2014/09/20
195-TRIAL-
التمسك والثبات والصمود والبقاء على الأرض الفلسطينية هو غرس ثقافي داخل كل إنسان فلسطيني، وما يجري من حالات هجرة غير شرعية لا نقرّها ولا نحبّذها وندعو للوقوف الجاد بوجهها من قبل الجميع، إلا أن ذلك أيضاً لا يمنعنا من البحث في دوافعها ودلالاتها ورسائلها.
بما لا يدع مجالاً للشك أستطيع أن أجزم أن شريحة عريضة من شباب قطاع غزة بدأت تفكر في الهجرة غير الشرعية للدول الاسكندينافية، وقد تكون حادثة غرق القارب قبل أيام واستشهاد العشرات أحد فصول المأساة التي تتحمل مسئولياتها أطراف عديدة تبدأ من (إسرائيل) ممثلة باحتلالها للأرض الفلسطينية، وصولاً للمجتمع الدولي المتقاعس والمتآمر والمحاصر لشعبنا الفلسطيني، وليس انتهاءً عند القيادات الفلسطينية ممثلة بقيادة السلطة الفلسطينية، والفصائل، والمجتمع المدني، لعجزها الواضح عن توفير أبسط مقومات الحياة والصمود للشباب الفلسطيني.
فما هي دوافع الشباب الفلسطيني للهجرة...؟ وما هي الدلالات السياسية للهجرة غير الشرعية..؟ وما هي رسائل شهداء الهجرة غير الشرعية للقيادة الفلسطينية..؟
أستطيع ان ألخص أهم أسباب ودوافع الشباب الفلسطيني للهجرة بما يلي: 1- فقدان الشباب الفلسطيني للأمل في مستقبلهم سواء الحصول على وظيفة أو عمل، أو الزواج، أو الحصول على مسكن، أو حتى الحصول على مياه عذبة أو تيار كهربائي.
2- شعور متنام لدى الشباب الفلسطيني بغياب العدل والعدالة الاجتماعية.
3- ثلاثة حروب في ست سنوات قد تكون أحد دوافع الهجرة للشباب الفلسطيني، كما أن فشل المسار السياسي والدبلوماسي في تحقيق حلم الدولة يزيد من حالة اليأس وفقدان الأمن والاستقرار عندهم.
4- فشل القيادة الفلسطينية والفصائل والمجتمع المدني في تبني مطالب الشباب والعمل على ترجمتها على أرض الواقع يزيد من حالة اليأس والبحث عن الهجرة إلى الخارج.
5- حالة الانقسام، والاستقطاب السياسي الحاد بين التيارات السياسية الفلسطينية، وضعف فرص تحقيق المصالحة، والعودة لخيارات الشعب كلها أسباب تدفع للتفكير بالهجرة.
6- إعجاب الشباب الفلسطيني بتجربة الدولة الحديثة في أوروبا والغرب وانبهارهم بالحضارة الأوربية بالمقارنة مع ما يجري بالمنطقة العربية من صراعات وتخلف وفساد، قد يكون دافعا للشباب الفلسطيني للتفكير بالهجرة.
أما الدلالات السياسية للهجرة غير الشرعية من الأراضي الفلسطيني تجاه أوروبا فهي خطيرة للغاية لطالما عملت (إسرائيل) عليها من أجل تفريغ الأرض الفلسطينية من سكانها الأصليين، وذلك للمحافظة على المعادلة الديموغرافية، وعليه ينبغي على المسئولين الفلسطينيين والعرب الوقوف بكل حزم لوقفها عبر البحث في أسبابها، والعمل على وضع برامج عمل لتجاوز دوافعها ومسبباتها، وربما تتقاطع المصلحة في ذلك مع دول الاتحاد الأوروبي، لأن خيارات الشباب الفلسطيني الفاقد للأمل ستكون بين خيارين كلاهما مر:
الأول: الإصرار على الهجرة، وهذا سيؤثر على دول الاتحاد الأوروبي التي تعاني أزمة اقتصادية حادة، ويؤثر على مستقبل القضية الفلسطينية التي يشكل الإنسان الفلسطيني وتمسكه بأرضه احد أهم مرتكزاتها.
الثاني: أن يذهب الشباب الفلسطيني نحو التطرف ويصبح يحاكي نماذج جماعات تنشط في العراق وسوريا.
ومن هنا فإن دماء شهداء البحر تبرق برسائلها للقيادة الفلسطينية ولكل مكونات النظام السياسي الفلسطيني، لتقول للجميع: أنتم المسئولون أمام الله وأمام الوطن عن دمائنا، صحيح لم تعطونا الإشارة للخروج والهجرة ولكنكم ساهمتم بشكل مباشر أو غير مباشر لدفعنا نحو ترك وطننا، والبحث عن وطن آخر لعلنا نجد ما لم نجده في أرضنا، فأنتم أهملتم قضايا الشباب وهموم الشباب وطموحات الشباب، فلم تعالجوا مشاكل البطالة ولا السكن ولا التعليم وفشلتم في تحقيق الوحدة الوطنية، وتركتمونا نلقى مصيرنا أمام الثالوث الخطر: المرض-الفقر-الجهل.
وعليه نذكركم بما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية: " اللَّهُ يَنْصُرُ الدَّوْلَةَ الْعَادِلَةَ وَإِنْ كَانَتْ كَافِرَةً وَلَا يَنْصُرُ الدَّوْلَةَ الظَّالِمَةَ وَإِنْ كَانَتْ مُؤْمِنَةً " .
Hossam555@hotmail.com
44
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية