعات إزاء المصالحة الفلسطينية لأنه لم يجر حل العقبات والتعقيدات الكثيرة، بل الالتفاف عليها أو الهروب منها لإعلان إنجاز الاتفاق. عليه، فان الجهاد لن تشارك في الانتخابات، لكنها مستعدة لدخول منظمة التحرير الفلسطينية على أسس سياسية وتنظيمية جديدة.
وحذر من أن دخول كل من فتح و حماس الانتخابات ببرنامجها السياسي سيفجر الوضع الفلسطيني.
ومقابل خروج قيادة حماس من دمشق بعد الاختلاف العميق مع النظام السوري حول التعاطي مع مطالب الشعب، أبقى شلح خطوطه مفتوحة مع أطراف النزاع داخل سورية وفي الإقليم. وهو يرى أن موافقة حماس على المصالحة كانت إحدى نتائج خروجها من سورية. لكنه حض إيران على أن تأخذ زمام المبادرة وتتحاور مع دول الخليج العربي.
وقال: سورية عقبة كبيرة، لكن ما آلت إليه المسألة السورية يجب أن يدفع الجميع إلى اللقاء والبحث عن حل وليس العكس. ما يجري في سورية حالياً حرب استنزاف للجميع، بل محرقة تأكل بنارها كل أطراف النزاع.
وهنا نص الحديث:
*ما موقف الجهاد الإسلامي من اتفاق المصالحة بين فتح و حماس؟
- لسنا طرفاً في الانقسام، وبالتالي لسنا طرفاً في اتفاق المصالحة. على رغم ذلك، من حيث المبدأ نرحب بالمصالحة وأي خطوة تخدم شعبنا وقضيته شرط عدم المساس بأي من الثوابت الوطنية.
* وما هي هذه الثوابت؟
- للأسف، لم يعد هناك إجماع على الثوابت في الساحة الفلسطينية. كل فصيل وكل طرف له ثوابته. لكن هناك خطوطاً حمراً يجب أن لا يتجاوزها الجميع. بالنسبة إلينا، ثوابتنا معروفة هي أن كل فلسطين أرضنا والعمل على تحريرها بالمقاومة حق مشروع. بالنسبة إلى منظمة التحرير برنامجها هو دولة في حدود 1967 من طريق المفاوضات. القاسم المشترك في هذه الحالة أن لا تؤدي أي خطوة إلى تكريس واقع الاحتلال، أو تفتح الباب لمزيد من التنازلات، أو تلغي المقاومة أو تسحب سلاحها الذي هو خط أحمر بالنسبة لنا.
* هل هذا يعني أنك قلق على سلاح المقاومة ومستقبلها في غزة ؟
- نعم قلقون، على رغم أننا سمعنا تطمينات من الطرفين من أن لا مساس بالمقاومة. لكن معالجة هذا الأمر تستدعي استمرار التواصل والتنسيق مع كل الفصائل، لا سيما «حماس».
* لماذا المصالحة الآن؟
- لأن الطرفين في أزمة، أزمة حكم غزة لـ «حماس»، وأزمة المفاوضات وانسداد افق التسوية لأبو مازن (الرئيس الفلسطيني محمود عباس )، إضافة إلى الموقف الشعبي الرافض للانقسام.
* هل ترى فرصة لنجاح المصالحة أم أن مصيرها سيكون مثل الاتفاقات السابقة في مكة والقاهرة والدوحة؟
- هناك آمال وتوقعات بنجاح المصالحة، لكن يجب أن لا نبالغ في حجم هذه التوقعات، لأن هناك عقبات وتعقيدات كثيرة.
* ما هي؟
- هي ذات العقبات التي حالت دون التوصل إلى اتفاق مصالحة في السابق، ولم ألحظ أنه جرى تذليلها، بل جرى الالتفاف عليها أو الهروب منها من أجل إعلان اتفاق. وفي التفاصيل هناك عقبة البرنامج وعقبة الحكومة والانتخابات والأجهزة الأمنية والمنظمة والمقاومة وغيرها من قضايا الاتفاق. ولأن الشيطان يكمن في التفاصيل كما يقال، فأي تفصيل صغير كفيل بأن يتحول إلى مشكلة تنسف الاتفاق.
* «حماس» توافق على دولة في حدود 67 وتقول بأن البرنامج السياسي ليس عقبة، وأن الحكومة المقترحة حكومة تكنوقراط ليس لها برنامج سياسي؟
- ليس المهم ما تقوله «حماس»، المهم ما سيفعله أبو مازن لأنه استلم المفاتيح. أبو مازن رئيس الحكومة المقترحة والناطق باسمها، وهو أعلن صراحة أن الحكومة التي سيشكلها تعترف بإسرائيل والاتفاقات الموقعة معها وستنبذ العنف، أي المقاومة. كما أن خطاب «حماس» قام على أن سبب الانقسام ليس الصراع على السلطة، بل بسبب وجود برنامجين في الساحة الفلسطينية، وبرأيي هذا صحيح، لكن هل ردمت الهوة بين البرنامجين وحلت معضلة البرنامج؟ هذا لم يحدث، وما تم هو الالتفاف عليها (المعضلة) أو الهروب منها، لكن لم يكد يجف حبر توقيع الاتفاق حتى رفع أبو مازن هذه المسألة كبطاقة حمراء في وجه «حماس». ماذا ستكون مفاعيل هذا الأمر داخل «حماس»؟ هنا الخطورة وهنا تهديد الاتفاق.
* لماذا فعل «أبو مازن» ذلك؟ هل هي رسالة إلى الأميركيين والإسرائيليين؟
- هناك من قال هذا، لكن الأمر برأيي لا يتعلق بالإسرائيليين أو الأميركيين. الإسرائيليون على رغم الموقف المعلن الرافض للمصالحة، فهم باعتقادي يكذبون، ولو كانوا ضد المصالحة لما سهلوا وصول الوفود والأشخاص المعنيين من مصر والضفة إلى غزة. الأمر يتعلق بأن أبو مازن يريد أن يقول لحركة «فتح» والجميع، أنه لم يتنازل عن برنامجه وأن المصالحة تمت كما يريدها هو.
* لماذا ترفض إسرائيل المصالحة في العلن وتؤيدها في السر؟
- الرفض المعلن تبيعه إسرائيل إلى جمهور معين في الداخل الإسرائيلي وفي العالم، يتعلق بموقفها من «حماس» وتصنيفها كحركة، بين قوسين، «إرهابية». أما التأييد في السر، فسببه فشل المفاوضات وخيار أبو مازن. إسرائيل لن تعطيه أي شيء ومصرة على الاستمرار في برنامج الاستيطان في الضفة وتهويد القدس ما يجعل حل الدولتين مستحيلاً، وهذا يضعف السلطة ويهدد وجودها.
في المقابل، لا غنى لها (إسرائيل) عن السلطة، وهي شريك في تأسيسها بموجب اتفاق أوسلو. إذن، كي تبقى هذه السلطة على قيد الحياة؟ يجب أن تحقق إنجازا ما، أو يقدم لها شيء ما. إسرائيل من جانبها ليست جاهزة لتعطيها أي شيء في المفاوضات، فلتفتح الطريق للسلطة وأبو مازن لتحقيق هذا الإنجاز على جبهة «حماس». أي، ليأخذا من «حماس» وليس من إسرائيل. هكذا أفهم حقيقة الموقف والتصرف الإسرائيلي في موضوع المصالحة.
*يبدو أنك واثق أن المفاوضات لن تأتي بنتيجة، ما مصدر هذه الثقة؟
- مصدرها فهمنا لإسرائيل وعملية التسوية والمفاوضات. وهنا لا بد أن نوضح أن التسوية قامت على أساس خاطئ. التسوية بين إسرائيل وبعض الدول العربية مثل مصر كان هدفها إغلاق ملف حرب 67، لكن نحن الفلسطينيين بيننا وبين إسرائيل ملفان: ملف النكبة 1948 وملف النكبة الثانية أو نكسة حزيران 67 كما سماها العرب. ملف 48 أو أصل الصراع وأُسُّ المسألة الفلسطينية، وهو يتفرع عنه ملف اللاجئين وحق العودة، وملف الفلسطينيين داخل مناطق 48. عبقرية من صمم أوسلو انه حصر الأمر بيننا وبين إسرائيل في ملف 67 وأن النزاع يسوى في هذه الحدود واعترفت المنظمة بما احتل عام 48 بأنه إسرائيل ولها حق في الوجود. اليوم، الإسرائيلي ينازع الفلسطيني على الضفة والقدس وطوى صفحة 48 وما يتفرع منها. ومع احتدام المعركة على ملف 67 يطلع علينا الإسرائيلي بمطلب الاعتراف بيهودية الدولة. يريد أن يأخذ هذا الاعتراف ليتخلص بالكامل من ملفي 48 أي يلغي حق العودة ويؤسس لترحيل أهلنا في 48 ويلغي كل السردية الفلسطينية لتاريخ الصراع. لذلك اللعبة كبيرة والعملية معقدة جداً، والإسرائيلي في ظل ميزان القوى الراهن. لن يقدم أي تنازل لأن لديه برنامج أن كل فلسطين له. لهذا السبب لا يمكن أن ننزلق إلى لعبة 67 لأنها حجر الرحى لكل اللعبة الصهيونية الراهنة.
*هناك اتفاق على إجراء انتخابات للسلطة، بموجب المصالحة، هل ستشاركون فيها؟
- أوضحت الأساس الذي ننظر به إلى عملية التسوية، لذلك لا يمكن أن نكون جزءاً من الإطار السياسي لاتفاق أوسلو. موقفنا هذا معروف ولم يطرأ عليه أي تغيير.
*وماذا عن المنظمة، أنتم و «حماس» تبدون استعداداً للمشاركة فيها، أليست المنظمة من وقع اتفاقات أوسلو والمسؤولة عن ملف المفاوضات؟
- هذا صحيح، لكن نحن في «الجهاد» نبدي استعداداً لدخول المنظمة على أسس سياسية وتنظيمية جديدة، ومئة خط تحت سياسية. كل اللقاءات التي جرت لبحث موضوع المنظمة تهربت من العنوان السياسي، وهذا الهروب برأينا سيفجر مشكلة أكبر من تلك التي حدثت بين «حماس» و «فتح» على السلطة، وحدث الانقسام بسبب دخول الجميع الانتخابات مع احتفاظ كل طرف ببرنامجه.
*هل تعتقد أن خروج قيادة «حماس» من سورية وتأزم علاقتها بإيران وما جرى في مصر كانا من أسباب قبول «حماس» بالمصالحة؟
- بالتأكيد إن فقدان الحليف، سواء كانت «حماس» أو غيرها، يضعف القدرة على الصمود، و «حماس» صمدت أمام الحصار لسنوات، لكن التغيرات التي حدثت في المنطقة بما سمي بـ «الربيع العربي» أولاً، ثم ما حدث في مصر وانتهاء حكم «الإخوان المسلمين»، وما وصلت إليه سورية اليوم، أحدثت نوعاً من خلط الأوراق، وسبب اضطراباً في العلاقات الإقليمية، و «حماس» تأثرت بذلك والجميع تأثر ويدفع فاتورة عالية.
*هل فقدت «حماس» إيران كحليف؟
- هذا تسأل عنه «حماس»، لكن اعتقادي أن العلاقة قائمة، إنما أقل من السابق.
* هناك من يقول إن الدعم الذي كانت إيران تقدمه لـ «حماس» تقدمه لـ «الجهاد» اليوم؟ هل هذا صحيح؟ وهل أصبح رهان إيران في فلسطين هو على حركة «الجهاد» فقط؟
- بالنسبة إلى الدعم، فهذه دعاية إسرائيلية وتحريض أجهزة استخبارات في المنطقة. نحن نعاني من ضائقة مالية مثلما تعاني «حماس» وكل شعبنا.
أما عن علاقتنا بإيران، فنحن في مبادئنا ومرتكزاتنا الفكرية والسياسية نحدد علاقتنا بأي طرف بناء على موقفه من قضية فلسطين وتأييده ودعمه لحقوقنا العادلة وأيضاً للمقاومة، والموقف من إسرائيل. إيران في العقدين الماضيين تفوقت في موقفها من فلسطين وإسرائيل والمقاومة. بعض الناس يشككون في نيات ودوافع إيران في دعم المقاومة. نحن ليس مهمتنا البحث في النيات. يهمنا الفعل. من يُقبل على ويدعمني كـ «جهاد إسلامي» هل أدير له ظهري، وألحق بمن أدار ظهره لي ولفلسطين، لآخذ منه شهادة بإسلامي أو عروبتي أو وطنيتي؟ هذا غير معقول وغير ممكن. كما أن إيران علاقتها مفتوحة بكل القوى الفلسطينية، بما في ذلك السلطة وحركة «فتح»، وليس «الجهاد» أو «حماس» فقط.
* دعوت إيران في مؤتمر في طهران أخيراً إلى أن تطمئن جيرانها وتجري حواراً مع دول الخليج، لماذا هذه الدعوة؟ هل لها علاقة بفوز الرئيس حسن روحاني؟
- لا ليس لها علاقة بالوضع الداخلي الإيراني، بل لها علاقة بسياسة إيران في المنطقة. نحن نثمن موقف إيران المتميز من قضية فلسطين، لكن هناك ملفات وقضايا أخرى حساسة في المنطقة جعلت الآخرين يقولون بأن إيران تشكل تهديداً لهم، بل في نظرهم هي عدو جديد في المنطقة بدلاً من إسرائيل. وهذا بالنسبة لنا منزلق خطير ونعتقد أن هدف القوى المعادية في الأمة بحيث أن حروب الاستنزاف الطاحنة التي تجري بين مكونات أمتنا ومجتمعاتنا يكون هدفها أو أحد أهدافها الرئيسة استبدال الصراع المذهبي والطائفي أو الصراع السني- الشيعي، بالصراع العربي- الإسرائيلي. وإذا كان العرب بعضهم اعترف بإسرائيل وعقد صلحاً معها، فإيران أولى بالتعايش معها، فهي بلد مسلم تجمعنا به روابط الدين والجوار والتاريخ، بغض النظر عن الاختلافات التي هي موجودة بين بعض الدول العربية أيضاً. من هنا كانت دعوتي كي تأخذ إيران زمام المبادرة وتدعو إلى لقاء والحوار مع الجميع لا سيما دول الخليج.
*هل تعتقد بأن هذا ممكن في ظل تدخل إيران في سورية؟
- أعرف أن موضوع سورية عقبة كبيرة. لكن ما آلت إليه المسألة السورية يجب أن يدفع الجميع إلى اللقاء والبحث عن حل وليس العكس. ما يجري في سـورية اليوم حرب استنزاف للجميع، بل محرقة تأكل بنارها كل أطراف النزاع، وهذا ما تتمناه إسرائيل وحلفاؤها حيث أن أعداءهم من كل الأطراف في سورية والمنطقة يتقاتلون، فماذا يريدون أفضل من ذلك.