الدعوة إلى تحقيق المصالحة المبنية على الشراكة واحترام حقوق الإنسان
غزة / سوا / أكد ممثلو قوى سياسية ومنظمات أهلية وحقوقية وخبراء على ضرورة تكثيف وتنسيق الجهود من أجل الإسراع في إنهاء الانقسام ومعالجة تداعياته على مختلف المستويات، مشددين على ضرورة توفير مقومات الصمود للمواطن الفلسطيني الذي يدفع الثمن الباهظ جراء استمرار الانقسام.
ودعا المشاركون كافة الأطراف إلى تحمل مسؤولياتهم التاريخية والوطنية، والدفع قدماً بتحقيق المصالحة؛ داعين إلى تشكيل جبهة وطنية ضاغطة لإنهاء الانقسام الفلسطيني.
جاء ذلك خلال ورشة العمل التي نظمتها شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية بعنوان دور منظمات المجتمع المدني في دفع مسار المصالحة بالشراكة مع مؤسسة فريدريش ايبرت الألمانية ضمن مشروع "تعزيز دور منظمات المجتمع المدني في تحقيق الوحدة الوطنية".
وبدوره أكد مدير شبكة المنظمات الأهلية أمجد الشوا أن الشبكة تواصل جهودها من أجل الدفع في إنجاز ملف المصالحة وتحقيقها خاصة بعد التطورات المهمة التي شهدتها الفترة الماضية بما في ذلك توقيع اتفاق المصالحة بالقاهرة وخطوات تسلم حكومة الوفاق مهامها في قطاع غزة في اتجاه تحقيق المصالحة وتدارك المأساة التي يعيشها الشعب الفلسطيني مؤكداً أنه لا يجب الاستسلام لليأس ولا بد من الاستمرار في العمل الجاد والضغط على صناع القرار السياسي لإنهاء حالة الانقسام.
وأوضح الشوا أن على مدار سنوات عملت الشبكة على العديد من اللقاءات وورش العمل التي تناولت القطاعات المختلفة بمشاركة كل من الاقتصاديين والخبراء والنقابيين والحقوقيين والناشطات وممثلين عن المنظمات الأهلية تجاه تحقيق المصالحة وتكلفة الانقسام على الواقع الاقتصادي والقانوني والنسيج الاجتماعي والصحي والسياسي والهوية في قطاع غزة.
ومن جهته أكد مدير مؤسسة فريدريش ايبرت الألمانية د. أسامة عنتر أن هذه الورشة تأتي بالشراكة على مدار مجموعة من السنوات والبرامج مع شبكة المنظمات الأهلية جميعها تعلقت بمفهوم أساسي المصالحة الوطنية حيث كان للشبكة دور كبير في تناول الورش واللقاءات التي تتعلق باتجاه تحقيق المصالحة وانهاء ملف الانقسام.
وأشار عنتر أن مؤسسة فريدريتش دعمت خلال السنوات الماضية شبكة المنظمات الأهلية في برنامج المصالحة الوطنية وبخاصة موضوع إنهاء الانقسام مشددا على أهمية دور منظمات المجتمع المدني في الضغط من أجل إنهاء الانقسام وتعزيز صمود المواطن الفلسطيني و إعادة بناء الإنسان الفلسطيني أفراداً ومؤسسات، وإعادة توحيد النظام السياسي، واستعادة الوحدة الوطنية.
وبدوره أكد عصام يونس مدير مركز الميزان لحقوق الإنسان أن المجتمع المدني يتميز بخصائص مهمة يستطيع من خلالها أن يكون فاعلاً ومؤثرا في المشهد الاجتماعي والسياسي ومن ثم المساهمة في رسم السياسات العامة للحكومة، موضحا أن هناك قطاعين تأثرا بشكل خطير خلال فترة الانقسام إلا وهما القانوني والقضائي الأمر الذي يتطلب مراجعة كافة القوانين والقرارات ووقف التشريعات وتكريس احترام حقوق الإنسان وتحقيق العدالة على مختلف المستويات.
وأشار إلى أهمية بذل المزيد من الجهود ومضاعفته من أجل إنهاء الملف الأسود من الانقسام وتحقيق المصالحة والعدالة ، مؤكدا أن الشعب الفلسطيني ما زال يدفع ثمن الانقسام في ظل أن الاحتلال لا يتغول في ممارسة عدوانه على قطاع غزة وعلى الضفة و القدس من بناء الوحدات السكنية والجدار ومصادرة الأراضي وفرض الحصار على قطاع غزة .
وأكد أن الانقسام طال المجتمع المدني والكل الفلسطيني، مشيرا إلى أن إجراء الانتخابات بصورة دورية ضرورة مهمة كتتويج لإنهاء الانقسام، لتمكين الشعب من تحديد خياراته والاتفاق على برنامج سياسي يواجه التحديات المشتركة، مشيرا إلى أن أبرز تلك التحديات تكمن بالاحتلال والحصار والعدوان وسياسة التجزئة وتفتيت ومصادرة الأراضي واستحواذ الموارد من أرض ومياه وسيطرة على المعابر.
ومن ناحيته أكد هاني المصري مدير مركز مسارات أهمية التطورات الأخيرة المتعلقة بالمصالحة مؤكداً الحاجة إلى حوار جديد من اجل التعامل مع كافة القضايا سواء انعقاد المجلس التشريعي أو الانتخابات أو تشكيل الحكومة والأمن وغيرها من القضايا العالقة.
وأشار المصري إلى الانقسام بات خطرًا محدقًا يهدد القضية الفلسطينية، وأن الحاجة لإنهائه باتت ضرورة ملحة الأمر الذي يتطلب مصالحة حقيقية مبنية على الشراكة وحل كافة مشاكل قطاع غزة وتقرب الجميع من أهدافنا ووحدتنا الوطنية حتى يعيش شعبنا وبخاصة في أهل قطاع غزة بحياة كريمة على كل المستويات.
و دعا المصري إلى ضرورة إعادة بناء منظمة التحرير على أساس الشراكة الحقيقية لتضم مختلف الفصائل السياسية المؤمنة بالمشاركة، وتشكيل حكومة وحدة وطنية وقانونية وإدارية ومهنية لتعيد النظر في كل الوضع القائم في غزة و توحيد المؤسسات الأمنية والقضائية ومختلف الوزارات الأخرى مؤكدا أن تحقيق الوحدة الوطنية لا يمكن أن تتحقق عبر إدارة الانقسام، بل من خلال الاتفاق على أسس الشراكة السياسية الكاملة، وعلى أسس وطنية وديمقراطية ومشاركة الكل الفلسطيني.
وبدوره أكد د.عائد ياغي مدير جمعية الإغاثة الطبية ومنسق القطاع الصحي في الشبكة إنه كان للانقسام أثر بشكل خطير على واقع القطاع الصحي ، خصوصاً مع توالي أزمات الكهرباء ونقص الوقود، ونقص الأدوية والتحويلات ، وغيرها من الأزمات التي تتهدد حياة الناس، مشددا على الحاجة إلى مصالحة وطنية من اجل التفرغ لحل مختلف القضايا بما فيها تمكين المواطن الفلسطيني من التمتع بحقوقه الذي كفلها له القانون الأساسي من حريات وحقوق.
وأشار ياغى إلى أن القطاع الصحي يعاني من الاحتلال وممارساته سواء في العدوان أو الحصار بالإضافة سياسات التمويل منوها إلى انه عمق كل هذه الأزمات الانقسام الذي صنع بأيدي فلسطينية وكل هذه العوامل أثرت على القطاع الصحي وأدت إلى تراجع الخدمات المقدمة.
وقال ياغي أن قطاع غزة يحتاج من الحكومة الفلسطينية وضع خطة قوية حقيقية للنهوض في قطاع غزة بالخدمات التي تقدم للمواطن وفي مقدمتها الخدمات الصحية.
وطالب ياغى مؤسسات المجتمع المدني العمل على متابعة ما سيتم الاتفاق عليه في القاهرة وتشكيل أجسام رقابية على تطبيقها والعمل على تنفيذ حملات ضغط ومناصرة لإشراك المجتمع المدني في التخطيط للمستقبل.
ومن ناحيتها أكدت آمال صيام مدير مركز شؤون المرأة دعم المؤسسات النسوية للمصالحة وإزالة كافة العقبات التي تواجه تحقيق الوحدة الوطنية مشددة على ضرورة تعزيز الشراكة من أجل انجاز المصالحة، وتخطي العراقيل والاستفادة من الدروس والعبر لتحقيق المصالحة الفلسطينية .
وطالب صيام بالضغط باتجاه أن يكون دور لمؤسسات المجتمع المدني وبخاصة المؤسسات النسوية في الرقابة والمسائلة على كل مجريات عملية المصالحة معربة عن أسفها تجاه أن ما يجري حتى الآن هو تهميش وإقصاء للمرأة وإقصاء لمؤسسات المجتمع المدني.
وقالت صيام يجب الضغط من أجل مشاركة المرأة سياسيا ردا على هذا الإقصاء والاستثناء الذي يحدث في عملية المصالحة خاصة أن النساء دفعن الثمن باهظا خلال فترة الانقسام، لذلك يجب أن نبدأ خطواتنا في الضغط مع اجل ضمان مشاركة النساء في صنع القرار بدءا من عملية المصالحة وما بعدها، والدفع باتجاه الانتخابات وضمان مشاركة النساء الفاعلة فيها باعتبارها مدخلا حقيقا للديمقراطية.
وطالبت صيام مؤسسات المجتمع المدني بالعمل من أجل تعزيز الوعي بأهمية المصالحة وخطورة العودة للوراء إذا لم تحدث المصالحة، مؤكدة على ضرورة توحيد القوانين والقرارات والتشريعات .
من جهته أكد د. ماهر الطباع مدير العلاقات العامة في الغرفة التجارية على ضرورة المعالجة السريعة ولمشاكل قطاع غزة الاقتصادية بما فيها أزمة الكهرباء الطاحنة التي يعاني منها قطاع غزة والتي كبدت الاقتصاد الفلسطيني خسائر فادحة وهددت ما تبقي من القطاعات الاقتصادية وتسببت في ضعف إنتاجيتها، إلى جانب فتح كافة المعابر التجارية وإدخال كافة احتياجاته من الواردات من كافة السلع والبضائع دون التحكم بالنوع والكيف ودون قيود أو شروط وإلغاء قائمة السلع المحظور دخولها إلى غزة والسماح بتسويق منتجات غزة الصناعية والزراعية إلى أسواق الضفة الغربية وتصديرها للعالم الخارجي.
وطالب الطباع بإعادة آلاف تصاريح التجار ورجال الأعمال التي سحبتها إسرائيل خلال السنوات السابقة، ومعالجة ازدواجية القرارات والتشريعات والإجراءات والضرائب والجمارك بين الضفة وغزة والتي نمت وازدادت خلال فترة الانقسام وأثرت على القطاع الخاص وساهمت في ضعفه وعدم نموه .
وكما دعا الطباع إلى البدء الفوري بوضع استراتيجية عاجلة من خلال عقد مؤتمر اقتصادي بمشاركة كافة الأطراف ذات الشأن والعلاقة بالاقتصاد لمعالجة التشوهات في الاقتصاد الفلسطيني والتي أدت إلى ضعف نموه وساهمت في انخفاض الناتج الإجمالي لكافة الأنشطة الاقتصادية وتسببت في ارتفاع معدلات البطالة والفقر إلى معدلات كارثية.
وطالب الطباع الحكومة بأن تعمل جاهدة على وضع خطط سريعة لتسريع وتيرة عملية إعادة الأعمار لقطاع غزة ووضع خطة لإعادة إنعاش وتعويض القطاع الاقتصادي حيث انه مغيب كلياً عن عملية إعادة الأعمار.