الحمد الله يعقب على القرار الأميركي بتجميد تمويل الأونروا
قال رئيس الوزراء رامي الحمد الله إن قرار الولايات المتحدة الأميركية بتجميد التمويل المخصص لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين ( الأونروا )، ابتزازا مرفوضا وعملا غير قانوني يقوض حقوق اللاجئين الفلسطينيين.
وأضاف الحمد الله إن هذه الخطوة تزيد من معاناة وأزمات مخيمات اللجوء، ويعرض لخطر حقيقي حياة اللاجئين الذين يعتمدون على الخدمات الصحية والتعليمية والإنسانية التي تقدمها لهم الوكالة منذ عقود طويلة".
جاء ذلك خلال كلمته في عشاء الميلاد المجيد حسب التقويم الشرقي، مساء اليوم السبت في بيت لحم ، بحضور عدد من الشخصيات الرسمية والدينية والاعتبارية.
وأكد أن" شعبنا الذي نهض من حطام النكبة والتغريبة الفلسطينية قبل سبعة عقود، وحافظ بإصراره وثباته على هويته رغم مرور خمسين عاما على احتلال إسرائيل لما تبقى من أرض فلسطين، قادر اليوم على مواجهة هذا التحدي السافر الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية بانحيازها ودعمها للاحتلال الإسرائيلي، وبالاعتداء على مكانة القدس وعلى حقوقنا التاريخية الذي حفظتها لنا القرارات والقوانين والاتفاقيات الدولية.
وأشار إلى أن الرئيس محمود عباس أكد، بموقف ثابت ومشرف، بأن المؤامرة على القدس لن تمر، وأن شعبنا لن يسمح بالمساس أو العبث بحقوقه وثوابته الوطنية".
وتابع الحمد الله: "في ظل أجواء البهجة والسرور التي تحملها الأعياد المجيدة، يتجدد لقاؤنا كما في كل عام في بيت لحم، مدينة السلام والمحبة، مهد البشارة والأمل، وعلى مقربة من القدس، أرض الأنبياء وزهرة المدائن، العاصمة الأبدية والتاريخية لدولة فلسطين.
وذكر: " يشرفني أن أنوب عن الرئيس محمود عباس، في هذه المناسبة، التي تحتشد بأهم وأسمى المعاني الدينية والوطنية، والتي بها نأصل إرثنا الحضاري والإنساني والثقافي في التعايش والتسامح والتآخي.
ومضى قائلا: " باسم الرئيس ونيابة عن كافة أبناء شعبنا، أهنئ جميع الطوائف المسيحية التي تسير وفق التقويم الشرقي، وأتمنى أن تعاد الأعياد المجيدة، وقد عم الأمن والسلام، وتحققت تطلعات شعبنا في الخلاص من الاحتلال الإسرائيلي، ومن جدرانه واستيطانه".
وأضاف: "نتشرف اليوم بحضور وزير الداخلية الأُردنيّ الأخ غالب الزعبي بيننا في هذه الاحتفالات، ممثلاً عن الملك عبد الله الثاني، في رسالة أُخرى يبديها الأردن الصديق والشقيق لدعم شعبنا والتضامن معه. حيث إننا نرتبط معكم بأواصر تاريخية راسخة، وكنا وما نزال نعول على الدور الرياديّ الذي يضطلِع به الأردن في الانتصار لِحقوق شعبنا ونضالاته في كافة المحافل الدولية، ورفضه لأية خطوات أُحادية لفرض حقائق جديدة لتغيير وضع ومكانة القدس.
وشكر الحمد الله الملك عبد الله الثاني، الذي لم يتوانَ تحت أي ظرف، عن نصرة القدس والدفاع عن مقدساتها، ودعم أهلها في مواجهة الاحتلال الاسرائيليّ وأطماعه التوسعية التي تتهدد القدس، والاقصى خاصة".
واستطرد رئيس الوزراء: "نجتمع على هذه الأرض المقدسة التي باركنا الله فيها، على وقع الكثير من الألم والمعاناة، وفي خضم لحظات صعبة وحاسمة تمر بها قضيتنا الوطنية، حيث تستمر إسرائيل في عدوانها الغاشم على أرضنا ومقدساتنا وحقوقنا، وفي توطيد نظام الفصل العنصري من خلال توسيع الاستيطان غير الشرعي، وقضم الأراضي وهدم البيوت والمنشآت، وفي تهديد شعبنا بمخططات الاقتلاع والتهجير، واستهدافه بالاعتقال وبأعمال التنكيل، خاصة ضد الأطفال والقاصرين.
وشدد على أن إعلان الرئيس الأميركي، شجع إسرائيل على التمادي في ارتكاب المزيد من الجرائم والانتهاكات، وتوسيع هجمتها الاستيطانية، في القدس ومحيطها، وفي الأغوار الفلسطينية، ومواصلة تدمير حل الدولتين، الذي يشكل إجماعا دوليا لم تخرج عنه إلا الولايات المتحدة بإدارتها الحالية".
وأردف: "إن على دول العالم وقواها المؤثرة مسؤولية شاملة وتحد كبير بوضع حد لهذا الخرق والاستهتار المتواصل بحقوقنا التاريخية وبقرارات الشرعية الدولية، والتصدي للمواقف الأميركية المتلاحقة والانتهاكات الإسرائيلية التي تهدف جميعها إلى حل قضايا الحل النهائي التفاوضية بشكل أحادي، وبالاستناد إلى جبروت الاحتلال وغطرسة القوة، الأمر الذي يهدد السلم والأمن الدوليين، ويدفع المنطقة إلى المزيد من النزاعات التي لن تحمد عقباها".
وأوضح الحمد الله "أن هذه اللحظات الفارقة، تستدعي مزيدا من التلاحم والوحدة والالتفاف حول القيادة الوطنية في توجهها للمحافل والمنظمات الدولية وإعمال الأدوات القانونية والدبلوماسية لحماية الحقوق الفلسطينية ومساءلة إسرائيل على انتهاكاتها الجسيمة للقانون الدولي، لنؤكد للعالم أجمع أنه، ومهما بلغ حجم العدوان أو ضراوته، فشعبنا لن يقايض أو يساوم على القدس ومقدساتها. ولن يزعزع أي قرار من ثباته وإصراره على الدفاع عن حقوقه العادلة، وفي مقدمتها حق العودة وتقرير المصير وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، الذي يشكل استمراره وصمة عار على جبين الإنسانية".
وأضاف: "سنواصل، بكل عزم وثبات، تمتين جبهتنا الداخلية وتحقيق الوحدة والمصالحة الوطنية وإنهاء الانقسام الكارثي. وكما أكدت من قبل، فإن هذا الطريق شائك وطويل لكننا اتخذنا فيه خطوات هامة وأساسية، وسنسير فيه حتى نهايته، للوصول إلى وحدة وطنية راسخة وصلبة، فهي صمام الأمان لمشروعنا الوطني، وبها فقط نعزز صمود شعبنا، ونعطي قضيتنا المزيد من المنعة والقوة والعنفوان".
واستدرك رئيس الوزراء: "بعد أكثر من ألفي عام على ميلاده، وعلى نوره الذي اهتدت به البشرية، نتواجد هنا في مدينة بيت لحم، منبع الأمل، التي تلتف حولها اليوم المستوطنات الاستعمارية، ويطوقها جدار الفصل العنصري ويفصلها، لأول مرة منذ نشأة المسيحية عن مدينة القدس، حيث أن عقودا طويلة من الاحتلال والطغيان، قد غيرت بالتأكيد من معالم بلادنا، لكنها لم تفلح في زعزعة هويتها أو طمس تاريخها ووجودها".
واختتم الحمد الله كلمته: "في كنف الأرض المباركة، وبين هذه النخبة المؤثرة من رجال الدين والقوى والشخصيات الوطنية، نتوجه بصلواتنا ودعائنا لأبناء شعبنا هنا في الوطن وفي مخيمات اللجوء ومنافي الشتات، وإلى أهلنا في قطاع غزة المكلوم المحملين بثقل سنين الحصار والعدوان. صلواتنا اليوم وكل يوم إلى أهلنا الصامدين في القدس، التي تذكر كنائسها ومساجدها وكل شارع فيها بهويتنا الفلسطينية العربية المسيحية الإسلامية، والتي بصمود أهلها، حماة الأقصى والقيامة سنصون تاريخها ومقدساتها، وستبقى للأبد منارة للمحبة والسلام وعاصمة لفلسطين".