ولكنه كبيرٌ في القامِ والمقامِ وصغيرٌ فقط في عمرِ السنين، له مجموعاتٌ شعريةٌ وأخرى أدبية، له في الهندسةِ باعٌ وفي الإعلامِ باعٌ أخر، له خبرةٌ في الإعلامِ الجديد والقديم، له إطلاله ونظره ثاقبة، له مستقبلٌ مشرق.

من الغريبِ أن تجدَ في المنظومةِ العربيةِ وزيراً شاباً، والأغربُ أن يكونَ في النسقِ الفلسطيني، الوزيرُ الشاب لا يتعدى الأربعين عاما، يحملُ على عاتقِه حقيبةَ وزارةِ الثقافةِ الفلسطينية فالحديثُ يدورُ عن الدكتور إيهاب بسيسو، في الحقيقيةِ لست على معرفةٍ بالوزيرِ ولم نلتقي من ذي قبل ولكن كان يدورُ بيننا اتصالاتٌ بحكمِ منصبهِ كمديرِ مركزِ الإعلام الحكومي والناطق باسمِ حكومة الوفاق الوطني الفلسطيني بداية من يونيو/حزيران 2015.

إلا أن معالمَ المشاهدِ الثقافية الفلسطينية بدأت بالتحولِ في عهدِ الوزيرِ الشاب، لتشكلَ نواةً حقيقيةً نحو اهتمامٍ عالمي بالثقافةِ الفلسطينيةِ من خلال اللقاءاتِ والمشاورات التي يعقدُها الوزيرُ الشاب بين الحين والآخر سواء مع الكتابِ الفلسطينيين أو الكتاب العرب، أو من خلال زيارتِه الناجحة لعددٍ من العواصمِ العربيةِ والأوروبية لإرساءِ دعائمَ جديدةٍ للثقافةِ الفلسطينية، وإبراز دورها في مقاومةِ الاحتلال الإسرائيلي.

قرابةَ العامِ أمضاها الوزير د. ايهاب بسيسو في منصبِه شهد ذلك العام تحركا ثقافيا فلسطينيا مُقدرا، تخلله العديدُ من الفعاليات واللقاءات وحضور معارض دولية والمشاركة فيها وأصبح الحديثُ عن وزارةِ الثقافة وكأنها خليةٌ فاعلةٌ في المجتمعِ وهذا ما نريدُه بالفعل .

سيادة الوزير :

عطفا على ما سبق فإن ذلك الواقعَ الحقيقي للثقافةِ الفلسطينيةِ وأن ذلك هو المطلوبُ من وزارةِ الثقافةِ والمؤسسات والمراكز الثقافية الفلسطينية في رفعِ راياتِ النضالِ الثقافي الفلسطيني في المحافلِ الدولية عملا بالقاعدةِ التي أسسها نابليون بونابرت عندما قال " أرهب صرير الأقلام أكثر من أصوات المدافع"، وعملا بالقواعدِ وأُسسها فإن الواقعَ الثقافي الفلسطيني ينحصرُ يوما بعد الأخر، وإن غيابَ المشهدِ الثقافي في الأراضي الفلسطينية في قطاعِ غزة والضفةِ الغربية بفعلِ الانقسامِ والفقرِ والحصارِ والاحتلالِ ... الخ، يحتمُ على وزارةِ الثقافة إحياء تلك الفعالياتِ الثقافية التي تهدفُ الي الحفاظِ على الموروثِ الثقافي الوطني والتي يسعى الاحتلالُ الإسرائيلي إلي طمسِ معالمِها من خلال التحضرِ في الضفةِ الغربيةِ و القدس وإشغالِ الناسِ في همومِ حياتِهم اليومية في قطاع غزة.

سيدي الوزير:

الشعبُ الفلسطيني لا يمثلُ الا ذكرى بدءاً من ذكرى الانطلاقةِ ومرورا بيومِ الارض ووصولا الي  ذكرى النكبة ِ ثم النكسةِ ثم ذكرى انتفاضةِ الحجارةِ ومن بعدها حرق منبر صلاح الدين في المسجد الأقصى وذكرى انتفاضة الأقصى ومن ثَمّ انتفاضة القدس وذكرى وفاة الشهيد ياسر عرفات وانتهاءً بيومِ التضامن مع الشعبِ الفلسطيني، إن كلَّ ما سبق هي معالمٌ ثقافيةٌ ثوريةٌ فلسطينية بامتيازِ يفتخرُ بها الشعبُ الفلسطيني أينما حل وارتحل، وغالبا ما نسمعُ عن صالوناتٍ أدبيةٍ وفكريةٍ تناقشُ واقعَ الشعبِ الفلسطيني الثقافي عبر تلك الذكريات وذلك يعودُ للنقصِ في الصالونات الفكرية والأدبية في رُبوعِ الوطن فربما نجدُ واحداً في رام الله واخر في غزة وما دون ذلك تبقى اجتهادات شخصية لبعضِ المثقفين المثقلين بهمومِ السياسة والرقابةِ والأمن فيفضلون الجلوسَ في بيوتهم ويجمعون من حولِهم الأصدقاءَ يتفاكرون ويتباحثون في أحوالِ الأمةِ في غرفٍ مغلقة.

إن المطلوبَ في المرحلةِ القادمةِ أن تكونَ وزارةُ الثقافةِ فاعلةً أكثرَ من خلالِ صناعةِ أيام ثقافية ومهرجانات أدبية ومعارضَ فنيةٍ تتحدثُ عن الفلسطيني المثقف والفلسطيني المناضل ولا أخفيك أنّ هناك غياباً واضحاً بين صفوفِ عددٍ كبيرٍ من الشبابِ لبعضِ الرموز الثقافية الفلسطينية ولا يعرفون عن الثقافةِ إلا الشاعرَ الكبيرَ الراحل محمود درويش، وعند سؤالي لأحدِ الشبابِ عن مدى معرفته بالفنان "ناجي العلي" قال : لقد سمعت بهذا الأصم أهو مدرب دبكة؟

لا ألومُ الشبابَ لوصولِهم إلي هذا الحد بل علينا أن نلومَ أنفسَنا بأن ثقافتَنا ومثقفينا غائبون عن المشهدِ وليس لديهم أدواتٌ كافيةٌ للتغريدِ خارج السرب وهم غيرُ قادرين على ترويجِ أنفسِهم خاصة في ظلِّ ثورةِ التواصل الاجتماعي الذي اجتاحت العالم، دون أن يستفيدَ منها عددٌ كبيرٌ من المثقفين والكتاب والأدباء والشعراء الفلسطينيين، عليكم دعم المواهب الشابة وتوصيل رسالتها للعالم أجمع، ويأتي ذلك من خلال تشجيعِ المبادراتِ الفردية والجماعية على تشكيلِ نواةٍ جديدةٍ تعملُ على إعادةِ المشهدِ الثقافي الفلسطيني إلي الواجهةِ من جديد.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد