آمال مواطني غزة تغرق في أعماق البحار

99-TRIAL-

غزة /سوا (خاص)/ استمرارًا لمسلسل معاناة سكان قطاع غزة، لم يُكتب لهم أن ينعموا بحياة كريمة في أيّ مكان على وجه الأرض، "برًا وبحرًا وجوًا وحتى على سطح الأرض".

يهرب سكان غزة من موت الحروب والحصار الخانق، فينتظرهم الموت في أي مكان أخر، فحتى من يخرج من غزة هربًا من وضعها الصعب يلحقه الموت في عرض البحر.

وخرج في الآونة الأخيرة مواطنون من القطاع في هجرة غير شرعية حسب ما يصفها البعض، في رحلة عبر البحر أو بطرق أُخرى قاصدين الدول الأوروبية للعيش فيها، أملًا بواقع أجمل.

وفي رحلة الهرب عبر ظُلمات البحار، تلاطمت آمال المواطنين في قطاع غزة بين أمواج البحر العاتية، فلم ينجح الكثيرون في الإمساك بطوق النجاة والوصول لمبتغاهم بحياة كريمة في الدول الأوروبية.

مراسل "سوا" التقى بأقرباء إحدى العائلات التي خرجت من غزة واستقلت مركبًا لنقل المهاجرين عبر البحر متجها نحو أوروبا، لكن المركب الذي يُقلّ أكثر من 400 مهاجر غرق السبت الماضي في سواحل إيطاليا.

أم أحمد عصفور فقدت ابنها وثلاثة أخرين من نفس العائلة في رحلة الموت .

تقول أم احمد المكلومة إن أحمد ترك غزة منذ أكثر من خمسة عشر يومًا برِفقة أولاد عمة، متجهًا عبر معبر رفح صوب الأراضي المصرية ليستقر خلالها في الإسكندرية ليبدأ بعدها رحلة علاجه.

وتضيف: أصيب أحمد في حرب عام 2008-2009 بإصابات بالغة، فقد خلالها يده اليسرى والبنكرياس وأحد كليتيه، ناهيك عن التشوهات التي يعانيها في جسده، بعد أن منع من السفر إلى مصر للعلاج لثلاث مرات.

لم يجد أحمد 25 عاماً من يرعاه ويقدم له المساعدة أو شراء علاجه وهذا السبب الرئيسي الذي دفع أحمد للهجرة إلى الدول الأوربية، كي يتعالج ويعود إلى طبيعته بعد أن أصيب بالحرب، كما تقول والدته.

وتشير أم أحمد وهي تبكي إلى اتصال احمد بها قبل صعوده إلى المركب بساعات قليلة طالباً منها ان تدعو له بان يوفقه الله ويعيده سالماً بعد رحلة العلاج التي كان يحلم بها، ليكن اخر اتصال معها.

بدموع الألم والفرقة تناشد أم أحمد عصفور الرئيس محمود عباس بأن يتدخل لمساعدتها في معرفة مصير ابنها المفقود في البحر.

وتتمنى أم أحمد لو كانت طيراً في السماء لتعرف مصير ابنها.

هي "رحلة الموت" نحو المجهول"، التي يفكر بها الشباب في القطاع في ظل الوضع الصعب بغزة، "فلا عمل ولا رواتب ولا حياة طبيعية يمكِّن استمرارها".

الانقسام الفلسطيني الداخلي الذي حدث عام 2007 كان أحد الأسباب الرئيسية الذي دفع بعض من موظفي السلطة المتواجدين في مصر من مغادرة أراضيها للدول الأوربية بحثًا عن حياة كريمة هناك.

أم فؤاد الدغمة هي الأخرى تنتظر الدقيقة تلو الدقيقة ليخبرها أحد بأن زوجها هو من بين الناجيين القلائل.

تقول أم فؤاد إن الانقسام الداخلي واضطرار زوجي للخروج إلى مصر بعد سيطرة حماس على السلطة وعدم مقدرتي أنا والعائلة زيارته كان السبب الرئيسي لفكرة الهجرة".

وتضيف " أبو فؤاد لم ير أطفاله لأكثر من ثلاثة أعوام، فبعد الحرب على غزة وخوفه على أطفاله قرر أن  يهاجر إلى أحد الدول الأوربية لنلتقي هناك ونعيش بأمان" هذا مكان يحلم به أيضًا أبو فؤاد.

وحملت أم فؤاد السلطة الفلسطينية وحركة "حماس" المسؤولية الكاملة عن فقدان زوجها في البحر.

وبينت إفادات نشرها المركز الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أن مركبًا يحمل 400 راكب، العشرات منهم من غزة بينهم عائلات كاملة وأخرى من العريش خرجت من غزة عام 2007، فيما غرِق آخر قبالة سواحل إيطاليا.

وقال الدكتور رامي عبدو رئيس المركز الأورومتوسطي لحقوق الانسان بغزة، إنه طبقا لما لديه من إفادات فإن المركب الذي يحمل عددا كبيرا من الغزيين، انطلق مساء السبت الماضي 6 سبتمبر من الاسكندرية باتجاه الشواطئ الإيطالية.

ووفق عبدو فإن القارب تعرض يوم الأربعاء الماضي لاصطدام متعمد من سفينة شحن على متنها 6 أشخاص، مبينا أن الافادة الوحيدة التي وصلت من أحد الناجين من عائلة العسولي ويتواجد حاليا في أحد مشافي اليونان تشير إلى أن صدم القارب كان متعمدا، حيث لم يحرك ركاب تلك السفينة ساكنا عندما شاهدوا القارب يغرق.

وأضاف "تناثر ركاب المركب على عرض البحر، ومنهم من توفي على الفور ومنهم من تماسك لساعات، قبل أن تأتي خفر السواحل من دول نعتقد أنها متعددة، عملت على انتشال بعضهم"، مؤكدا أنه لا يوجد لديهم أرقام بالأحياء ولا بالوفيات نعمل على التواصل مع السلطات في كل من ايطاليا واليونان وتركيا بالخصوص.

وعن القارب الذي خرج من بنغازي الليبية، بين عبدو أن المرصد تلقى نداء استغاثة وعملوا على التواصل مع الجهات المعنية، القارب أقرب للمياه الاقليمية الليبية، وعلى متنه عدد قليل من سكان غزة نحو 10 إلى 15 حسب ما حصل على معلومات.

وأشار إلى أنه انقطع الاتصال بالقارب، فيما أعلنت السلطات الليبية عن غرق قارب آخر قبالة تاجوراء على متنه أفارقة ولا يوجد على أي فلسطيني.

123
اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد