استنسخت واشنطن شروط نتنياهو فيما يتعلق ب المصالحة الفلسطينية وإمكانية تشكيل حكومة وحدة وطنية تكون قادرة على إعادة القطار الفلسطيني إلى مساره السياسي والاقتصادي الصحيح.
المبعوث الأميركي الخاص لعملية السلام جيسون غرينبلات اشترط على أي حكومة فلسطينية مقبلة أن تلتزم بما أسماه نبذ العنف - وكأن هواية الفلسطينيين هي العنف أو أن الفلسطينيين موسومون بالعنف ما لم يثبتوا عكس ذلك - والاعتراف بدولة إسرائيل، ونزع سلاح من وصفهم المسؤول الأميركي بالإرهابيين، والالتزام بالمفاوضات السلمية.
الولايات المتحدة تفرض شروطها على الجانب الفلسطيني دون النظر إلى الممارسات العدوانية الإسرائيلية بدءاً بالاستيطان وتشريد المواطنين من مناطق سكناهم وليس انتهاء بهدم البيوت وتدمير المزارع.
الغريب في تصريحات المسؤول الأميركي هو الالتزام بالمفاوضات السلمية.. وبصرف النظر عن وجود هذه المفاوضات من عدمه، فإن السلطة الفلسطينية لا خيار أمامها إلاّ المفاوضات السلمية.. وهل سمع غير ذلك خلال العقد الأخير.
الشروط الأميركية تتعمد وضع العصا في دواليب عملية مسيرة السلام المعطوبة، بمعنى القضاء على أي إمكانية لإصلاح هذه العملية في المستقبل.
ازدواجية المعايير الأميركية تتمثل في رؤية ما يدور في الساحة الفلسطينية وتسليط الضوء باتجاهها، وفي الوقت نفسه تجاهل السياسات الإسرائيلية. فعلى سبيل المثال، في الحكومة الإسرائيلية أكثر من 3 أحزاب إسرائيلية على الأقل لا تعترف بحقوق الشعب الفلسطيني، وحتى أن بعضها لا يعترف بوجود الشعب الفلسطيني، ويطالب علناً بتهجير الشعب الفلسطيني، فأين الموقف الأميركي من هذه الأحزاب ومواقفها؟
في الحكومة الإسرائيلية وزراء يدعون إلى ضم الضفة الغربية وتهويد كامل للقدس واعتبار القيادة الفلسطينية إرهابية... فأين الموقف الأميركي من هؤلاء الوزراء وتصريحاتهم التي وصلت في بعض الأحيان إلى المطالبة باغتيال الرئيس محمود عباس ؟
لا ندري إن كانت واشنطن تصف هذه التصريحات بالإرهابية أم لا؟
كان حرياً بالمسؤول الأميركي أن يشيد بالمصالحة الفلسطينية لأن نجاحها يعني الإجماع الفلسطيني على أي تسوية سلمية حقيقية في المستقبل.
شروط واشنطن رحب بها رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو ، لأنه يعلم أن تحقيق مثل هذه الشروط بالمنطق الإسرائيلي أمر مستحيل. فليس لأحد الحق في أن يجبر حركة حماس على الاعتراف بإسرائيل، ومثلما تعتبر سلطات الاحتلال أن لها الحق في تصنيف حركة حماس إرهابية، فللحركة الحق، أيضاً، في تصنيف دولة الاحتلال إرهابية.. إلاّ إذا كانت المعايير المزدوجة هي الأساس في التعامل مع الفلسطينيين.
واشنطن مطالبة اليوم إذا ما أرادت فعلاً تسوية حقيقية للقضية الفلسطينية بأن تتوقف عند كل الإجراءات الإسرائيلية خلال الأشهر الماضية التي دمرت ما تبقى من عملية السلام، واغتالت عمداً أي فرصة حقيقية لاستئناف المسيرة السلمية.
واشنطن مطالبة اليوم بموقف حقيقي تجاه سياسة الاستيطان التي أعلن وزير الجيش الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، أول من أمس، أن عمليات الاستيطان في الضفة الغربية و القدس لم تشهد مثيلاً لها منذ أكثر من عقدين من الزمن. وعلى الرغم من ذلك لم نسمع حتى مجرد ملاحظة أميركية على هذا العدوان الاستيطاني... وكأن هناك ضوءاً أخضر من المتنفذين في البيت الأبيض.
ازدواجية المعايير الأميركية ستساهم فقط في تعقيد المواقف، ولن تكون أبداً في صالح الإدارة الأميركية التي أعلنت أكثر من مرة أنها تنظر إلى تحقيق سلام حقيقي في المنطقة.
abnajjarquds@gmail.com

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد