يوم الأسير
يوافق السابع عشر من شهر أبريل / نيسان من كل عام ، يوم الأسير الفلسطيني ، وهو يوم تضامني مع الأسرى الفلسطينيين في المعتقلات والسجون الاسرائيلية.
وفي عام 1974 أقر المجلس الوطني الفلسطيني باعتباره السلطة العليا لمنظمة التحرير الفلسطينية، خلال دورته العادية يوم السابع عشر من نيسان/أبريل، يومًا وطنيًا للوفاء للأسرى الفلسطينيين وتضحياتهم، باعتباره يوماً لشحذ الهمم وتوحيد الجهود، لنصرتهم ومساندتهم ودعم حقهم بالحرية، ولتكريمهم وللوقوف بجانبهم وبجانب ذويهم، وأيضاً بهدف إثبات الوفاء لشهداء الحركة الأسيرة.
ومنذ ذلك التاريخ حتى اليوم يتم إحياء هذا اليوم من كل عام، حيثُ يحيه الشعب الفلسطيني في فلسطين والشتات سنويًا بوسائل وأشكال متعددة.
ومنذ أن تم اقرار يوم الأسير من قبل المجلس الوطني الفلسطيني عام 1974، كان وما يزال "يوم الأسير الفلسطيني" يوماً ساطعاً يحيه الشعب الفلسطيني في فلسطين والشتات ويشاركه في احيائه أحرار العالم في العديد من العواصم العربية والأوروبية، بوسائل وأشكال متعددة تشيد بصمودهم وتؤكد على مكانتهم القانونية ومشروعية نضالاتهم باعتبارهم محاربون من أجل الحرية.
ان اختيار المجلس الوطني الفلسطيني تاريخ 17/4 يوما للأسير الفلسطيني يرتبط حسب السياق التاريخي الوطني باليوم الذي انطلقت فيه ثورة 1936 واعلان الاضراب العام الذي استمر 6 شهور احتجاجا على ممارسات الانتداب البريطاني للسماح بالهجرة اليهودية الى فلسطين ومصادرة الاراضي الفلسطينية والقيام بتسليح العصابات الصهيونية.
" حجازي" أول أسير و"البرناوي" الاسيرة الأولى و"دلال" عميدة الشهيدات
نال الأسير الفلسطيني "محمود بكر حجازي" شرف القيد الأول، في تاريخ الثورة الفلسطينية المعاصرة، إذ اعتُقل في الثامن عشر من كانون الثاني/يناير عام 1965، وبذا فهو يُعتبر الأسير الأول منذ انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة، التي أطلقت شرارتها حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" في الأول من كانون ثاني/يناير عام 1965م.
وحكم عليه آنذاك بالإعدام ولكن الحكم لم ينفذ، وبتاريخ 28 كانون الثاني1971 جرت عملية تبادل (أسير مقابل أسير) ما بين حكومة الاحتلال الإسرائيلي وحركة فتح، كبرى فصائل منظمة التحرير الفلسطينية، أطلق بموجبها سراح الأسير حجازي، مقابل إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي "شموئيل فايز"، الذي سبق أن أسرته حركة فتح في أواخر العام 1969م.
فيما تعتبر المناضلة "فاطمة برناوي" هي أول اسيرة فلسطينية في تاريخ الثورة الفلسطينية المعاصرة، حيث تم اعتقالها في 14تشرين الأول/أكتوبر عام 1967، بعد انطلاق الثورة الفلسطينية المعاصرة، وفقاً لما هو مسجل في سجلات الحركة النسوية الأسيرة، وذلك على إثر اتهامها بوضع قنبلة في سينما صهيون في مدينة القدس ، حيث حُكم عليها آنذاك بالسجن المؤبد "مدى الحياة".
لكن القدر لم يشأ لفاطمة برناوي أن تقضي في الأسر سوى عشر سنوات، فأُطلق سراحها في الحادي عشر من تشرين الثاني/نوفمبر عام 1977، ولكنها أبعدت إلى خارج الوطن، وعادت الى غزة بعد إنشاء السلطة الوطنية الفلسطينية عام 1994. أما الشهيدة "دلال المغربي" والتي استشهدت في 11آذار/مارس عام 1978، فهي تٌعتبر "عميدة الشهيدات"، حيث لا تزال سلطات الاحتلال تحتجز جثمانها وترفض الإفراج عنه انتقاما منها وعقابا لذويها وشعبها الذي أحبها. كما وتحتجز معها نحو 250 جثمانا لشهداء فلسطينيين وعرب فيما يسمى مقابر الارقام العسكرية الاسرائيلية، وفي الثلاجات الاسرائيلية، وترفض الافراج عنهم كشكل من اشكال العقاب الجماعي، وهي الدولة الوحيدة في العالم التي تعاقب الشهداء وتنتقم منهم بعد موتهم في واحدة من أبشع الجرائم الأخلاقية والإنسانية والقانونية التي تركبها دولة الاحتلال متعمدة وبشكل علني. وبما يخالف قواعد القانون الدولي بشكل فاضح وخاصة اتفاقية جنيف الاولى والثانية والرابعة، والتي تؤكد على احترام كرامة المتوفين ومراعاة طقوسهم الدينية خلال عمليات الدفن عبر تسليمهم لذويهم ودفنهم في أماكن تليق بهم وتراعي طقوسهم الدينية.
نحو مليون فلسطيني مرّوا بتجربة الاعتقال
وقالت هيئة شؤون الأسرى والمحررين في تقريراً لها في 15 ابريل 2018: ان تاريخ الحركة الأسيرة الفلسطينية بدأ مع بدايات الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية عام 1948، وأن سلطات الاحتلال الإسرائيلي انتهجت الاعتقالات كسياسة ومنهج وأداة للقمع والسيطرة على الشعب الفلسطيني وبث الرعب والخوف لدى كل الفلسطينيين، واصبحت الاعتقالات جزءا اساسيا وثابتا من سياستها في تعاملها مع الفلسطينيين وغدت ظاهرة يومية مقلقة، ووسيلة للعقاب الجماعي، حيث لا يمر يوم إلا ويُسجل فيها حالات اعتقال، ويُقدر عدد حالات الاعتقال على مدار سنين الاحتلال بنحو مليون حالة اعتقال، وأن تلك الاعتقالات لم تقتصر على نشطاء المقاومة فحسب، وقيادات الفصائل الفلسطينية المقاومة فقط، وانما امتدت وشملت الكل الفلسطيني، وطالت كافة فئات وشرائح المجتمع الفلسطيني من جميع المستويات والطبقات والفئات، ذكوراً وإناثاً، أطفالاً ورجالاً، صغاراً وشيوخاً.
وتابعت الهيئة في تقريرها: ان عمليات الاعتقال اليومية التي تنفذها قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق الفلسطينيين، تشكل انتهاكاً صارخاً لقواعد القانون الدولي الإنساني، والقانون الدولي لحقوق الإنسان. حيث أن سلطات الاحتلال لم تلتزم بالضمانات الخاصة بحماية السكان المدنيين، ولم تلتزم كذلك بالقواعد الناظمة لحقوق المحتجزين وأوضاعهم. تلك الضمانات والقواعد التي تناولها القانون الدولي وأكد عليها وألزم دولة الاحتلال بالإيفاء بالتزاماتها في تعاملها مع الأسرى والمعتقلين المحتجزين لديها بما يُلزم احتجازهم داخل المناطق المحتلة ويحفظ حقوقهم وكرامتهم الإنسانية في تلقي الرعاية الصحية اللازمة والمأكل المناسب، وتمكين عوائلهم من زيارتهم والتواصل الإنساني الدائم معهم، ومنع التعذيب وسوء المعاملة وعدم تعريضهم للاعتقال التعسفي، وكذلك حظر الاستخدام المطلق لأوامر الاعتقال الإداري وفقا للمادة (78) من اتفاقية جنيف الرابعة.
(215) شهيداً سقطوا في السجون ومئات آخرين بعد خروجهم جراء ما ورثوه عن السجون
وكشفت هيئة شؤون الأسرى وحسب ما هو موثق لديها بأن (215) أسيراً قد استشهدوا داخل سجون ومعتقلات الاحتلال منذ العام 1967، كان آخرهم الأسير "ياسين السراديح" (33عاما) من أريحا، والذي استشهد نتيجة الضرب والتعذيب أثناء اعتقاله واطلاق رصاصة بشكل مباشر ومن نقطة الصفر حسب التقرير الطبي وذلك بتاريخ 22شباط/فبراير2018
وأوضحت الهيئة أن بين الشهداء الأسرى (72) شهيدا سقطوا بسبب التعذيب على يد المحققين في أقبية التحقيق، و(61) شهيداً سقطوا بسبب الإهمال الطبي وعدم تقديم العلاج اللازم لهم، وخاصة بعد اعتقالهم وهم جرحى مصابين اصابات بالغة مما فاقم الأمراض والمضاعفات الصحية في اجسامهم وأدى الى سقوطهم شهداء داخل السجون وفي مستشفيات الاحتلال، وأن (7) أسرى استشهدوا بسبب القمع وإطلاق النار المباشر عليهم من قبل الجنود والحراس وهم داخل السجون، وأن (77) أسيرا استشهدوا نتيجة القتل العمد والتصفية المباشرة والاعدام الميداني بعد الاعتقال مباشرة. هذا بالإضافة إلى مئات الأسرى المحررين اللذين سقطوا شهداء بعد خروجهم من السجن بفترات وجيزة بسبب أمراض ورثوها عن السجون أمثال هايل أبو زيد وسيطان الولي ومراد أبو ساكوت وزكريا عيسى وأشرف أبو ذريع وجعفر عوض ونعيم الشوامرة وجعفر عوض ومحمود سلمان وغسان الريماوي ونعيم الشوامرة وحسن الشوامرة وغيرهم الكثيرين. فيما تصاعدت عمليات الاعدام لعشرات الجرحى والمصابين منذ اندلاع "الهبة الجماهيرية" في الأول من تشرين أول/أكتوبر 2015، وغدى الاعدام سياسة بدلا من الاعتقال لعشرات الجرحى والمصابين والمواطنين الأبرياء والعزل.
خلال الفترة الممتدة من (17/4/2017- 1/4/2018)
سقوط فتاة وخمسة من الاسرى شهداء بعد اعتقالهم (أمل طقاطقة، الصالحي، حسين عطالله، ياسين السراديح، محمد مرشود ومحمد عنبر) وعدد آخر من المحررين آخرهم كان حسن شوامرة
- في 20 آيار/مايو 2017 استشهدت الأسيرة المصابة الطفلة/ "فاطمة طقاقطة" (15 عاما) من بلدة بيت فجار جنوب بيت لحم ، بعد اعتقالها وهي مصابة بتاريخ 15 آذار/مارس 2017، حيث أُصيبت برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي على مفترق حاجز "عتصيون"، ودخلت في غيبوبة، ورغم خطورة وضعها الصحي إلا أن سلطات الاحتلال أبقتها رهن الاعتقال ورفضت الإفراج عنها، ولم تقدم لها الرعاية الصحية اللازمة مما أودى بحياتها.
- بتاريخ 3 أيلول/سبتمبر 2017 استشهد الأسير الجريح/ رائد الصالحي، من مخيم الدهيشة جنوب بيت لحم، والذي اعتقل بعد اصابته بتاريخ 9 آب/أغسطس من العام نفسه.
- بتاريخ 20 كانون ثاني/يناير2018 استشهد الأسير/ حسين عطاالله جراء الاهمال، وقد كان معتقلا منذ 20 سنة.
- بتاريخ 22 شباط/فبراير 2018 استشهد الأسير/ ياسين عمر السراديح (33 عاما) من أريحا، اثر تعرضه والذي استشهد نتيجة الضرب والتعذيب أثناء اعتقاله واطلاق رصاصة بشكل مباشر ومن نقطة الصفر حسب التقرير الطبي.
- استشهاد الاسير الجريح محمد عنبر – 8/4/2018 وهو من سكان طولكرم ومازال جثمانه محتجزا لدى سلطات الاحتلال
- استشهاد الاسير الجريح محمد مرشود يوم 9/4/2018 وهو من سكان مخيم بلاطه ومازال جثمانه محتجزا لدى سلطات الاحتلال.
الأسرى القدامى:
من بين الأسرى (48) أسيراً مضى على اعتقالهم أكثر من عشرين سنة بشكل متواصل، وهؤلاء يُطلق عليهم "عمداء الأسرى"، وأن(29) أسيراً منهم معتقلين منذ ما قبل اتفاقية أوسلو، وهؤلاء ممن كان يفترض اطلاق سراحهم ضمن الدفعة الرابعة في آذار/مارس عام 2014، إلا أن دولة الاحتلال تنصلت من الاتفاقيات وأبقتهم رهائن في سجونها. وها هي السنوات والعقود تمضي من أعمارهم وأن (25) اسيرا منهم مضى على اعتقالهم أكثر من ربع قرن، وهؤلاء يُطلق عليهم الفلسطينيون مصطلح "جنرالات الصبر" و(12) اسيرا هم "ايقونات الأسرى" وهم من مضى على اعتقالهم أكثر من ثلاثين عاما بشكل متواصل، وأقدمهم الأسيران كريم وماهر يونس المعتقلان منذ ما يزيد عن (35) عاما.
وهناك (56) ممن تحرروا في صفقة تبادل الأسرى عام 2011 والتي تُعرف بصفقة (شاليط)، وأعيد اعتقالهم وفرضت عليهم سلطات الاحتلال الإسرائيلية إكمال سنوات السجن التي سبقت تحررهم في الصفقة بذريعة خرقهم لبنود الصفقة، وهؤلاء أمضوا على فترتين أو أكثر عشرين عاما وما يزيد، وأبرزهم الأسير "نائل البرغوثي" الذي أمضى ما مجموعه (37) عاما في سجون الاحتلال.
اختطاف القائد مروان البرغوثي – واضراب الحرية والكرامه
يصادف يوم الاسير الفلسطيني الذكرى 16 لاختطاف القائد مروان البرغوثي عام 2002 والذي قاد معركة الحرية والكرامه مع 1500 اسير فلسطيني يوم 17 نيسان 2017 في سبيل تحسين شروط الحياة الانسانية والمعيشية في السجون، حيث استمر الاضراب 41 يوما تعرض فيه الاسرى لكل اشكال القمع والترهيب والتحريض الرسمي الاسرائيلي وقد تم عزل مروان البرغوثي طيلة فترة الاضراب مع اسرى اخرين في محاولات للبطش بالاضراب وكسر ارادة المضربين، ويعتبر هذا الاضراب هو الاطول والاكثر قسوة منذ عام 1976.
الأسرى والمعتقلون ... أرقام واحصائيات
بلغ عدد الاسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال الإسرائيلي مع أواخر آذار 2018
- (6500) أسير في سجون الاحتلال الإسرائيلي
- (350) طفل.
- (62) اسيرة بينهن (21) أم، و (8) قاصرات
- (6) نواب.
- (500) معتقل اداري.
- (1800) مريض بينهم (700) بحاجة الى تدخل علاجي عاجل
- عمداء الأسرى: (48) أسيرا مضى على اعتقالهم أكثر من عشرين سنة بشكل متواصل.
- جنرالات الصبر: (25) أسيرا مضى على اعتقالهم أكثر من ربع قرن.
- أيقونات الأسرى: (12) اسيرا من أولئك قد مضى على اعتقالهم أكثر من ثلاثين عاما وأقدمهم الأسيران كريم وماهر يونس المعتقلان منذ (35) عاما.
- الأسرى القدامى: (29) أسيرا هم قدامى الأسرى و معتقلين منذ ما قبل اتفاقية أوسلو، وهؤلاء ممن كان يفترض اطلاق سراحهم ضمن الدفعة الرابعة في آذار/مارس عام 2014، إلا أن الحكومة الإسرائيلية تنصلت من الاتفاقيات وأبقتهم رهائن في سجونها.
حقوق مصادرة وانتهاكات كثيرة وجرائم متعددة
وأكدت الهيئة في تقريرها: أن سلطات الاحتلال صادرت من الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين كافة حقوقهم الإنسانية التي كفلتها لهم كافة الاتفاقيات والمواثيق الدولية، وفـرضت عليهم داخل السجن حياةً لا تطاق في تحدي صارخ للقانون الدولي وأمام مرآى ومسمع من العالم أجمع، فأمعنت في اجراءاتها القمعية وخطواتها التعسفية وقوانينها المجحفة، فمن التنكيل و الضرب والتعذيب والعزل الانفرادي، إلى فرض التفتيش العاري ومنع زيارات الأهل، والحرمان من العلاج والاهمال الطبي، والتعليم وليس انتهاءً بالاقتحامات والمداهمات واستخدام القوة المفرطة وفرض الغرامات المالية.. الخ.
إنها عذابات أليمة لا تنتهي بمجرد أن يتوقف السجان عن ممارسته، ولا تتوقف بفعل الزمن، فهي باقية وتستمر حتى بعد خروج الأسير من سجنه، وتتواصل آثارها. وهي التي كانت سببا في وفاة المئات من الأسرى داخل السجون أو بعد تحررهم، وهي ذاتها التي تسببت في اعاقات جسدية ونفسية لمئات آخرين ممن تعرضوا للاعتقال. كما وأدت إلى تدهور كبير وحاد في مستوى حقوق الإنسان و الصحة النفسية والاجتماعية لأولئك الضحايا وعائلاتهم، وأفقدتهم الحق الإنساني في التمتع بحياة كريمة.
ان دولة الاحتلال جعلت من السجن مكاناً للقمع وساحة للتعذيب وزرع الأمراض والحاق الأذى الجسدي والنفسي المتعمد بهم، وأداة للقتل المعنوي والتصفية الجسدية التدريجية والبطيئة . وما ذاك إلا لأنها ترى في الفلسطينيين أعداء لها، يجب التخلص منهم، أو على الأقل ردعهم وتدمير واقعهم وتشويه مستقبلهم أو تحويلهم لجثث مؤجلة الدفن.
(100%) ممن اعتقلوا تعرضوا للتعذيب
وأشارت هيئة شؤون الأسرى والمحررين في تقريرها بأن كافة المعطيات تؤكد بأن تلازما خطيرا ما بين الاعتقال والتعذيب، حيث أن كل من مرّ بتجربة الاحتجاز أو الاعتقال وبنسبة (100%) كان قد تعرض لشكل أو أكثر من أشكال التعذيب الجسدي أو النفسي والإيذاء المعنوي والإهانة أمام الجمهور أو أفراد العائلة، فيما الغالبية منهم تعرضوا لأكثر من شكل من أشكال التعذيب.
ووفقا لمتابعة الهيئة وتوثيق الشهادات فان زيادة لافتة قد طرأت على حجم واشكال التعذيب المستخدمة بحق الأسرى والمعتقلين من مختلف الفئات العمرية منذ اندلاع انتفاضة القدس في تشرين أول/أكتوبر2015، من حيث قسوة التعذيب وبشاعة أساليب المُعذبِين، وتنوع أساليب التعذيب "النفسية والجسدية"، وتعدد الأشكال المتبعة وكثرتها مع الشخص الواحد،. فضلا عن إطالة فترة التعذيب والعزل الانفرادي والضغط النفسي. وذلك تحت ذريعة الحصول على معلومات أو اعترافات أو أن الأسير المذكور يشكل "قنبلة موقوتة"، مما جعل من السجن الإسرائيلي نموذجا تتجلى فيه الحالة الأسوأ في الاحتلال، على مدار التاريخ؛ لأن أهدافه وآثاره لا حدود مكتوبة لها، فهي تطول الجسد والروح، كما تطول الفرد والجماعة، وتعيق من تطور الإنسان والمجتمع.
وقالت الهيئة: ان التعذيب لا يقتصر على فترة التحقيق فحسب لغرض انتزاع المعلومات، وإنما يبدأ منذ لحظة الاعتقال ويستمر طوال فترة الاعتقال وتبقى آثاره وتبعاته تلازم الأسير إلى ما بعد خروجه من السجن، وحيث كان التعذيب سببا في استشهاد (72) أسيرا داخل سجون ومعتقلات الاحتلال منذ العام 1967، وفي أحيان كثيرة كان التعذيب سببا في التسبب بإعاقات مستديمة للعديد من الأسرى. فيما العشرات من الأسرى المحررين استشهدوا بعد خروجهم من السجن أو أصيبوا بإعاقات مستديمة جراء ما تعرضوا له من تعذيب جسدي ونفسي خلال فترات اعتقالهم.
وذكرت هيئة الأسرى أن القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان والنظام الداخلي للمحكمة الجنائية الدولية تنص على تجريم التعذيب، وتلزم الدول الأطراف في الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان باتخاذ التدابير التشريعية والقضائية للحماية من التعذيب ومعاقبة مقترفيه. ولكن للأسف فان دولة الاحتلال تشكل حالة فريدة وشاذة في ممارسة التعذيب، حيث تعتبر هي الوحيدة في العالم التي شرعّت التعذيب قانونا وتمنح مقترفيه الحماية القانونية والحصانة القضائية الداخلية مما أدى الى تصاعد جرائم التعذيب في سجون الاحتلال الإسرائيلي بشكل لافت في السنوات الأخيرة.
ويحظى المحققون الاسرائيليون بحصانه في ممارسة التعذيب تحت غطاء قانون (اعفاء المخابرات من توثيق التعذيب بالصوت والصورة) ولم يقدم اي محقق للمحاكمة حول جرائم تعذيب مما شجع على استمراره بحق المعتقلين الفلسطينيين.
ووفقا لمصادر مؤسسات حقوق الانسان ان اغلبية الشكاوي المرفوعة للجهاز القضائي الاسرائيلي بخصوص استخدام التعذيب لم يتم البت فيها، مما دفع منظمة بيتسليم لحقوق الانسان في اسرائيل الى مقاطعة رفع الشكاوي الى الجهاز القضائي الاسرائيلي بسبب عدم اجراء اي تحقيق جنائي حول هذه الشكاوي.
ان التعذيب- جسدياً كان أم نفسياً- تحت ذريعة الحصول على معلومات، أو بحجة القضاء على "القنابل الموقوتة"، يعتبر انتهاكا أساسيا وخطيرا لحقوق الإنسان، وجرماً فظيعاً وبشعاً يرتكب بحق الإنسانية.
ويعتبر التعذيب جريمة حرب وجريمة ضد الانسانية وفق القوانين الدولية والانسانية وخاصة وفق ميثاق روما للمحكمة الجنائية الدولية واتفاقيات جنيف الرابعة، وان قانون العقوبات الاسرائيلي يخلو من المحاسبة على جرائم الحرب ومنها التعذيب، مما جعل اسرائيل كسلطة محتله دولة فوق القانون, ومستهترة بالعدالة الانسانية, حيث تجعل من قوانينها المحلية أعلى من القوانين الدولية.
الاعتقالات الإدارية – ومقاطعة محاكم الاحتلال
الاعتقال الإداري هو اعتقال بدون تهمه أو محاكمة، ويعتمد على ما يُعرف بـ "الملف السري"، وهناك من الفلسطينيين من جدد لهم الاعتقال الإداري لأكثر من مرة وأمضوا سنوات طويلة رهن "الاعتقال الإداري"، دون معرفتهم أو اطلاعهم على سبب اعتقالهم.
ويعتبر الاعتقال الإداري تدبيرا شديد القسوة، والوسيلة الأكثر تطرفاً، واجراء شاذا واستثنائيا، ومع ذلك جعلت سلطات الاحتلال من "الاعتقال الإداري" سياسة ثابتة في تعاملها مع الفلسطينيين منذ العام 1967، ولجأت إليه كخيار سهل، وتوسعت في استخدامه بشكل كبير وجعلت منه عقاباً جماعيا بحق عشرات الآلاف من المواطنين الفلسطينيين مما يخالف قواعد القانون الدولي.
وأصدرت سلطات الاحتلال خلال "انتفاضة القدس" (الأول من أكتوبر 2015-الأول من ابريل2018) قرابة (3600) قرار بالاعتقال الإداري، مابين قرار جديد وتجديد الاعتقال الإداري، منها (41%) قرارات جديدة والباقي (59%) قرارات تجديد، و قد شملت تلك القرارات الذكور والإناث، الصغار والكبار، وأن منها (1119) قرار صدر خلال العام 2017، فيما صدر منذ مطلع العام الجاري 2018 قرابة (250) قرارا بالاعتقال الإداري ما بين قرار جديد وتجديد الاعتقال.
ان هذا التوسع في استخدام الاعتقال الإداري دفع بالمعتقلين الإداريين الى مقاطعة المحاكم العسكرية منذ الخامس عشر من شباط/فبراير الماضي، كخطوة نضالية للاحتجاج على استمرار هذا النوع من الاعتقال التعسفي ورفضا للمحاكم الصورية والإجراءات الشكلية التي يقوم بها القضاء الإسرائيلي.
اعتقال (340) فلسطيني بسبب منشورات على "الفيسبوك"
واصلت سلطات الاحتلال ملاحقتها للفلسطينيين بسبب آرائهم ونشاطهم على صفحات "الفيسبوك" واعتقلت في هذا السياق قرابة (340) فلسطيني منذ اندلاع "انتفاضة القدس" في أكتوبر 2015، بتهمة التحريض على شبكات التواصل الاجتماعي و نشر صور شهداء أو أسرى أو تسجيل الاعجاب لمنشورات الآخرين.
ان غالبية أولئك المعتقلين كانوا من القدس المحتلة، وأن لوائح اتهام وجهت لبعضهم وصدر بحقهم أحكام مختلفة مقرونة بغرامات مالية، بتهمة التحريض، وأن آخرين تم تحويلهم الى "الاعتقال الإداري" لبضعة شهور دون محاكمة. وفي مرات أخرى اشترطت على بعض المعتقلين وقبل اطلاق سراحهم الامتناع عن استخدام (الفيسبوك) لفترات هي تحددها.
أن اعتقال الفلسطينيين بسبب منشورات ومشاركات عبر (الفيسبوك)، يُعتبر اعتقالا تعسفيا ومخالفا لكل القوانين والاتفاقيات والمواثيق الدولية التي كفلت للإنسان حقه في حرية الراي والتعبير، وان كافة الإجراءات المتخذة بحق المعتقلين هي إجراءات ظالمة وغير عادلة.
لقد أصبح "الفيسبوك" حاضرا في لوائح الاتهام وأن الاعتبارات القانونية في المحكمة لا تطال فقط كتابة ( البوست) أو نشر (الصورة) بل أيضا مقدار ما يوضع عليه من تعليقات أو إعجابات والتي ترد أعدادها في بنود لائحة الاتهام لتبرير الإدانة وفق منطق الاحتلال.
يذكر ان حكومة الاحتلال الإسرائيلي شكّلت وحدة خاصة في هيئة اركان الجيش الاسرائيلي تُسمى (وحدة سايبر العربية) لرصد ومتابعة شبكات التواصل الاجتماعي وما ينشر عليها.
(300) قرار بالحبس المنزلي وابعاد العشرات من المقدسيين عن مكان سكناهم
اصدرت المحاكم الإسرائيلية منذ تشرين اول 2015" نحو (300) قرار بـ "الحبس المنزلي"، غالبيتها العظمى كانت بحق المقدسيين، ذكورا واناثا، وأن هذه القرارات تعتبر بديلا عن السجن وتهدف الى الاقامة المنزلية وتقييد حرية الأشخاص خاصة الأطفال.
ويعني "الحبس المنزلي" مكوث الطفل فترات محددة داخل البيت وبتعهد أحد أفراد الأسرة، مما يحوّل البيوت إلى سجون، ويجعل من الآباء والأمهات سجانين ومراقبين على أبنائهم، ويدفعهم لمنعهم من الخروج من البيت حتى للعلاج أو الدراسة تنفيذا والتزاما بما أقرته المحكمة الإسرائيلية. هذا بالإضافة الى فرض غرامات مالية باهظة!
ويُعتبر "الحبس المنزلي" إجراءً تعسفياً ولا أخلاقياً ومخالفةً لقواعد وأحكام القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان. كما ويشكل عقوبة جماعية للأسرة بمجموع أفرادها التي تضطر لأن تَبقى في حالة استنفار دائم، حريصة على حماية ابنهم من خطر تبعات تجاوزه للشروط المفروضة.
كما واستمرت سلطات الاحتلال في ابعاد العديد من أطفال القدس ونقلهم بشكل قسري من مناطق سكنهم، الى مناطق أخرى في تحدي جديد لأحكام القانون الدولي الذي يحظر بشكل صريح الإبعاد والنقل القسري للسكان المحميين.
(27.7%) من الأسرى مرضى بينهم عشرات ممن يعانون من اعاقات مختلفة
مع نهاية شهر آذار/مارس 2018 كان عدد الأسرى المرضى قد وصل الى (1800) اسير، ويشكلون ما نسبته (27.7%) من مجموع الأسرى الذي بلغ عددهم (6500) اسير، وأن من بين الأسرى المرضى هناك قرابة (700) أسير بحاجة الى تدخل علاجي عاجل، بينهم مصابون بالسرطان وعشرات الأسرى الذين يعانون من إعاقات مختلفة (جسدية ونفسية وذهنية وحسية)، وهؤلاء يعيشون ظروفاً مأساوية نتيجة شروط الاحتجاز الصعبة والإهمال الطبي المتعمد وعدم توفير الأدوات المساعدة للمعاقين، والاستهتار الإسرائيلي المتواصل بآلامهم وأوجاعهم، وعدم الاكتراث بمعاناتهم واحتياجاتهم. حيث تسعى إدارة السجون الإسرائيلية إلى إلحاق الأذى بصحة وحياة الأسرى والمعتقلين بشكل متعمد وفي إطار سياسة ممنهجة.
وهذه الأرقام رغم ضخامتها فهي تشير الى أولئك الأسرى الذين ظهرت عليهم الأمراض وأجريت لهم فحوصات، فيما التقديرات تشير الى أن العدد أكثر من ذلك ولربما يتضاعف فيما لو أجريت فحوصات شاملة على باقي الأسرى في ظل استمرار الظروف والعوامل المسببة التي أدت الى ظهور الأمراض واستفحالها. حيث تكثر الأمراض الصعبة كأمراض السرطان والرئتين والقلب والكبد والكلى والمعدة والأمعاء والسكري وأمراض العظام والمفاصل والروماتيزم والأمراض الجلدية والعيون والسنان والأمراض النفسية والعصبية والتي من شأنها ان تشكل خطرا على المريض وعلى زملاؤه في الأسر ، وتبقى آلامها ترافق الأسير طوال فترة سجنه، بل وتبقى تلازمه الى ما بعد التحرر، وكانت سببا في وفاة المئات منهم.
إن استشهاد مئات الأسرى داخل سجون الاحتلال نتيجة الأمراض أو بعد الإفراج عنهم بفترة زمنية بسيطة يعطي مؤشرًا خطيرًا يشير إلى الاحتلال جعل من السجن مكانا لزرع الأمراض وتوريثها للأسرى لما بعد التحرر، وتكون سببا في وفاتهم ببطء شديد.
الطفولة الفلسطينية في دائرة الاستهداف الإسرائيلي المتصاعد
رصدت هيئة شؤون الأسرى تصاعدا خطيرا في استهداف الأطفال الفلسطينيين خلال السنوات القليلة الماضية، وذلك في إطار سياسة إسرائيلية ممنهجة تستهدف الطفولة الفلسطينية، من حيث تضاعف أرقام الاعتقالات من جهة، وتزايد حجم الانتهاكات والجرائم المقترفة بحقهم والأحكام الجائرة الصادرة بحقهم والغرامات المالية المفروضة عليهم من جهة ثانية، حيث كان معدل الاعتقالات السنوية في صفوف الأطفال خلال العقد الماضي (2000-2010) نحو (700) حالة سنويا، فيما ارتفع منذ العام 2011-2017 ليصل الى قرابة (1250) حالة اعتقال سنويا. وسُجل منذ أكتوبر 2015 وحتى الأول من نيسان 2018) قرابة (4700) حالة اعتقال لأطفال قصّر تتراوح أعمارهم ما بين 11-18 عاما. وخلال العام المنصرم 2017 اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي (1467) طفلا، ذكوراً وإناثاً، ويشكلون ما نسبته (21.8%) من مجموع الاعتقالات خلال العام نفسه. فيما سُجل اعتقال (386) طفلاً منذ مطلع العام الجاري.
أن كافة الوقائع والشهادات تؤكد على أن كافة الأطفال الذين تعرضوا للاعتقال قد مُورس بحقهم شكل أو أكثر من أشكال التعذيب الجسدي والنفسي، وعُوملوا بقسوة وتم حرمانهم من أبسط الحقوق الإنسانية، وأن الاعترافات التي انتزعت منهم تحت وطأة التعذيب شكل أدلة ادانة لإصدار الأحكام الجائرة بحقهم من قبل المحاكم العسكرية، وأن غالبية الأحكام التي صدرت بحقهم كانت مقرونة بغرامات مالية باهظة، وإن العشرات منهم قد صدر بحقهم حكماً بالحبس المنزلي لاسيما بحق الأطفال المقدسيين.
اعتقال النساء والفتيات
قالت هيئة شؤون الأسرى والمحررين في تقريرها أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي لم تميز يوما فيما بين الفلسطينيين، ذكورا كانوا أم إناثا. كما ولم تستثنِ الأمهات والقاصرات من اعتقالاتها، وان الأشكال والأساليب، التي تتبعها عند اعتقال الرجال، لا تختلف في طبيعتها وتوقيتها عند اعتقال المرأة الفلسطينية، والتي غالبا ما تُعتقل من البيت وبعد منتصف الليل، وتتعرض للضرب والإهانة والمعاملة القاسية وهي في طريقها للسجن، ومن ثم تتعرض في مراكز التوقيف والاحتجاز إلى صنوف مختلفة من التعذيب الجسدي و النفسي ،وكثير منهن يتعرضن للعزل الانفرادي، في زنازين انفرادية.
وقد اعتقلت سلطات الاحتلال منذ العام 1967 أكثر من (16) ألف فلسطينية، بينهن (1700) منذ عام 2000، فيما سُجل اعتقال (460) امرأة وفتاة منذ أكتوبر 2015، ومن بينهن (156) اعتقلن خلال العام المنصرم 2017، فيما ما تزال في سجون الاحتلال (62) أسيرة موزعات على سجني هشارون والدامون، بينهن (8) قاصرات تقل أعمارهن عن الـ18 ولعل ابرزهن الطفله القاصرة "عهد التميمي" 17 عاما، و(21) أم، هذا بالإضافة إلى وجود (9) اسيرات جريحات وهن: لما البكري، عبلة العدم، شروق دويات، جيهان حشيمة، أمل طقاطقة، مرح باكير، نورهان عواد، اسراء جعابيص، حلوة حمامرة.
ويحتجزن الأسيرات في ظروف قاسية ويتعرضن للإهانة والإيذاء المتعمد والإهمال الطبي والمعاملة اللاإنسانية، ولعل الأسيرة "اسراء الجعابيص" خير نموذج لذلك..
التشريعات والقوانين المعادية لحقوق الاسرى والمعتقلين
شهد عام 2017 ومطلع العام 2018 تصعيدا وتغولا في الاستمرار في تشريع القوانين العنصرية والتعسفية والانتقامية من قبل حكومة اسرائيل الداعمة للاحتلال والاستيطان والمعادية لحقوق الاسرى ولمبادىء حقوق الانسان.
وقد طرحت العديد من القوانين ونوقشت في الأطر السياسية والأمنية والتشريعية واقر بعضها من قبل لجنة التشريع وأقر الكنيست الإسرائيلي بعض تلك المشاريع بالقراءة التمهيدية، ولعل أبرز تلك القوانين هي:
- مشروع قانون اعدام الاسرى
- مشروع قانون خصم مخصصات الشهداء والاسرى من مستحقات السلطة الفلسطينية
- مشروع قانون منع زيارات اسرى منظمات فلسطينية تحتجز اسرائيليين
- مشروع قانون يسمح باحتجاز جثامين الشهداء.
- مشروع قانون يقضي بحظر الإفراج عن الأسرى، مقابل جثث الجنود الإسرائيليين المحتجزين لدى فصائل المقاومة