إسرائيل تتذكر 3 حوادث مؤلمة: أسست للانسحاب
القدس / سوا / تاريخياً لـ"حرب لبنان الأولى" وتجارب قبل الانسحاب من لبنان، نشرت صحيفة هآرتس الاسرائيلية مقتطفات من كتاب اعتبرته بالغ الأهمية يوثق بعض ما جرى في جنوب لبنان قبيل فترة من الانسحاب، وأهمها اصطدام طائرتي هليكوبتر بالقرب من مقبرة صغيرة في كيبوتس دافنا، في العام 1997، كحدث أسهم بوضع خطط الانسحاب.
في غضون بضع سنوات أصبح رأي الأقلية التي تؤيد الانسحاب من لبنان يشكل الأغلبية، تحت تأثير سقوط طائرتي هليكوبتر خلف 73 قتيلاً، وحادثة البحرية الخاصة في الأنصارية جنوب صيدا في أيلول 1997 التي خلفت 12 قتيلاً، بالإضافة إلى مقتل العميد الجنرال إيرز غيرستين، قائد وحدة الاتصال في الجيش الإسرائيلي في لبنان، في انفجار الأجهزة التي وضعها حزب الله قرب حاصبيا. ودعوة ايهود باراك، في حملته الانتخابية في مواجهة بنيامين نتنياهو إلى الانسحاب من لبنان، وتنفيذ وعده في أيار 2000.
كتاب "زهور اليقطين: قصة جندي"، الذي اقتبست منه هذه المعلومات، هو لماتي فريدمان، صحافي كندي المولد هاجر إلى إسرائيل في فترة المراهقة في التسعينيات، وجند في وحدة مضادة للدبابات في لواء ناحال، وخدم في لبنان لسنوات برتبة رقيب ما بين حادثة طائرتي الهليكوبتر والانسحاب.
ويروي الكتاب قصة حياة عناصر في موقع أمني متقدم في لبنان عُرف باسم اليقطين، منذ منتصف التسعينيات، حيث كان 10 جنود من سرية الهندسة في لواء ناحال في إحدى المروحيات في طريقهم لتقديم تقرير عن الوضع في الموقع الأمني وقتلوا في تحطم طائرة الهليكوبتر.
الكتاب يدرس الاختلافات بين رؤى الشرق الأوسط الجديد، التي طرحها شمعون بيريز في سياق اتفاقيات أوسلو والقتال غير المجدي الذي كان يجري خلال تلك السنوات في جنوب لبنان. ويبدو أن لبنان في تلك الأيام، وفق الكاتب، كان قد اختفى تقريباً من الذاكرة العامة لإسرائيل، رغم أن القتال فيه ترك انطباعاً عميقاً عند جميع الذين شاركوا فيه. وفي الوقت نفسه أثر القتال في لبنان، وفق فريدمان، على النظرة العسكرية لمعظم أعضاء هيئة الأركان العامة، الذين خدموا في المنطقة الأمنية، كما قادة السرايا والكتائب.
ويرى الكاتب أنه، في حينها، لم تكن هناك أي انتصارات بطولية من الجانبين، كما أن الجمهور الإسرائيلي أصبح يشعر بقلق متزايد في مواجهة الخسائر التي تتراكم خلال القتال. ما دفع الجيش الإسرائيلي ليصبح أكثر رسوخاً في معاقله.
ويكشف الكتاب عن أسباب كارثة طائرتي الهليكوبتر، في العام 1997. فالطبقات الخرسانية التي بناها الجيش الإسرائيلي لتطويق معاقله في الجنوب (سُميت حينها "جدران الأمل") دفعت حزب الله لمحاولة مهاجمة القوافل المتجهة إلى المواقع. وعندما ازدادت الألغام الأرضية على الطرق، بدأ الجيش الإسرائيلي استخدام طائرات هليكوبتر لنقل الجنود من الحصون. مع ذلك، عندما اصطدمت طائرتا هليكوبتر في سماء شمال الجليل في طريقها إلى موقع اليقطين والشقيف، خسر الجيش الإسرائيلي عدداً من الجنود يزيد عما خسره خلال أربع سنوات من القتال في المنطقة الأمنية.
لهجة الكتاب، التي وصفها بعض المحللين الإسرائيليين بالواقعية والحذرة، تستعيد الخبرات المتراكمة من قبل أي شخص مر عبر جنوب لبنان خلال تلك الفترة. فالكتاب الذي وُصف بالمرجع وجد فيه فريدمان بذكاء صلة بين القتال في المنطقة الأمنية، في جنوب لبنان، والانتفاضة الفلسطينية الثانية التي اندلعت بعد أربعة أشهر من الانسحاب من لبنان. وهو بحسب بعض الآراء الإسرائيلية، يعرض أيضاً حجة مقنعة أن قتال فريدمان ورفاقه من ذوي الخبرة في جنوب لبنان، كان في الواقع تجربة الحرب الأولى من القرن الـ21. ما أمن للجيوش الغربية خبرة قتالية واسعة في أفغانستان والعراق بعد هجمات 11 أيلول.