مع اقتراب العام الجاري 2016 على نهايته, واستعداداً للعام الجديد2017, فان الاقتصاد الفلسطيني خاصةً في قطاع غزة يعاني من سياسة الحصار الإسرائيلي للعام العاشر على التوالي، والمواطن يعلنها صراحةً نحن موجوعون بوضع لا يمكننا الاستمرار فيه أو تحمله إلى مدى طويل، حيث ما أن تنتهي أزمة حتى تبدأ أخرى وتبقي الحلول المؤقتة هي العنوان لكافة الأزمات التي يعاني منها قطاع غزة الذي يقطن فيه حوالي 2 مليون نسمة, لا كهرباء ولا مياه ولا معابر ولا عمل وما يترتب على هذه الخدمات من تعليم وصحة وحرية حركة وإعادة إعمار وغيرها من الحقوق التي يحرم منها أهالي القطاع , حيث أن هناك تحديات وعوامل رئيسية حول أسباب تفاقم أزمات غزة التي تبدو متكررة ومتواصلة.

- العامل الأول: استمرار الاحتلال الإسرائيلي وما يفرضه من تبعية قسرية للاقتصاد الفلسطيني لنظيره الإسرائيلي الذي أفقد الجانب الفلسطيني القدرة على حل هذه الأزمات.

- العامل الثاني: هو الانقسام الفلسطيني البغيض الذي تعمق بعد عشرة سنوات من الفصل.

- العامل الثالث: تزايد حالة عدم اليقين السياسي والاقتصادي.

-العامل الرابع: تداعيات الأداء الاقتصادي على معدلات البطالة والفقر التي ظلت ضمن مستويات مرتفعة وانخفاض في معدلات النمو الاقتصادي وقيمة الناتج المحلى الإجمالي وانخفاض نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي وبالأخص في قطاع غزة.

* المؤشرات الاقتصادية لعام 2016:

يطوى عام 2016 صفحاته, فيما تسجل أيامه الأسوأ في تاريخ الاقتصاد الفلسطيني من حيث معدلات البطالة والفقر وتفاقم أزمة الكهرباء ومشكلة الاعمار والكساد الاقتصادي وانخفاض معدلات النمو الاقتصادي, حيث أن المؤشرات الاقتصادية لعام 2016 مليئة بالمؤشرات السلبية التي انعكست بشكل تلقائي على الوضع الاقتصادي في قطاع غزة, حيث أجمعت المؤسسات والمنظمات الدولية ومن ضمنها البنك الدولي أن اقتصاد قطاع غزة ضمن أسوأ الحالات في العالم , حيث شهد عام 2016, ارتفاع في معدلات الفقر والبطالة وانعدام الأمن الغذائي . وبحسب مركز الإحصاء الفلسطيني الذي تحدث عن أرقام مخيفة وصادمة في الاقتصاد الغزي فان معدلات البطالة في القطاع خلال الربع الثالث من عام 2016 وصلت إلى 43.2%, وبحسب تقارير البنك الدولي فان معدلات البطالة في قطاع غزة تعتبر الأعلى عالمياً, بينما تجاوز عدد العاطلين عن العمل أكثر من 218 ألف شخص, وكما تجاوزت معدلات الفقر والفقر المدقع حاجز 65%, وان عدد الأشخاص الذين يتلقون مساعدات اغاثية من الاونروا والمؤسسات الاغاثية الدولية تجاوز المليون شخص بنسبة تصل إلي 60% تقريبا من سكان القطاع , أما نسبة انعدام الأمن الغذائي في القطاع فكانت تزيد على 72% لدى الأسر في قطاع غزة.أما بالنسبة لعملية إعادة الاعمار في القطاع, فشهدت تباطؤ كبير مما يؤدي إلي سوء الأوضاع الاقتصادية على مختلف المستويات عبر التضخم في معدلات الفقر والبطالة وانخفاض معدلات النمو الاقتصادي وانخفاض نصيب الفرد من الناتج المحلي, بالإضافة إلي انخفاض إجمالي الاستهلاك وإجمالي الاستثمارات الخاصة والعامة. حيث أن كل هذه العوامل والتحديات جعلت النمو الاقتصادي في القطاع محدود للغاية والمؤشرات التي يتم القياس بها كانت مؤشرات سلبية خلال السنوات الأخيرة مما أدى إلي الحد من قدرته على النمو وتحقيق التنمية المستدامة. للأسف ملفات أزمات قطاع غزة المتلاحقة والمتواترة والمتجددة وخصوصاً الاقتصادية المتدهورة تنذر بانهيار المنظومة الاقتصادية في القطاع , وتنذر بأوضاع كارثية لم يشهدها القطاع منذ عام1967.

أزمات اقتصادية بأبعاد سياسية:

إن المشاكل والأزمات التي يعاني منها قطاع غزة السابقة الذكر لها تأثير سلبي ينعكس على مسار الحياة اليومية للمواطن الغزي.

كيف لنا أن نتصور لحياة تقوم على كهرباء, وغاز مياه , وحرية التنقل, واعمار, وعمل, وهي غير متوفرة في القطاع لأنه يعاني منها والتي تعتبر المتطلب الأساسي لكل إنسان وبالتالي تنغص حياته, فهو يعيش حالة من الضنك والمعاناة لأنه لا يستطيع أن يتوصل لحلول لها, وهي ليست في متناول اليد ولا يملك اتجاهها شيء.

إن ما يعانيه قطاع غزة تحديداً هي مشاكل وأزمات متميزة ينفرد بها دون بقية البشر, تحتاج لحلول ليست في متناول الفرد وهي مسؤولية السلطة الحاكمة في غزة ومسؤولية الانقسام البغيض الذي قسم أبناء الوطن الواحد إلي قسمين, فهي أزمات ذات أبعاد اقتصادية تؤثر على الحياة اليومية وليست منعزلة بل مرتبطة بالإبعاد السياسية والاجتماعية. والسؤال هنا هل من حلول للمشاكل والأزمات الاقتصادية؟ وهل إسرائيل هي فقط المسئولة عن الأزمات التي تعاني منها؟ نعم الاحتلال الإسرائيلي سبب، ولكن لنعمل من أجل تحييد هذه "الشماعة" إذن، الكل موجوع، الموظف الملاحق بالديون، والتاجر الذي يشكو الكساد، والعامل الذي لا يجد فرصة عمل، والخريج الذي ذهبت أحلامه سدى، مَن السبب؟ وكيف؟ ولماذا أصبح جسدنا الاقتصادي شبه مفكك؟ ولا مستفيد من ذلك سوى قلة قليلة وحسب الشطارة .. كلها أزمات اقتصادية بأبعاد سياسية....

إن الأزمات والمشاكل الاقتصادية لقطاع غزة لا تحتاج إلى علاجات ترقيعية أو علاجات مسكنة لتهدئة الجسد الاقتصادي لفترة زمنية، لتعاود الأمراض الاقتصادية والمالية نهشه بقوة أكبر... غزة تحتاج إلى علاج جذري لكافة أزماتها ومشاكلها..

في النهاية.... أتمنى أن يحمل عام 2017 رؤية اقتصادية بعيدة عن الرؤية السياسية وان يكون هناك توحد في التوجه الاقتصادي بين قطاع غزة والضفة الغربية, وهو من شأنه أن يؤدي إلي تحقيق تنمية حقيقية تعمل على خلق فرص اقتصادية لكافة أطياف المجتمع الفلسطيني.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد