وأخيراً.. عثر أفيغدور ليبرمان وزير الحرب الإسرائيلي على وسيلة لكي يتوازى مع أمثاله في اليمين الإسرائيلي الحاكم بالتوجه إلى الكنيست لنيل إقرار مشاريع قوانين تستهدف الأرض والإنسان في فلسطين، وذلك في إطار "المزاحمة" المحمومة بين أطراف الائتلاف اليميني الشعبوي في الاستحواذ على أصوات الناخبين اليمينيين في الدولة العبرية، مع احتمالات توجيه اتهام إلى رئيس الحكومة نتنياهو على خلفية التحقيقات معه، الأمر الذي قد يؤدي إلى انتخابات تشريعية محتملة، وبينما تستهدف هذه المشاريع المتلاحقة الحقوق الفلسطينية على اختلاف أشكالها، فإنها تعكس في الوقت نفسه حمّى الصراعات بين مختلف تكتلات وأحزاب اليمين الحاكم في إسرائيل.


ومع أن مشروع قانون الإعدام للأسرى الفلسطينيين، من الصعب تمريره بالقراءة النهائية، ومع إدراك ليبرمان لذلك، فإنه ما زال مصمّماً على تداوله للمناقشة في الكنيست في إطار المنافسة مع الأحزاب اليمينية الأخرى التي كانت أكثر نجاحاً منه في تمرير مشاريع قراراتها في البرلمان الإسرائيلي، ومن المتوقع أن يظل هذا القانون الذي تقدم به ليبرمان إلى الكنيست يقبع في القراءة التمهيدية التي عبّرت عن انقسام في التصويت رغم تمريره بهذه القراءة، ما يشير إلى أنه من الصعب تمريره بالقراءات اللاحقة، خاصة بعدما رفض ليبرمان عقد "مقاصة" مع الاحزاب اليمينية الدينية، عندما ظل على موقفه في عدم دعم مشروع قانونها حول تعطيل المحلات التجارية الصغيرة يوم السبت، وهي الصفقة التي كانت تلك الأحزاب قد عرضتها على ليبرمان لكي تؤيد مشروعه حول إعدام الأسرى الفلسطينيين، مع علم كافة هذه الأطراف بصعوبة تمريره، وصعوبة تنفيذه في حال نجاحه في المرور عبر القراءات اللاحقة في الكنيست.


جهاز الأمن العام الإسرائيلي "الشاباك" كان من أوائل من اعترض على مشروع قانون إعدام الأسرى الفلسطينيين، مبرراً هذه المعارضة بأن إقرار هذا القانون من شأنه أن يؤدي إلى موجة من عمليات اختطاف اليهود في العالم الإسلامي والعالم العربي لأغراض المساومة لإطلاق سراح الأسرى المحكومين، المستشار القضائي للحكومة، أفيحاي مندلبيت، التقط موقف "الشاباك" مشيراً إلى أنه سيأخذ هذا الأمر بالاعتبار لدى عرض الأمر عليه لإبداء الرأي والموقف من مشروع القرار.


بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية اعترضت بدورها على سن هذا القانون، باعتبار أن لا حاجة لنا طالما يتم إعدام "الارهابيين" على المطرح وفور قيامهم بعمليات ضد الاحتلال والجنود والمستوطنين، خاصة وأن هناك تعليمات واضحة من قبل المستوى الأمني ـ العسكري تبيح للجنود والضباط الإسرائيليين إعدام الفلسطينيين حسب "تقديراتهم" التي تنطوي على عنصرية وفاشية وكراهية لكل فلسطيني، وبالفعل، وحسب إحصائيات نشرتها شرطة الاحتلال بداية العام الجاري، فقد تم قتل 201 فلسطيني شاركوا في تنفيذ هجمات أو حاولوا تنفيذ هجمات خلال العامين الماضيين، تمت عملية الإعدام ميدانياً وتصفيتهم بإطلاق النار عليهم حتى الموت.


وخارج اطار أحزاب الائتلاف الحكومي، فإن أحزاب المعارضة تقف ضد تمرير مشروع قرار "ليبرمان" لإعدام النشطاء الفلسطينيين في وجه الاحتلال، وباعتبار هذا المشروع لا يأخذ بالحسبان الأمن الإسرائيلي بقدر ما هو مشروع سياسي بامتياز في اطار المزاحمة على أصوات الناخبين دون أن يأخذ بالاعتبار أن هذا المشروع سيقوض "الشرعية والديمقراطية" الإسرائيلية ويمنح القضية الفلسطينية مناصرين جدداً على الحلبة الدولية.


وفي خضم التداول حول هذا القانون، فإن موقف رئيس الحكومة نتنياهو ما زال غامضاً وتائهاً وملتبساً، وبات في موقف بالغ الصعوبة على ضوء وضعه الدقيق إزاء استمرار عملية التحقيقات معه، وهو يريد أن يكسب أصوات وتأييدَ جميع الأطراف المنقسمة فيما بينها حول هذا القانون الذي تم تمريره بالقراءة الأولى بأغلبية محدودة (52 صوتاً مقابل 49 صوتاً).
وبين محاولة ليبرمان تسجيل هذا القانون باسمه، أسوة بقيادات الأحزاب اليمينية التي تقدمت بمشاريع قرارات مماثلة، وبين المخاطر التي ينطوي عليها هذا القانون على الدولة العبرية، فإن ازدحام مشاريع القرارات العنصرية التي انشغل البرلمان الإسرائيلي بالتصويت عليها وإقرارها مؤخراً، إنما تعكس الطبيعة العنصرية والفاشية لهذا الكيان!


Hanihabib272@hotmail.com

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد